التضاريس وقدسية الأرض وبأس المقاتلين
3 أسباب جعلت المملكة السعودية عصية علي الاحتلال الأجنبي
تشغل المملكة السعودية قلب العالم العربي والإسلامي ليس من الناحية الجغرافية والسياسية فقط، وإنما من الناحية الروحية والإنسانية أيضا.
ورغم أن المملكة السعودية تشغل قلب شبه الجزيرة العربية، إلا أنها ظلت بعيدة عن أيدي القوي الاستعمارية التي احتلت معظم العالم من حولها لعدة عقود .
فطنت الدول الاستعمارية لثلاث حقائق ثابتة، هي كون الجزيرة العربية منطقة صحراوية ذات تضاريس وعرة تصعب على الجيوش السيطرة عليها، لذلك لم تتورط جيوش الدول الاستعمارية بالخوض فيها، كما ان الجزء الغربى من شبه الجزيرة العربية تتمتع بمكانة روحية لدى عموم المسلمين فى شتى انحاء العالم لوجود الحرمين الشريفين "مكة والمدينة" وأى سيطرة عليهما من دولة ليست إسلامية سيثير حفيظة ملايين المسلمين مما يعنى كارثة محققة.
بالإضافة إلي ذلك فإن قبائل الجزيرة العربية عرفت ببأسها وصلابتها في القتال، فضلا عن كونها تتسم بالشيم وعدم الاستسلام لهيمنة الآخر والعنفوان والاعتزاز بالقبيلة، لاسيما وهي تدافع عن أرضها التى تعرف تضاريسها وشعابها جيدا.
وعلى الرغم من مطامع القوى الأوروبية في الجزيرة العربية الفتية، إلا أنها خشيت أكثر من مرة من الإقدام ومحاولة الدخول إليها، والسبب ما يشبه على حد توصيف أحد السياسيين الفرنسيين المعاصرين لتلك الفترة بأن ما تشهده الجزيرة العربية على أيدي السعوديين يذكره بثورة المسلمين علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، حيث تم الإطاحة بعرشي دولة فارس ودولة الروم، من أجل هذا عملت هذه الدول الاستعمارية على التحالف مع الدولة العثمانية، ورغم ذلك كانت الروح الاستقلالية والتمسك بالحكام الشرعيين، هما العاملان الأقوى في قيام المملكة السعودية واستمرارها واذدهارها حتي الآن.
السعودية في مواجهة الاستعمار
وفي الوقت الذي كانت الدول الاستعمارية تعمل علي مد نفوذها في منطقتنا العربية، كان قيام الدولة السعودية الأولى التي تمكنت من بسط نفوذها على كافة أنحاء الجزيرة العربية بما فيها سيطرتها على الممرين المائيين البحر الأحمر في الغرب والخليج العربي في الشرق، فحالت هذه القوة دون تمكين الدول الاستعمارية من أن تكون لها قدم راسخة في الجزيرة العربية، ومن أجل هذا عملت هذه الدول الاستعمارية على التحالف مع الدولة العثمانية لمحاربة السعوديين، بحجة أنهم خرجوا على الشرعية العثمانية، وتمكنوا من إسقاط الدولة السعودية الأولى.
ولكن الأثر السياسي والفكري للدولة السعودية كان المؤثر والحي الذي لم يمت.
فكانت الدولة السعودية الثانية واستماتتها في الحفاظ على عروبة الخليج العربي، ومنع أي تمدد للنفوذ الاستعماري إلى داخل الجزيرة العربية على الرغم من كل التحالفات بين بريطانيا والدولة العثمانية ضد السعوديين في الدولة السعودية الثالثة أو الحديثة بقيادة الملك المؤسس عبد العزيز، الذي اتبع نهج أسلافه في الحفاظ على عدم وقوع أي شبر من بلاده تحت أي نفوذ استعماري.
واستطاع أن يعيد سيطرته على معظم الأنحاء التي امتد إليها نفوذ أجداده في الدولة السعودية الأولى على الرغم من جسامة كل التحديات. وبذلك بقيت أراضي المملكة خارج السيطرة الاستعمارية.
العلاقات الخارجية للمملكة
وقد سار أبناء الملك المؤسس، وحتى عهد الملك سلمان بن عبد العزيز في حرصهم على استقلالية القرار وصيانة البلاد من أي تدخل أجنبي مهما كان نوعه، وهو أبرز ملامح السياسة السعودية في تعاملاتها الدولية.
ويري الكثير من المؤرخين، إن هناك أسباباً عدة كانت من أهم ما أبعد المستعمر عن المملكة العربية السعودية.
فالعلاقة المنبثقة بين الأسرة السعودية وأهل الحل والعقد، وكذلك بين الأسرة السعودية وبين القبائل والأسر والمدن كانت مهمة جداً، كونها عميقة في روابطها واضحة في أهدافها ومبنية على الاحترام المتبادل والمحبة والمشاركة المجتمعية.
ساهم هذ الترابط في مقاومة أي نفوذ أجنبي يطأ المملكة العربية السعودية، وهذا منذ قيام هذه الدولة السعودية الأولى.
واتسمت علاقات المملكة العربية السعودية الخارجية، منذ التأسيس بالمرونة والاحتفاظ بمساحات مشتركة مع معظم دول العالم،وشكلت المملكة السعودية على مدار تاريخها ثقلًا سياسيًا في المنطقة مستفيدة من موقعها الجغرافي المميز وحكمة قادتها حتى جعلت منها نقطة توازن إقليميًا وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط، بينما أكدت المنعطفات التاريخية التي مرت بها المملكة السعودية مدى ما يربط المملكة مع العالمين العربي والإسلامي من علاقات عميقة امتدت لعقود طويلة وتجذرت على مدار السنوات.