سيد قبيلة الأوس
سعد بن معاذ.. قضى فى الإسلام 7سنوات وشيعه 70ألف ملك عند وفاته
رغم حداثة سنه عند إسلامه، ورغم إنه لم يتجاوز عامه السادس والثلاثين عند وفاته، إلا أن وفاة سعد بن معاذ لم تكن كوفاة أي صحابي آخر.
لقد إهتز عرش الرحمن فرحًا بروح سعد ونزلت الملائكه تشيعه وتسابق الصحابه خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم لتشيع جنازته .
هو سعد بن معاذ بن النعمان من بني عبد الأشهل الأوسى، بل سيد قبيلة الأوس فى المدينة المنورة، ويقال أنه كان سيد قومه وهو في الـ 23 من عمره، أسلم ولم يجاوز الثلاثين سنة، على يد مصعب بن عمير سفير النبي صلى الله عليه وسلم في يثرب وداعيتها.
عندما أرسل النبي مصعب بن عمير من مكة إلى المدينه يدعوهم للإسلام ويعلمهم أمور الدين، كان سعد بن معاذ سيد قومه وعندما سمع بأمر مصعب بن عمير جاء مسرعًا يريد زجره وإرجاعه من حيث أتى، وعندما سمع آيات تلاهَا مصعب بن عمير، خشع قلبه وانقلب حاله تمامًا .
إسلام سعد بن معاذ
ومع إسلام سعد بن معاذ، تبعه قومه إلى الإسلام وأصبحت المدينة مهيأة لإستقبال رسول الله عليه الصلاة والسلام، وعندما هاجر رسول الله واصحابه إليها قام سعد وخطب في المهاجرين قائلا: بيوت قوم سعد بن معاذ مفتحة الأبواب للمهاجرين، وأموالهم تحت تصرفهم في غير مَنّ، ولا حساب.
لقد فتح الصحابى الجليل سعد بن معاذ، بيوته للمهاجرين ووضع أمواله وأموال قومه تحت تصرفهم وأمرهم يفعلون بها مايشاؤون وهذه كانت البداية وحسب وما أعظمها من بداية، فقد أدخلت السرور والطمأنينة على قلب رسول الله واصحابه المهاجرين .
وتمر الأيام ويلازم سعد بن معاذ، النبي ولا يتركه في أي موضع حتى وقعت غزوة بدر عندما خرج رسول الله برفقه ثلاثمئة رجل من المهاجرين والأنصار يطلبون قافلة تجارية لقريش، ليستردوا بعض ما خلفه المهاجرون في مكة من أموال ومتاع
وعندها تفاجأ المسلمون بجيش كبير لقريش بقيادة أبو جهل وأمية بن خلف وعتبه وكبار سادة قريش وجيشهم كان يفوق جيش المسلمين عددًا، فاستشار النبي الأنصار الذين كانت بيعتهم له في العقبة الثانية تنص على حمايته داخل المدينة، دون ذكر للقتال خارجها.
فقام سعد بن معاذ وقال كلماته العظيمه التي كان لها وقعًا عظيمًا في نفوس المسلمين كافة، حيث وقف سعد وقال :يا رسول الله، لقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة. فامضِ يا رسول الله لما أردت فنحن معك.
فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً؛ إنا لصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله.
وأبلى سعد ابن معاذ بلاءًا حسنًا في المعركة برفقة المهاجرين والأنصار رضوان الله عليهم جميعًا.
معارك وغزوات
وتمر الأيام وتقع غزوة أحد وكان لسعد دور بارز أيضا فيها في المعركة وخارجها فمن شدة حبه الشديد لرسول الله وحرصه على حياته ، بنى للرسول مثل المنصة حتى يشاهد المعركه منها.
ووقف سعد أسفلها رافعًا سيفه حاميًا رسول الله وواقفًا مدافعًا عنه من كل أذى حتى عندما تراجع جيش المسلمين كان سعد من الذين أحاطوا بالنبي لحمايته من هجوم المشركين على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
وتمضي الأيام وتأتي غزوة الخندق وهي آخر الغزوات التي شهدها سعد رضي الله عنه وأرضاه.
في اليوم الثاني من غزوة الخندق كشف خالد بن الوليد "قبل إسلامه" ثغرة في الخندق فأنطلق برفقه بعض الفرسان لإختراق الخندق والدخول على جيش المسلمين، وبالفعل إستطاع إختراق الخندق وكان على وشك الوصول لجيش المسلمين وفتح المجال لبقيه جيش المشركين بالدخول، حتى شاهد سعد بن معاذ هذا الأمر وأنطلق كالسهم برفقه كتبيه من الصحابة الشجعان بإتجاه فرسان خالد .
وتمكنوا من إرجاعهم وقتل الغالبيه من الفرسان المشركين ونجحوا في حماية الخندق من الإختراق، لكن سعد بن معاذ رضي الله عنه أصيب في أكحله وهي منطقة وسط الذراع، فيها عروق الدم الرئيسة التي تغذي اليد فنزف بشدة.
بعد إصابته، رفع سعد بن معاذ يديه للسماء داعيًا ربه قائلا: اللهم إن كانت هذه آخر حرب مع قريش فأجعل هذه في سبيلك وأشار إلى مكان الجرح، ونصبوا له المسلمين خيمة ليعالجوه واستمر شهر متأثرًا بجراحه .
وعندما غدروا يهود بني قريضه بالمسلمين وخانوا العهود التي بينهم وبين المسلمين وحاربوا المسلمين مع قريش، أوكل النبي عليه الصلاة والسلام لسعد بن معاذ الحكم فيهم فحكم سعد أن يقتلوا المقاتلين منهم الذين خانوا المسلمين وأن تسبى النساء وأن تقسم أموالهم جزاءًا بما فعلوا.
وقد كانَ هذا الحكم هو حكم الله تعالى من فوق سبع سماوات كما قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الشريف: "لقَد حَكَمَ فيهِم بحُكْمِ اللَّهِ الَّذي حَكَمَ بِهِ من فوقِ سَبعِ سَماواتٍ"
وبعد شهر من إصابته في الخندق توفي سعد بن معاذ متأثرًا بجروحه وهو في عمر السادسة والثلاثين، وقال رسول الله: إهتز عرش الرحمن لموت سعد، قال الحافظ بن حجر في شرح هذا الحديث: "والمراد باهتزاز العرش استبشاره وسروره بقدوم روحه.
وقيل إنَّ اهتزاز العرش أي اهتزاز الملائكة التي تحمل هذا العرش، وهذا ما أُيِّدَ بالحديث الذي وردَ وقِيلَ فيه: "إنَّ جبريلَ عليهِ السلام أتَى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حين قبضَ سعد فقال: مَن هذا الميتُ الذي فُتِحَت له أبوابا السماءِ واسبتَشَر بموتِه أهلُها"
وسمع النبي عليه الصلاة والسلام رجلًا يقول: ما رأينا كاليوم، ما حملنا نعشًا أخف منه قط فقال رسول الله : "لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا سعد بن معاذ، ما وطئوا الأرض قبل ذلك اليوم، بمعنى لم ينزلوا الأرض من قبل.