موجة غضب
بعد حرب غزة.. هل ستنتهي حقبة حكومة نتيناهو؟
حكومة نتيناهو في خطر بعد أن تسببت عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي في زلزال مدو في إسرائيل، وتتمدد آثارها العسكرية لتشمل النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحتى على الصحة العقلية على الإسرائيليين على المدى البعيد كما تؤكد دراسة نشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، ففي الكيان الذي تأسس جيشه قبل دولته، يؤثر كل ما هو عسكري على جميع مؤسسات الدولة.
وتسبب الفشل الذريع لحكومة الاحتلال، بقيادة بنيامين نتنياهو، في التنبؤ بهجوم حركات المقاومة الفلسطينية، أو مواجهة الهجوم وآثاره، في موجة من الغضب بين الإسرائيليين، وداخل صفوف جيش الاحتلال والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، واهتزت الثقة في نتنياهو وقدرته على قيادة الإسرائيليين، وأصبح سقوطه وشيكا، بعدما منحته الحرب على غزة قبلة الحياة لاستمرار الحكومة، بحجة القضاء على حركة حماس واسترداد المحتجزين الإسرائيليين في القطاع، وهو ما لم ينجح فيه حتى الآن، وربما يكون ذلك أحد أسباب رفضه الشديد لوقف العدوان على غزة.
أيام نتنياهو معدودة
نتنياهو يدرك تماما أن أيامه في الحكم صارت معدودة، وأنه «فقد ثقة الشعب والعالم والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية ولا يمكنه الاستمرار في منصبه رئيسا للحكومة»، كما يردد دائما زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد.
ويبقى السؤال، من يخلف نتنياهو في سدة الحكم في إسرائيل؟ ومن لديه رؤية لما بعد زلزال السابع من أكتوبر، وما بعد وقف العدوان على غزة؟ خاصة بعدما فقدت إسرائيل سمعتها التي كانت تروج لها بسبب المجازر المرتكبة في القطاع وحرب الإبادة الجماعية التي أثارت غضبا دوليا، حتى من حلفاء إسرائيل أنفسهم.
تركة ثقيلة يتركها نتنياهو لمن يخلفه، وربما سيكون عليه مواجهة تركته الشخصية، في مواجهة محاكمته في الداخل على جرائم الفساد المتهم بها، وفي الخارج على جرائم الحرب، إذا نجح الفلسطينيون في رفع القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية.
والحكومة الإسرائيلية الحالية، والتي توصف بالأكثر تطرفا في تاريخ الكيان الصهيوني، تتشكل من أحزاب يمينية ويمينية متطرفة، ويتصدرها حزب الليكود الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو، والذي حصل على 32 مقعدا في الكنيست، وشريكه في الائتلاف الحكومي للحزب الإسرائيلي الديني بقيادة بتسلئيل سموتريتش، ومعهما حزب عوتسماه يهوديت "العظمة اليهودية" بقيادة ايتمار بن غفير، وحزب نوعم بزعامة آفي ماعوز، وهي ثلاثة أحزاب خاضت الانتخابات الإسرائيلية في تحالف، ولكنها انفصلت بعد ذلك.
ولمعرفة المرشحين لخلافة نتنياهو في قيادة حكومة الاحتلال، نتعرف أولا على الخريطة السياسية في إسرائيل، وزعماء الائتلاف الحاكم الحاليين وزعماء المعارضة بأطيافها المختلفة.
زعماء الائتلاف الحاكم في إسرائيل
ايتمار بن غفير
بدأ ايتمار بن غفير حياته السياسية في حركة كاخ المتطرفة، والتي أسسها الحاخام الشهير والمتطرف مائير كاهانا، وهو معروف بمواقفه العدائية والمتطرفة تجاه العرب والفلسطينيين، ويواجه العديد من التهم بقيادة والاشتراك في أحداث شغب وتخريب ممتلكات والتحريض على العنصرية وتأييد منظمات إرهابية، إضافة إلى تكرار اقتحامه للمسجد الأقصى المبارك.
