و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

طوفان الدم والجثث الذائبة

الحضارة الفاجرة.. تفاصيل أكبر جريمة إبادة جماعية في التاريخ بضربة واحدة

موقع الصفحة الأولى

تعددت جرائم الإبادة الجماعية على مر التاريخ، قديما وحديثا، وأحدثها ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية في الفترة الحالية، ولكن اللافت للنظر، أن الكثير من عمليات الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب الوحشية، كانت أمريكية، أو لحلفاء أمريكيين، وبسلاح أمريكي، ولكن تبقى الغارة الأمريكية على العاصمة اليابانية طوكيو، هي الأكثر وحشية ودموية والتي قتلت أكبر عدد من المدنيين، في ضربة واحدة، وهو ما دفع منفذ الجريمة وقائدها إلى قوله: «لو خسرنا الحرب لحوكمت كمجرم حرب»، وهو ما يكشف تفاصيله موقع الصفحة الأولى في السطور التالية.

 

أكبر غارة قاتلة في التاريخ

ونفذت هذه الغارة الوحشية، التي مثلت جريمة إبادة جماعية في المساء بين يومي 9 و10 مارس 1945 غارة جوية هي الأكثر دموية في التاريخ، عبر أسطول طائرات كبير تكون من 334 قاذفة استراتيجية قنابل من طراز "بي-29"، طار من قواعد جزر ماريانا، متجها إلى طوكيو، حيث أسقطت الطائرات، 11 ألف و280 قنبلة، تحتوي كل قنبلة على 38 ذخيرة نابالم، بما يزن 1667 طنا من قنابل النابالم الحارقة، وفي ضربة واحدة، قتلت ما يزيد عن 200 ألف ياباني، مع إصابة عشرات الآلاف.

وتمثل الغارة الجوية الأمريكية على العاصمة اليابانية طوكيو، والتي استمرت لمدة ساعتين، أكبر جريمة قتل جماعي تحدث بضربة واحدة في التاريخ، بعدما أحدثت عاصفة نارية، ارتفعت درجة الحرارة في مركزها إلى حوالي 1000 درجة مئوية، وتسببت تلك الحرارة الهائلة في ذوبان قضبان قطار الترام وأعمدة الإنارة، وبالطبع ذابت أجسام الضحايا اليابانيين المدنيين الذين وجدوا أنفسهم محاصرون في وسط النار، والتي شوهد توهجها على بعد 300 كيلو متر.

أكبر جريمة قتل جماعي

وتسببت ساعتين من الإبادة الجماعية من خلال القصف المتواصل بالنابالم وبكميات هائلة، وصلت إلى أكثر من 451 ألف و200 قنبلة حارقة، حرق أكثر من 330 ألف مبنى سكني ومباني تجارية وحكومية، اغلبها مصنوعة من الخشب، وذلك على مساحة 41 كيلومترا مربعا، كما تسببت الغارة الجوية الأمريكية في تشريد أكثر من مليون شخص، ليصبحوا في غمضة عين بلا مأوى، ووصلت شدة حرارة النار إلى درجة أن الماء في القنوات كان يغلي، كما اشتعلت النيران في المباني بشكل تلقائي.

وبعد الغارة، قالت شرطة العاصمة اليابانية، إنها جمعت 83 ألف و793 جثة في طوكيو، ولكن يبقى ذلك الرقم بعيدا عن عدد القتلى الحقيقي، لأن القنابل الأمريكية الحارقة أذابت الكثير من الجثث وحولتها إلى رماد، أما الدفاع المدني الياباني، فأكد وقتها مصرع 97 ألف شخص في تلك الليلة فقط، مع إصابة 125 ألف آخرين، منهم 40 ألف في حالة خطرة، كما توفى آلاف الضحايا في الأيام التالية للغارة الأمريكية، وهو ما دعا بعض المؤرخين إلى القول إن عدد الضحايا يتجاوز الـ 200 ألف ياباني.

ولكن كيف جرى تنفيذ هذه الغارة بهذه الوحشية الشديدة لتمثل جريمة من جرائم الإبادة الجماعية، الإجابة عند قائد الغارة الجنرال كورتيس ليماي، والذي نفذ تغييرات تكتيكية في تنفيذ الغارات من خلال الطائرات الاستراتيجية القاذفة، كي تتمكن من إصابة أهدافها بدقة، من خلال تحليق الطائرات في المساء على ارتفاع منخفض يصل إلى سبع آلاف قدم بدلا من 30 ألف قدم، كما ازيلت المدافع الرشاشة من الطائرات قاذفات القنابل، كي يتم تزويدها مزيد من قنابل النابالم الحارقة.  

 

طوفان الدم ورماد الجثث الياباني

أما عن خسائر القوات الجوية الأمريكية مقابل طوفان الدم ورماد الجثث الياباني، فقد فقدت في الغارة 27 قاذفة قنابل ثقيلة، و270 من أفراد طواقم الطائرات، منها 14 قاذفة أسقطتها المقاتلات اليابانية كما أصيبت 42 قاذفة قنابل أخرى، ولكنها عادت إلى قواعدها رغم الإصابة.

ويبدو أنه كان هناك نية أمريكية مبيتة على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الياباني، فقبل نحو ثلاثة أسابيع من هجوم اليابان المدمر على القاعدة البحرية الأمريكية في بيرل هاربور، والذي تسبب في دخول واشنطن الحرب العالمية الثانية بشكل مباشر، كان رئيس أركان الجيش الأمريكي الجنرال جورج مارشال، قال يوم في 15 نوفمبر 1941:" إذا اندلعت الحرب مع اليابانيين بالفعل، فسنقاتل بلا رحمة، وسنرسل القاذفات على الفور لإشعال النار في المدن الخشبية هناك، ولن يكون هناك تردد في قصف المدنيين والذي سيكون كليان لينفذ الأمريكيون وعيدهم بالجحيم بعدها بسنوات قليلة.

تم نسخ الرابط