مفاوضات الفرصة الأخيرة
حماس وإسرائيل على طاولة القاهرة.. ومبادرة مصرية لا خاسر ولا مهزوم فيها
أهالي الأسرى الإسرائيليين في الشوارع وأمام المقرات الحكومية، طلاب الجامعات المعتصمين بكافة أرجاء العالم.. والفلسطينيين في قطاع غزة المتعب والمنهك من القصف والحصار والجوع.. وفصائل المقاومة في لبنان والعراق واليمن.. ووسائل الإعلام على مختلف هوياتها.. الجميع ينتظرون ويترقبون نتائج المفاوضات وما تحمله أوراق الرد في حقيبة حماس، التي يصل وفدها اليوم (السبت 4 مايو 2024) للقاهرة لتسليم رد الحركة على المقترح المصري بشأن وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتبادل الرهائن والأسرى الإسرائيليين والفلسطينيين. وقد سبق وصول وفد حماس للقاهرة مدير المخابرات الأمريكية والتي وصفت بمنح المفاوضات دفعة لمحاولة تقريب وجهات النظر بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية الممثلة في حركة حماس..
أجواء ما قبل الخبر السار
وسبق وصول حماس ومدير المخابرات الأمريكية أيضا تصريحات محملة بالتهديد من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بإمهاله حماس أسبوعا للموافقة على الصفقة المطروحة أو تنفيذ العملية العسكرية في رفح والتي قال في وقت سابق أنه سيقوم بتنفيذها سواء كانت هناك صفقة أم لا.. فيما طمأن وزير الخارجية الأمريكية خلال زيارته للمنطقة مؤخرا بما معناه المهم الأعمال وليس الكلام، وناشد حماس سرعة الاستجابة للعرض الذي وصفه ونظيره البريطاني بالسخي.
تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي تأتي في وقت قالت فيه حركة حماس من خلال بيان لها أنها تتعامل مع المبادرة الحالية بإيجابية، وأن وفد الحركة سيحمل إلى القاهرة رد فعل إيجابي وتطور في موقف المقاومة بالتعامل مع قضايا شعبنا في المقام الإنساني في ظل هذه الظروف الصعبة بقبولها الصيغة الجديدة بشكل مبدئي مطالبة بضمانات أميركية واضحة بشأنها.
وترى حماس أن رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو يعمل على إفشال الجهود الرامية للتوصل إلى صفقة. ولا يبالي بمصير الأسرى العسكريين ويخطط لاعتبار هؤلاء ضحايا حرب للهروب من دفع ثمن مرتفع لتحريرهم، وأن المستوى الذي وصلت له المفاوضات الآن هو أعلى مستوى ممكن بالمعطيات الحالية ولا يمكن تحقيق ما هو أكثر منه على الاطلاق.
وعلى الجانب الأخر أكدت الفصائل الفلسطينية بعد اجتماع مشترك تمسكها بشروطها بوقف العدوان وإطلاق سراح الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية وعودة النازحين من شمال قطاع غزة لمناطقهم وفتح المعابر لإدخال المساعدات الغذائية والإنسانية والطبية والمواد اللازمة لإعادة الإعمار.. مؤكدة أنها لن توقع إلا على اتفاق ينص بشكل واضح على وقف كافة العمليات العسكرية في القطاع وانسحاب جيش الاحتلال.
ومن جانبه أعرب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب عن أمله أن يحظى مسار التفاوض الحالي بالدعم لإنهاء العدوان وإغلاق ملف الأسرى من الطرفين وإنهاء المفاوضات بإقامة دولة فلسطين مقابل تطبيع شامل، لإنهاء الصراع الذي لا يمكن أن يتم بدون بإقامة الدولة الفلسطينية.
مطالب السنوار.. واللعب مع نتنياهو
وتناقلت وسائل إعلام فلسطينية وعربية قريبة الصلة بحماس أن رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة يحيى السنوار يطالب بضمانات مكتوبة لوقف الحرب نهائيا وعدم استئناف القتال، وعودة الأسرى المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية إلى الضفة الغربية، وتحديد أنواع المواد المسموح بإدخالها لإعادة إعمار قطاع غزة..
وفي المقابل نقل موقع إسرائيل 24 عن مصادر إسرائيلية وصفها بالمطلعة على المفاوضات رفض تل أبيب عودة الأسرى المحررين إلى الضفة الغربية، وإطلاق سراح سجناء فلسطينيين بارزين يقضون أحكاماً بالسجن مدى الحياة، وترددها في تقديم تعهد مكتوب بوقف القتال دون أي شروط مسبقة، وتدرس الطلب الخاص بتوضيحات بشأن إعادة إعمار غزة، وخاصة ما يتعلق بالمواد التي يمكن إعادة توظيفها للاستخدام العسكري.
فيما قال وزير المالية الإسرائيلي عبر منصة إكس: إن السنوار يطالب بضمانات أميركية مصرية تهدف إلى منحه وجميع زملائه حصانة كاملة.