ويتولى إيتمار بن غفير، المحامي والناشط السياسي، رئاسة حزب "العظمة اليهودية "عوتسما يهودت"، وهو أحد أعضاء الكنيست الإسرائيلي.
وزوجة بن غفير هي أيالا نمرودي، والتي يقول عنها "إنها الفرع الأرثوذوكسي للعشيرة"، وأنجب منها 5 أطفال، وتعيش أسرته في مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي الخليل الفلسطينية.
بتسلئيل سموتريتش
ربما خطف ايتمار بن غفير الأضواء باعتباره أكثر الوزراء الإسرائيليين تطرفا، ولكن هناك من ينافسه أيضا في التطرف والعنصرية ضد العرب والفلسطينيين، وهو بتسلئيل سموتريتش.
وسموترتش مولود في مستوطنة إسرائيلية دينية في مرتفعات الجولان السورية المحتلة، ولكنه نشأ في مستوطنة بيت إيل بالضفة الغربية المحتلة، لأب كان حاخام أرثوذكسي، ولذلك تلقى سموترتش تعليميا دينيا.
وفي 2019، تولى سموتريتش وزارة المواصلات، كما كان عضوا في مجلس الأمن ضمن الحكومة الإسرائيلية الانتقالية، وبعد انتخابات الكنيست، حصلت قائمته على 14 مقعدا، منها سبعة مقاعد لحزب "الصهيونية الدينية" الذي يتزعمه، وبذلك أصبح عضوا في الائتلاف الحكومي، وتولى وزارة المالية، كما تولى حقيبة وزارية في وزارة الأمن.
فرص شركاء نتنياهو في الحكم
وفرص شركاء نتنياهو في قيادة ائتلاف الحكومي من بعده ضعيفة، خاصة في حال سحبت الثقة من الحكومة بكاملها، ويتبقى وقتها امام الرئيس الإسرائيلي خياران، إما بقاء الحكومة مع رحيل نتنياهو، وفي تلك الحالة تتولى شخصية جديدة زعامة حزب الليكود، والذي سيكون عليه اقناع باقي الشركاء في الائتلاف الحاكم بالبقاء معا، ومنع المعارضة من الوصول للسلطة.
وأقوى الشخصيات الحالية في حزب الليكود، والمرشحة لخلافة نتنياهو في زعامة الحزب اليميني، وبالتالي الترشح المحتمل لرئاسة الحكومة الجديدة، هما وزير الخارجية إيلي كوهين، ووزير الدفاع يوآف جالانت.
يوآف جالانت
يوآف جالانت، جنرال إسرائيلي مولود في عام 1958 لأبوين بولنديين، ادعيا أنهما نجيا من «الهولوكوست»، ثم هاجرا إلى فلسطين المحتلة عام 1948.
وتولى جالانت تولى قيادة قطاع غزة عام 1997، وفي 2002 حصل على رتبة جنرال، وشغل منصب السكرتير العسكري لرئيس حكومة الاحتلال أرييل شارون، وفي ديسمبر 2022، عينه نتنياهو وزيرا للدفاع خلفا لبيني جانتس.
إيلي كوهين
إيلي كوهين، وزير الخارجية الإسرائيلي المنتمي لحزب الليكود، من مواليد 1972، وهو محاسب وسياسي إسرائيلي بارز، وعرف عنه توليه مناصب أمنية حساسة، وكان قد تولى في حكومة سابقة برئاسة نتنياهو منصب وزير الاستخبارات، كما أنه معروف بقربه من نتنياهو داخل حزب الليكود.
وزار إيلي كوهين أثناء عمله وزيرا للاستخبارات عددا من الدول العربية، ولعب دورا بارزا في تطبيع العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية.
