منذ العام 2008 وحتى الآن .. أي على مدى 16 عاما تفنن الاحتلال الإسرائيلي في إحكام الحصار على قرابة اثنين مليون ونصف المليون فلسطيني بقطاع غزة ..
الاحتلال لم يترك وسيلة لفرض الحصار ، بل زاد إمعانه في أعقاب السابع من أكتوبر 2023 ، واستحدث أساليب جديدة للموت الجماعي لأهالي قطاع غزة وليس الحصار بقصد التخويف والتركيع .. بوضع العراقيل أمام إدخال الغذاء والدواء للشعب المحاصر ، وفرض شروطه كقوة احتلال لإدخال المساعدات والمستلزمات الطبية والانسانية أمام رضوخ المنظمات الإغاثية التابعة للأمم المتحدة والحكومات الدولية تحت رعاية أمريكية وبريطانية وألمانية وإيطالية وفرنسية ..
حجبت الحكومات المؤيدة والموالية للصهيونية الحقيقة عن شعوبها ، واظهرت المقاومة الفلسطينية المشروعة في ثوب الإرهابيين الذين هم من صناعتهم في الحقيقة ..
بعد أيام من العدوان أظهرت السوشيال ميديا والإعلام غير الموالي للصهيونية وتبعاتها والعاملين بالمؤسسات الإغاثية والطبية والانسانية فظاعة مايجري فظهرت الحقيقة أمام الشعوب وبعض الحكومات التي كانت أبدت تعاطفا وتأييدا للاحتلال ، فانقلب السحر على الساحر .. وتحول المسحور إلى كيان رافض وبات فعلا .
انطلقت ولازالت ، المظاهرات الاحتجاجية في ربوع الأرض حتى الولايات المتحدة الأمريكية ووتوابعها ( لندن وبرلين وروما وباريس وغيرها من العواصم التي تصلي في المحراب الأمريكي ) لايمر يوما ، ولاتخلو دقيقة من مظاهرات عارمة وليست "فوتو شوب" بشوارع العالم تندد بالعدوان الإسرائيلي ليس على المدنيين العزل فقط ولكن على الأرض الفلسطينية بما عليها من جماد ونبات وإنسان ..
شوارع أوروبا تتزين بالعلم والكوفية الفلسطينية ولافتات تطالب بوقف قتل النساء والأطفال والمرضى والمسنيين بقصف المنازل والمستشفيات ومنع إدخال المساعدات لتجويع الشعب واصفين ذلك بحرب إبادة جماعية .. وانتقد المتظاهرون حكوماتهم لصمتهم .
ومن الشوارع المكتظة بالمظاهرات شنت دول إفريقية ودول من قارة أمريكا الجنوبية حربا دبلوماسية ، إذ قامت عشر دول بطرد سفير الاحتلال وأستدعاء سفرائهم ، وأخرون قاموا بقطع العلاقات والتي كان أخرها ماحدث مع البرازيل ، وهناك دولا أوروبية مثل أسبانيا وبلجيكا توترت علاقاتها مع الكيان الصهيوني .. ولاننسى قرار الاتحاد الإفريقي الأخير بطرد إسرائيل كمراقب من الاتحاد..وبذلك نشب حصار دبلوماسي دولي على المغتصب أنتصارا للمغتصبة ..
الحصار أمام المحكمة
الحصار الدولي للكيان وضح جليا أمام محكمة العدل الدولية خلال سماع مرافعة 52 دولة شهد جميعهم باستثناء راعية الكيان وعدد لايذكر من التوابع الأمريكية، بارتكاب الكيان لجرائم حرب وإبادة جماعية للشعب الفلسطيني ،بل إنهم اعترفوا بالجرائم منذ العام 1948 وأبان نكسة 1967 وكأنها رسالة غفران عما ارتكب من جانبهم بمساندة المغتصب ..
وأيضا أمام مجلس الأمن خلال التصويت على المشروع الجزائري بوقف فوري للعدوان على قطاع غزة وسرعة إدخال المساعدات بتصويت 13 دولة بالموافقة وامتناع بريطانيا ولولا الفيتو الأمريكي لصدر القرار .
وفي خضم المواجهة الدبلوماسية الشعبية الدولية ضد الكيان الصهيوني أنتبه العالم للهدف الرئيسي من حرب الإبادة ،ألا وهو التهجير القسري للشعب الفلسطيني وذلك ماكشفت عنه القيادة السياسية والدبلوماسية المصرية منذ الدقائق الأولى للعدوان ، فبات الجميع حتى بعض المؤيدين والمباركين لخطط الكيان رافضين لفكرة تهجير الشعب الفلسطيني قسرا ، منددين ، مؤكدين رفضهم لتكرار نكبتي 48 و67 ..
الاحتلال بقوته وبطشه وقدراته العسكرية وتأمر وصمت بعض الدول والدويلات يحاصر الشعب الفلسطيني ويقتله طمعا في إبادته أو تهجيره قسراً .. لكن الآلة الصهيونية باتت محاصرة شعبيا ودبلوماسيا على مستوى العالم .. ومن هنا يمكننا القول "غزة تحاصر الاحتلال الصهيوني دوليا" .