ومن ناحية أخرى أوضح المحلل السياسي بصحيفة "يديعوت أحرنوت" آفي يسخروف أن السنوار يعرف كيف يتعامل مع نتنياهو، ولا يتعجل إنهاء الاتفاق مع إسرائيل، لأنه يعلم تداعيات هذا الاتفاق بالنسبة لحكومة نتنياهو.
ويذكر أن الحكومة الإسرائيلية تواجه ضغوطا داخلية من جانب أهالي الأسرى والرافضين لسياسته والمعارضة وبعض الوزراء المؤيدة لإبرام صفقة مع المقاومة الفلسطينية بأي ثمن لإطلاق سراح الرهائن، فضلا عن الضغوط الدولية والتي جعلت إسرائيل دولة منبوذة ومرفوضة في الكثير من الدول التي قطعت علاقاتها معها وأيضا احتمال صدور مذكرة توقيف بحق نتنياهو وعدد من أعضاء حكومة الحرب من قبل المحكمة الجنائية الدولية.
أردوغان يبحث عن دور
وفي الأثناء طالب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية فور عودته من أنقرة إلى الدوحة بعد زيارة طويلة بوجود تركيا كضامن للاتفاق إلى جانب مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما ترفضه تل أبيب، وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد طلب في وقت سابق من رئيس الوزراء الإسرائيلي الانضمام للمفاوضات إلى جانب الرعاة الرسميين مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية وقوبل طلبه بالرفض.. فرد أردوغان على الرفض بقطع العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل رغم مطالبة المتظاهرين في بلاده بقطعها منذ اندلاع العدوان على قطاع غزة وقامت قوات الأمن التركية بتفريق المظاهرات واعتقال عدد من المتظاهرين، علما بأن رجال الأعمال الأتراك يقدرون خسائرهم جراء ذلك القرار فيما بين ستة وتسعة مليارات دولار.. لكن أردوغان لا يبالي بشيء سوى إيجاد مكانة أو بصمة له في المنطقة.. فضلا عن أن تل أبيب لا ترغب في إيجاد وسيط ينتمي لذات الفكر الحمساوي وهو "جماعة الإخوان المسلمين".
المقترح المصري يوزع النصر والهزيمة بالتساوي
ويرى مراقبون أن القاهرة استطاعت الوصول لصيغة مرضية بشأن وقف إطلاق النار،
وأن المقترح الحالي هو المخرج الوحيد لجميع الأطراف للخروج من النفق المظلم بتوزيع النصر والهزيمة على الطرفين بقدر متساوي، وسيؤجل الصراع لمدة 5 سنوات على 3 مراحل تستغرق 108 أيام تفضي لوقف دائم وإعادة الإعمار..
والمقترح المصري الذي حقق النصر والهزيمة للطرفين بمستوى واحد، يضمن في المرحلتين الأولى والثانية إطلاق سراح جميع المُحتجزين الإسرائيليين الموجودين في قطاع غزة منذ فترات وأزمنة مختلفة، من مدنيين وجنود الأحياء مقابل إطلاق سراح أكبر عدد من الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية، وعدم اعتقال الأسرى الفلسطينيين المُحررين استناداً إلى نفس التُّهم التي اعتُقلوا بسببها سابقاً..
ويقضي المقترح المصري الإفراج عن 33 رهينة في المرحلة الأولى مقابل 20 من الفلسطينيين مقابل كل رهينة من المدنيين، وإطلاق سراح 40 سجينا فلسطينيا مقابل كل مجندة..
كما يضمن المقترح إعادة الإعمار ووقف القتال والتهدئة لمدة خمس سنوات وانسحاب القوات الإسرائيلية خارج القطاع مع نهاية المرحلة الثانية، وعودة النازحين لمناطق سكنهم.. وإدخال 500 شاحنة يوميا من المساعدات الغذائية والطبية والإنسانية والوقود لتشغيل المخابز والمستشفيات ومحطات الكهرباء والمياه ومعدات إزالة الركام.. وأيضا خروج الجرحى العسكريين للعلاج عبر معبر رفح.
ويتضمن المقترح المصري قيام وكالات الأمم المُتحدة والمُنظمات الدولية الأخرى بأعمالها في تقديم الخدمات الإنسانية في كل مناطق قطاع غزة، واستمرار ذلك في جميع مراحل الاتفاقية.. والبدء في إعادة تأهيل البنية التحتية، وتسهيل إدخال المُستلزمات والمُتطلبات اللازمة لإنشاء مُخيمات الإيواء لاستيعاب النازحين الذين فقدوا بيوتهم خلال الحرب.
وتتضمن المرحلة الثالثة والأخيرة تبادل جميع جثامين ورفات الموتى لدى الجانبين بعد الوصول والتعرف إليها. والبدء في تنفيذ خطة إعادة إعمار قطاع غزة لمدة 5 سنوات بما يشمل البيوت والمُنشآت المدنية والبنى التحتية. ويمتنع الجانب الفلسطيني عن إعادة إعمار البنى التحتية والمُنشآت العسكرية ولا يقوم باستيراد أيّ معدات أو مواد أولية أو مكوّنات أخرى تُستخدم لأغراض عسكرية.