زعماء المعارضة الإسرائيلية
يائير لابيد
يائير لابيد إعلامي وسياسي إسرائيلي، كان قد بدأ حياته المهنية بالعمل مراسلا صحفيا مع مجلة تابعة لجيش الاحتلال، وقرر دخول عالم السياسة عام 2012، عندما أسس حزب "هناك مستقبل" Yesh Atid. وهو معروف بتوجهه الليبرالي، كما يؤيد إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين، لكنه يشترط بقاء المستوطنات وعدم تقسيم مدينة القدس المحتلة.
ويائير لابيد مولود في مدينة تل أبيب، وشغل والده يوسف لابيد منصب وزير العدل من قبل، أما والدته شلوميت لبيد فهي أديبة وكاتبة مسرحية وشاعرة، ويعرف عن لابيد، أنه يهوى رياضة الملاكمة، كما يحب الفنون القتالية.
وأسس يائير لابيد في عام 2012، حزب يش عتيد، كما عينه نتنياهو وزيرا للمالية لفترة وجيزة.
وكان حزب يائر لابيد يش عتيد فاز بالمرتبة الثانية في الانتخابات الإسرائيلية قبل الأخيرة، عندما حصل على 17 مقعدا في الانتخابات الأخيرة، ما مثل مفاجأة مدوية.
وبعدها، وافق زعيم حزب «يمينا» الإسرائيلي نفتالي بينيت، على تشكيل حكومة ائتلافية مع يائير لابيد، ليتمكنا معا من الإطاحة ببنيامين نتنياهو من رئاسة حكومة الاحتلال.
وبعد عودته إلى صفوف المعارضة، وتولي نتنياهو رئاسة الحكومة من جديد، دأب لابيد على مهاجمة نتنياهو، وخاصة بعد هجمات السابع من أكتوبر، وقال إن نتنياهو لم يتعلم شيئا منذ 7 أكتوبر، وبالتالي لا يمكنه الاستمرار في الحكم، ووصف لابيد استمرار نتنياهو في قيادة الحكومة بالخطر الكبير.
بيني جانتس
بيني جانتس، سياسي وقائد عسكري سابق، مولود في عام 1959، وتدرج في المناصب العسكرية حتى وزارة الدفاع في ائتلافين حكوميين سابقين.
كما شغل بيني جانتس منصب نائب رئيس الوزراء ورئيس الحكومة البديل في حكومة الطوارئ الوطنية المشكلة بقيادة نتنياهو في عام 2020.
كما انضم جانتس إلى مجلس الحرب المنبثق عن حكومة الطوارئ التي شكلها نتنياهو لإدارة العدوان على غزة بعد عمليات السابع من أكتوبر.
وكان بيني جانتس قاد جيش الاحتلال في العدوان على قطاع غزة في عملية عمود السحاب عام 2012، وقاد أيضا عملية الجرف الصامد على القطاع في عام 2014، والتي استمرت 51 يوما.
ودخل جانتس عالم السياسة عام 2018، ثم أسس حزب «الصمود لأجل إسرائيل»، وفي عام 2019 أعلن عن تحالف انتخابي مع وزير الدفاع السابق موشيه يعلون وحزبه «تيلم»، وبعدها انضم إلى التحالف حزب «يش عتيد» بزعامة يائير لابيد، وتم تأسيس قائمة موحدة تعرف باسم حزب «أزرق أبيض» بقيادة جانتس لخوض الانتخابات العامة عام 2019.
وبعد حل الكنيست في 2022 لإجراء انتخابات مبكرة، أعلن جانتس وجدعون ساعر اندماج حزب «أزرق أبيض» و«الأمل الجديد»، وترشحهم بقائمة مشتركة في انتخابات نوفمبر الأخيرة، لكن نتنياهو وحلفائه فازوا في تلك الانتخابات، ليعود جانتس إلى صفوف المعارضة من جديد، وليصبح أبرز المرشحين لخلافة نتنياهو، حال نجاحه في تشكيل حكومة ائتلافية جديدة تحوز على ثقة الكنيست.