مات على طاولة المفاوضات
محمد كامل الحويج شهيد مفاوضات طابا.. تجاهله مبارك وكرمته إسرائيل بجنازة عسكرية
الاسم: محمد كامل أحمد عبد الله الحويج، واسم الشهرة محمد كامل الحويج.
المهنة: رائد في الجيش المصري، عضو فريق مفاوضات استرداد طابا.
تاريخ الوفاة: 13 أغسطس 1986
الشهيد ليس من يموت في ساحة المعارك الحربية فقط، فميادين الشهادة متعددة وواسعة، فمنها العسكري، والسياسي، والقانوني، ومن الشهداء من يموت فداء وطنه دون أن ينزف نقطة دم واحدة، مثل الشهيد الرائد محمد كامل الحويج، شهيد معركة استرداد طابا، والذي توفى بسكتة قلبية على طاولة المفاوضات، ويحكي موقع الصفحة الأولى قصة وفاته، وسبب تجاهل تكريمه، عبر السطور التالية.
آخر رسالة من شهيد مفاوضات طابا
وكانت آخر رسالة بعثها الشهيد محمد كامل الحويج إلى زوجته: «أنا راجع من مفاوضات طابا حتى أعيد معاكم»، حيث سافر قبل حلول عيد الأضحى بيومين، ولكنه عاد من تل أبيب ملفوفا بعلم مصر، بعد وفاته أثناء مفاوضات استرداد طابا، قبل أن يرى حلمه يتحقق بتحرير كامل التراب الوطني المصري، ويترك ورائه ولدين، وهما إسلام، وكان عمره سنتين، وأحمد، والذي كان قد ولد منذ أربعين يوما فقط.
والحويج كان ضابط اتصال في جهاز الاتصال العسكري المصري مع الهيئات الدولية، التابع للمخابرات الحربية، كما عمل مسؤولا في مكتب مخابرات «شرم الشيخ» و«رأس النقب» منذ عام 1974، وبسبب إتقانه وإخلاصه الشديد في عمله، وخاصة في مجال المساحة والطبوغرافيا في شبه جزيرة سيناء، اختير ضمن الوفد الرسمي العسكري المصري، المشارك في مفاوضات طابا مع الاحتلال الإسرائيلي، وكان أصغر أعضاء الوفد سنا.
وفاة محمد كامل الحويج على طاولة المفاوضات
وتوفى الرائد محمد كامل الحويج، ابن مركز جهينة بمحافظة سوهاج في صعيد مصر، على طاولة المفاوضات، بينما كان عضوا في الوفد العسكري المصري، الذي خاض مفاوضات طابا عام 1986، قبل الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم.
ولكن المفاوضات توقفت فجأة في الأسبوع الأخير منها، نتيجة وفاة أحد أعضاء الوفد المصري، لتخرج بعدها صحافة الاحتلال واصفة الحويج بالضابط المتشدد والعقبة في سبيل السلام، في إعلانها نبأ الوفاة وتوقف المفاوضات.
جنازة عسكرية إسرائيلية
وحتى الآن، لم يأخذ الشهيد حقه من التكريم اللائق، لأسباب سياسية، كما تؤكد زوجته، برغم أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أقامت له جنازة عسكرية وأرسلت لأسرته برقيات عزاء.
والشهيد الرائد محمد كامل الحويج، حارب وخدم في أرض سيناء الطاهرة، قبل انضمامه، كضابط اتصال، إلى الوفد العسكري المصري في مفاوضات استرداد طابا، والتي عقدت في أغسطس 1986، حيث كان يعمل ليل نهار في تخصصه الذي برع فيه وهو المساحة وطبوغرافيا الأرض.
وكانت هذه المباحثات، التي عقدت في مدينة هيرتزيليا شمال تل أبيب المحتلة، بهدف المسح الميدانى وتسجيل العلامات الحدودية المتنازع عليها، وبشكل خاص العلامة 91 وهي التي تقع عند طابا، وترأس الوفد وقتها السفير نبيل العربي من الجانب السياسي، واللواء أركان حرب فاروق لبيب، رئيس جهاز الاتصال العسكري المصري في المفاوضات.
وفي يوم 13 أغسطس 1986، استمر الاجتماع بين الوفدين المصري ومن جانب الاحتلال الإسرائيلي لساعات طويلة، بعد يومين من المفاوضات الشاقة، وأثناء المفاوضات، وضع الحويج رأسه على طاولة المفاوضات، بعدما ظل مستيقظا 3 أيام متواصلة، وكان يجلس بجانب الدكتور مفيد شهاب، ووقتها اعتقد "شهاب" أن الشهيد كان يلتقط أنفاسه محاولة خطف لحظات من الراحة بعد المفاوضات الشاقة التي شارك فيها.
ولكنه عندما كلمه الدكتور مفيد شهاب ليطمئن عليه وجده لا يرد، فحاول هز كتفه بيديه، ولكنه لم يستجب، ليكتشف الوفد المصري بعدها وفاته المفاجئة، بسبب أزمة قلبية لم تدم إلا 14 ثانية حسب التقرير الطبي، بعدما نقل إلى المستشفى، مع محاولات إنعاش القلب لمدة ساعتين، إلا انها باءت بالفشل، لتصعد روحه إلى بارئها، في عمر الـ 34 عاما، شهيدا في سبيل الوطن واسترداد أرضه.
تجاهل تكريم شهيد مفاوضات طابا
والغريب، أن الرئيس السابق عدلي منصور، كرم في عام 2014، أعضاء اللجنة القومية لطابا، والذين كان لهم دور جوهري في حسم مفاوضات التحكيم لصالح مصر واسترداد طابا من الاحتلال، كما قلدهم أوسمة شملت وسام الجمهورية ووسام الاستحقاق من الطبقتين الأولى والثانية، ولكن، لم يذكر اسم محمد كامل الحويج، في ذلك التكريم، في استمرار لتجاهل الدولة لاسمه ودوره في استرداد طابا.
وتعود جذور تجاهل تكريم الشهيد الحويج، إلى رغبة الرئيس السابق حسني مبارك ونظامه، في عدم إثارة بلبلة حول وفاته وأسبابها، والتي قد تعطل المفاوضات حول طابا في مراحلها الأخيرة قبل اللجوء للتحكيم، ولكن الغريب هو استمرار ذلك التجاهل لاسم الشهيد، حتى بعد سقوط مبارك ونظامه، باستثناء إطلاق اسمه على مدرسة في مركز جهينة بمحافظة سوهاج، حيث مسقط رأسه.