يبدو واضحا أن مهمة وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن في الشرق الأوسط، تتبلور حول إنقاذ بنيامين نتانياهو من نهاية مأساوية، يستحقها بالفعل، بعد فشله المحقق في قطاع غزة.
نتانياهو وقادة الجيش ومسئولي الأجهزة الأمنية في تل أبيب، يتبادلون فيما بينهم الاتهامات بالفشل الاستخباراتي في التنبوء بعملية طوفان الأقصي التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في غزة بحرفية واقتدار في السابع من أكتوبر الماضي.
تبادل الاتهامات بين الأجهزة الأمنية المختلفة وعدوي الفشل تسربت إلي قادة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يعاني هزيمة مذلة علي مختلف الجبهات في غزة، رغم القوة الغاشمة والدمار المروع وأعداد الشهداء والضحايا في القطاع.
اهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي كما أعلنها مرارا قبل وأثناء العدوان علي قطاع غزة، تلخصت في تحرير الأسري والمختطفين المدنيين لدي حركة حماس، والقضاء علي فصائل المقاومة الفلسطينية في القطاع وإنهاء حكم حماس لغزة، فضلا عن تصفية القضية الفلسطينية بتهجير الشعب إلي شبه جزيرة سيناء، أو أي بقعة أخري في العالم.
ورغم دخول الحرب شهرها الخامس، لم يتمكن جيش الاحتلال من تحرير أسير واحد بقوة السلاح، ومازالت عناصر المقاومة تقاتل علي مختلف جبهات القتال وتكبده خسائر فادحة في الجنود والآليات والعتاد، إلي جانب تهديد العمق الاسرائيلي بالصواريخ.
الوضع العسكري في الميدان يؤكد أن حماس مازالت تمتلك المبادرة في الهجوم والقتال، ومازال الشعب الفلسطيني في غزة متمسكا بتراب وطنه رغم النزوح المتكرر في وسط وجنوب القطاع وصولا الي رفح علي الحدود المصرية.
كل هذه الحقائق علي الأرض، جنبا إلي جنب مع انهيار الجبهة الداخلية لإسرائيل وتبادل الاتهامات بين القادة، تؤكد أن هزيمة جيش الاحتلال في غزة أصبحت واقعا لا يحتاج لأكثر من إعلان وقف إطلاق النار.
عملية البحث عن مخرج لبنيامين نتانياهو وإدارته المأزومة، هي كل ما يؤجل إعلان هدنة بوقف إطلاق النار في غزة، وهي السبب الحقيقي وراء زيارة وزير الخارجية الامريكي أنطوني بلينكن للمنطقة للمرة الخامسة في غضون أربعة أشهر.
تبحث الولايات المتحدة عما يحفظ ماء وجه إسرائيل، ويعفي نتانياهو ومن معه من مجرمي الحرب من المحاكمة داخل تل أبيب وخارجها.
فالهزيمة التي منيت بها اسرائيل علي يد المقاومة الفلسطينية، هي طوفان جرف أمامه كافة الأساطير التي نسجها جيش الاحتلال حول كفاءته وإمكانياته وتفوقه، لكنها هزيمة حائرة تبحث عن أب بين قادة الكيان الصهيوني في الكابنيت الإسرائيلي.
الكل يتبرأ منها ويلقي بها في حجر الآخر، والمجتمع اليهودي في تل أبيب يبحث عن المسئول، مئات الاف من أسر القتلي والمصابين في الحرب يبحثون عن مسئول، ومثلهم من المستوطنين المهجرين من غلاف غزة والشمال المحتل يبحثون عن المسئول.
لقد أصبح من المؤكد، بحسب كافة المحللين السياسيين، أن قادة الجيش والأجهزة الأمنية سيستقيلون من مناصبهم لحظة انتهاء الحرب على غزة، ولكن يبقي من سيقف إلي جوار نتانياهو في قفص المحاكمة، لاسيما وأن ٩١٪ من الإسرائيليين يرون أن نتانياهو فشل في إدارة الحرب بحسب استطلاع رأي في تل أبيب.
عملية تحرير فلسطين وإعلان الدولة انطلقت مع طوفان الأقصي، ويجب ألا نفرط فيما حققته المقاومة من انتصار.