الأولى و الأخيرة

المصريون الأكثر عداء لإسرائيل

عبد الناصر وغزة.. وثائق بريطانية تحذر من دولة فلسطينية تتحد مع مصر

موقع الصفحة الأولى

كشفت وثائق بريطانية سرية نشرت حديثا، عن قلق لندن من دور الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في قطاع غزة، ومن اتجاهه إلى مساعدة الشعب الفلسطيني على إقامة دولة فلسطين المستقلة، انطلاقا من غزة، بعد عام من فشل العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.

ولفتت الوثائق إلى أن بريطانيا اعتبرت قيام دولة فلسطينية في غزة، يمثل خطوة خطيرة ومتطرفة، حيث حاولت لندن إقناع الأمم المتحدة بالضغط على عبد الناصر كي لا يفكر فيها.

 

تشكيل أول برلمان فلسطيني

وكانت مصر بقيادة جمال عبد الناصر، ساعدت على تشكيل مجلس تشريعي وآخر تنفيذي للشعب الفلسطيني في قطاع غزة مارس 1958، وأطلق على المجلس الأول مجلس فلسطين التشريعي، وترأس المجلس الثاني اللواء حسن عبد اللطيف، الحاكم العسكري المصري لقطاع غزة، وقوبل تشكيل المجلسين باحتفالات شعبية فلسطينية حاشدة، معتبرين المجلس أول برلمان فلسطيني على الأراضي الفلسطينية، كما ذكرت الوثائق البريطانية.

ووقتها أبدت لجنة المخابرات المشتركة البريطانية، في تقرير سري، قلقها من نوايا عبد الناصر، وحذرت من مساعدة سكان غزة على إقامة دولة بالقطاع، يمكن أن تنضم إليها الضفة الغربية فيما بعد، لتتحد تلك الدولة بعد ذلك مع مصر.

عبد الحليم قنديل: عداء الغرب لـ عبد الناصر لا يحتاج إلى دليل  

وقال الكاتب الصحفي والمفكر الناصري الدكتور عبد الحليم قنديل، إن محاولة البريطانيين تهجير الفلسطينيين من غزة تكررت عدة كثيرا، ليس فقط في حرب 1956، ولكن أيضا بعد حرب 1967 واحتلال غزة وقتها، كما ظهرت وثائق بريطانية تعود إلى عام 1971 تتحدث عن خطة شيمون بيريس، وكان في ذلك الوقت مسؤول عن الإشراف على غزة من قِبل الاحتلال، والتي كانت تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من القطاع والخلاص من عبء غزة، في الوقت الذي كان عدد سكان غزة حسب الوثائق بين 150 ألف إلى 200 ألف فلسطيني.

وأضاف "قنديل" في تصريحات خاصة لموقع الصفحة الأولى، أن العداء البريطاني والغربي عموما، والعداء الأمريكي فيما بعد، لظاهرة عبد الناصر ولتجربته ولدور مصر القومي والعروبي ليس من الأشياء التي نحتاج أن نقيم عليها دليلا، لأن هناك قانون مصري، يقضي بأن مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي حين تنظر في مرآتها الداخلية بجدية وتنهض، تتحول إلى كائن قيادي منفتح على القومية العربية، وهناك في الكثير من البلاد والأقطار العربية، يكون الاهتمام بالأمور والشأن الداخلي عازلا عن الهم القومي، ولكن في مصر يحدث العكس، فعندما تهتم بأمورها الداخلية تجد نفسها منفتحة تلقائيا على البعد القومي العربي.

 

الانفتاح المصري على البعد القومي العربي

وأكد "قنديل" أن الانفتاح المصري على البعد القومي العربي، ليس من خلق أحد حتى عبد الناصر نفسه، فمصر كتكوين منذ آلاف السنين، وبصفة عامة قبل أن يتعرب لسانها وبعد أن تعرب، فقبل التعريب، كانت معاركها الوجودية الكبرى والتي شكلت هويتها، دارت كلها إلى ما نسميه اليوم بالمشرق العربي، وفلسطين على وجه الخصوص، من مجدو تحتمس إلى قادش رمسيس إلى عين جالوت قطز إلى حطين صلاح الدين إلى معارك إبراهيم باشا ابن محمد علي في الشام، حتى ظاهرة جمال عبد الناصر، فمصر تعربت باحتياجات الأمن قبل أن تتعرب باللسان.

