
الدكتور مبروك عطية أستاذ وداعية أزهري ومفتي ومقدم برامج دينية ويتحول فجأة الى مقدم برنامج حواري مع الفنانين والفنانات، واختار شهر الصيام موعدا لذلك، وسامح حسين فنان معروف ومقبول ويتحول فجأة إلى مقدم برنامج دعوي وتربوي، واختار هو الآخر شهر الصيام موعدا لذلك.
الأول نموذج غير مدروس وينطوي على مقامرة قد تؤدي لسوء عاقبة، والثاني نموذج مقصود ومخطط قد يؤدي لحسن الخاتمة، الأول تصنفه دراسات وبحوث الإعلام إلى المحتوى الخفيف الذي يستهدف التسلية والإمتاع، والثاني يندرج تحت المحتوى الجاد والهادف التسلية والإمتاع تقسمها بحوث الإعلام إلى ترفيه هادف يأتي في توقيت مناسب يحتاجه المواطنون ليستريحوا من عناء التعب والعمل الجاد، بينما يأتي برنامج مبروك عطية ليأخذ من وقت الناس في أيام معدودات، يأخذ من وقتهم في الدعاء، ووقتهم في القيام ووقتهم في قراءة القرآن.
فهل يليق بداعية أزهري معروف وله جمهوره داخل مصر وخارجها أن يأخذ الناس إلى حوارات مع وفاء عامر وسعد الصغير وحسن شاكوش وغيرهم في أيام معدودات يفترض أن تتسابق فيها الأمة كلها في إعادة تأهيل الأنفس وبناء العقول والأفكار؟؟
برنامج كلام مبروك
مبروك عطية في برنامجه الجديد "كلام مبروك" يمثل حالة ضعف لداعية هرول وراء الإعلام فاستخدمه ووظفه لخدمة أغراضه التجارية على حساب وعي الشعب ونهضته، بينما فعل سامح حسين العكس تماما وجال بكل الفضائيات ليوظفها في خدمة الدعوة، ولما استعصى عليه ذلك تحول إلى حالة قوة واستخدم السوشيال ميديا التي نصرخ من أضرارها في خدمة الدعوة والتربية وتنشئة الأجيال أساء مبروك عطية ببرنامجه الجديد للدعوة والدعاة والأزهر وبدأ ينضم الى نوعية إعلام متهمة بدورها في اتساع رقعة التفاهة وضياع الأمة وتشويه العلماء والمشايخ، بينما بدأ سامح حسين في كسب جماهير جديدة للوعي المجتمعي المطلوب في هذه الآونة، وتحسين صورة الفنانين الذين يمكن أن يظهر من بينهم نماذح تخاف على الوطن وشبابه من الانحراف والضياع.
حار الناس في فهم دوافع مبروك عطية من وراء هذا البرنامج الذي لا يناسبه لا شكلا ولا مضمونا، وراح البعض يتهمونه بالجري وراء المال، والحقيقة أن مبروك عطية لا يحتاج إلى مال أو شهرة، وراح الناس يشككون في جديته كمفتي وداعية مستندين إلى أدائه الكاريكاتوري في الرد على السائلين، وينتقدون طريقته التي يقاطع فيها السائلين، وتفتقد إلى آداب الاستماع والحوار، فتح الرجل على نفسه أبواب عديدة كانت محل سكوت واستحياء لم يكن من المناسب مطلقا أن يخصص شهر المراجعة والتوبة والتقوى والنصر والانتصار على النفس إلى فرقعات إعلامية وإلهاء شبابها وتغييب عقولها وضمائرها.
لم يكن من المناسب مطلقا أن نقضي رمضان بحورارات داعية مع فنانين وفنانات وأمننا القومي يتعرض لخطر غير مسبوق، وبجوارنا قدس يضيع، وشعب جريح، وبيوت تدمر، وهوية تكاد أن تندثر؟! كان بإمكان مبروك عطية وفريق اعداده وسياسة قناته أن يفطنوا لبرنامج تسلية هادف يلتقي نجوم الفن الديني ويحاورهم في شخصيات صلاح الدين ومعاوية وعمر بن عبدالعزيز وغيرهم، يناقشهم في اشكاليات الدراما والفن عموما مع التاريخ الإسلامي وسير الصحابة والتابعين، يرسم معهم ملامح رسالة الفن والإعلام في خدمة الدعوة وتربية الأجيال وتنشئتها، لكنها للأسف كبوة العلماء حينما يستخدمهم الإعلام.