 

مصر والشام

ولفت عبد الحليم قنديل إلى أن مصر والشام، بالمعنى التاريخي الذي يضم الوحدات السياسية القائمة الآن سوريا ولبنان والأردن وفلسطين المحتلة، كانتا لمدة 650 سنة دولة واحدة بحاكم واحد، فيما عرف بمصر الكبرى، من عهد أحمد بن طولون حتى الغزو العثماني، ولذلك فإن جمال عبد الناصر عندما أعلن عن الوحدة بين مصر وسوريا، لم يكن منشئا لشيء جديد أو إمبراطورية تخصه كما يزعم البعض، إنما كان يستعيد الأصل الكامن في التكوين المصري.

فالعروبة ليست جلبابا نرتديه أو نخلعه، بل قدرا ومصيرا كما يقول عبد الناصر، وفي قلب ذلك القضية الفلسطينية والقضية المصرية، فالقانون يقول إن مصر إذا حصلت على استقلالها وحرية قرارها، ستجد نفسها تلقائيا وغريزيا تتصرف على أساس قومي عربي، وقضية فلسطين في قلب المشاغل القومية.

 

عداء الشعب المصري للكيان الإسرائيلي

وقال "قنديل" إنه برغم كل ما جرى فإن الشعب المصري هو أعظم الشعوب العربية كراهية لكيان الاحتلال الإسرائيلي في الفترة الحالية، وبالتالي فإن مسألة غزة موجودة في قلب الصدام طول الوقت.  

وتابع أننا في كل المسائل التي تخص مصر والنهوض المصري في تجربة عبد الناصر قصيرة العمر، نجد بريطانيا عنصرا جوهريا، خاصة وأن بريطانيا شهدت على يد تجربة عبد الناصر هبوطا من الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس، إلى دولة من الدرجة الثانية، وما شهدته وقتها من "قطع ذيل الأسد البريطاني"، فنجدها حاضرة في كل المواجهات والمعارك التي خاضها عبد الناصر، من حرب اليمن إلى غزة إلى العدوان الثلاثي وحرب 1967.

 

علاقة بريطانيا بالإخوان

ويضيف "قنديل": كما كانت بريطانيا حاضرة أيضا في العلاقة مع جماعة الإخوان الإرهابية، خاصة وأن هناك وثائق منشورة، كشفت عن أن المخابرات البريطانية الخارجية "إم أي 6" كانت تكتب البيانات باسم الإخوان، ووصل الامتزاج بينهم إلى هذا الحد، ولا يعرف الكثير أن الإخوان المسلمين كحركة موجودة من قبل احتلال فلسطين، ولكنها ظلت من عام 1948 حتى عام 1987، تحرم المشاركة في المقاومة المسلحة ضد الكيان الإسرائيلي، لأن الجماعة كانت مشغولة بالمقاومة المسلحة لجمال عبد الناصر.

عاصم الدسوقي: عبد الناصر كان مؤمن بدولة فلسطين

ويقول الدكتور عاصم الدسوقي، المؤرخ وأستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة حلوان، إن جمال عبد الناصر كان مؤمن تماما بحق الشعب الفلسطيني في إنشاء دولته المستقلة، لأنه منذ البداية، وعند مشاركته في حرب 48، وفي يومياته التي كان يكتبها وهو في الخندق أثناء حصار الفالوجة، ذكر عبد الناصر أنه صدرت إليهم أوامر بالانسحاب، فأبدى انزعاجه الشديد، وقال عند الانسحاب فإن اليهود سيفترسون الشعب الفلسطيني، وتخيل الصبية الفلسطينيين الذين كان يراهم مثل أبنائه، وبعدها جاء أمرا آخر بالتراجع عن الانسحاب والبقاء في فلسطين، فأحس بسعادة شديدة لذلك.

وأضاف أن عبد الناصر منذ 1948 وهو مؤمن بحق الشعب في دولة فلسطين، وأن الكيان الإسرائيلي مؤامرة أمريكية بريطانية.

 

معاهدة كامب ديفيد والدور المصري

ولفت إلى أن معاهدة كامب ديفيد واتفاقية السلام عام 1979 وملاحقها التي تعد جزء من الاتفاقية، تقيد دور مصر في القضية الفلسطينية وفي الموقف من غزة، وأن هناك العديد من اتفاقيات التطبيع الموقعة بين الكيان الإسرائيلي والدول العربية تمنع التدخل أو الانحياز للجانب العربي.

وأكد أن دخول قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى رفح ووصولها إلى المعبر يعد انتهاكا لاتفاقية كامب ديفيد، التي تقيد مصر أيضا. 

تم نسخ الرابط