عزيزي القارئ..
أهلا ومرحبا بك في أرض غزة حيث مباراة القرن التي بدأت منذ السابع من أكتوبر عام 2023.
وأنت جالس للقراءة سيكون على يمينك شمال قطاع غزة ومحور نتساريم الذي أنشأوه الاحتلال خلال العدوان..
على شمالك جنوب القطاع الذي يضم خان يونس ورفح ومعبر كرم أبو سالم جنوب شرق القطاع.
وأمامك البحر المتوسط الحد الغربي للقطاع. وخلفك شرق القطاع ويضم الأراضي المحتلة والجزء المقتطع من القطاع لبناء المستوطنات والمعروف بغلاف غزة والجدار الفاصل لاستكمال حصار ما يقارب 2 مليون فلسطيني.
** أجواء المباراة
بدأت المباراة بعبور مقاتلين من الفلسطينيين بطائرات شراعية تزامنا مع عبور دراجات بخارية وسيارات دفع رباعي للجدار العازل المحيط بالقطاع شمالا وشرقا ودخولهم المستوطنات، وثكنة عسكرية، وأسر مدنيين، وعسكريين.. وخلال الاشتباكات سقط قتلى كثر من الكيان وشهداء للمقاومة.. وبذلك تكون المقاومة قد حققت نصرا لم يتحقق من قبل محرزة صدارة المشهد..
وما أوجع المحتل أن المقاومة حصلت على هاردات وديسكات تحمل معلومات خاصة بجهاز المخابرات الإسرائيلية "الموساد" وجهاز الأمن الداخلي “الشباك" تتضمن أسماء جواسيس فلسطينيين بالداخل وجواسيس من جنسيات أخرى يعملون لصالح إسرائيل بعدة دول شرق أوسطية.. لقد حصلت المقاومة على معلومات استخباراتية كان يجب ألا يحصل عليها أحد.
نصر موجع في وقت يتعرض فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي لضربات سياسية داخلية وقضائية تعصف بمستقبله الساسي إلى جانب محاولات صهيوأمريكية لاستكمال التطبيع العربي الإسرائيلي بدخول السعودية.
هدف يحمل كل المعاني أربك المحتل الإسرائيلي وتخبطت دفاعاته.. وهو شيء يحدث دائما للفرق الكبيرة المدججة بأحدث الأسلحة عندما تفاجئ بهدف مباغت من فريق يمتلك قدرات بدائية.
الاحتلال سعى لاستعادة توازنه ويرتب صفوفه لاسترجاع هيبته التي باتت في الوحل أمام المشاهدين حول العالم بتشويه هدف المقاومة باعتباره تسلل وغير شرعي بأن ما حدث عمل إرهابي تضمن قتل النساء والأطفال ومدنيين عزل مسالمين وعمليات سرقة واغتصاب وقطع رؤوس ونهود، ليكتسب تعاطف العالم محاولا تمهيد الأجواء للوصول إلى التعادل ثم النصر.
لينتهي الشوط الأول بانتصار المقاومة ومحاولة المحتل التشويش على النصر.
** الشوط الثاني
الاحتلال يبدأ الشوط الثاني بقصف جوي مستهدفا المنازل والمدارس والجامعات والكنائس والمساجد ودور المنظمات الإغاثية الدولية والأممية والبشر الذين وصفهم الوزراء المتطرفين بأنهم حيوانات، ووصل الوصف بأنهم أقل من الحيوانات.
هكذا تعود الاحتلال الإسرائيلي في مواجهاته قصف المنازل لإحداث خسائر بشرية لإيذاء المقاومة من خلال الشعب لإخضاعه لرغباته.. لكنه هذه المرة كان أشد شراسة لتحقيق النصر.. قام بقصف مربعات سكنية وليس منزلا بعينه كما هو معتاد، وتعمد تدمير البنية التحتية وكل شيء له صلة بالحياة تمهيدا لعمليته البرية التي اعتبرها نزهة ينهي من خلالها المباراة لصالحه.
وفي الأثناء استغلت المقاومة غطرسة الاحتلال فاستدرجته لمباراة الشوارع ودعته للدخول، فدخل طامعا في تحرير أسراه والقضاء على المقاومة، التي كانت تباغته بهجمات مرتدة برشقات صاروخية للأراضي المحتلة والمستوطنات في محيط القطاع.
** الشوط الثالث
لازلنا معكم من غزة ننقل لكم تفاصيل المواجهة بين فريقي الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عمليته البرية بحثا عن الأسرى والمقاومة والأنفاق..
بين الحين والآخر يخرج أبناء المقاومة من الأنفاق يوجهون ضربات موجعة لقوات الاحتلال الذي لم يكن أمامه سوى ممارسة عادته اقتحام المستشفيات وتدميرها وقتل الجرحى والمرضى والمدنيين الذين نزحوا للمستشفيات بغرض الإيواء.. وذهب الاحتلال لطريقة لعب جديدة وهي التجويع فتم تدمير مراكز المساعدات الغذائية التابعة للمؤسسات الدولية والأممية وقتل المتطوعين من مختلف الجنسيات، ظنا منه أن التجويع والقتل الجماعي سيرهب المقاومة، ولكنها كانت تلعب وتغير في تكتيك لعبها وفقا لمجريات اللعب.
خلال ذلك الشوط عزل الاحتلال شمال قطاع غزة والذي يضم محافظتين هما محافظة الشمال وتضم بيت لاهيا وبين حانون وجباليا ومخيمها ومحافظة غزة وقام بإنشاء طريق عرف باسم محور نتساريم لفصل الشمال عن الجنوب.
وواصل الاحتلال تقدمه لمحافظة الوسط وهي دير البلح ووصل لخان يونس وتبقى له محافظة رفح.
المقاومة لازالت على حالها تخرج من الأنفاق تضرب ضربتها وتعود للاختفاء.
شوط طويل.. استمر شهور.. والوقت الإضافي كان أطول من وقت المباراة.
** وقت مستقطع
عزيزي القارئ.. نواصل معك تفاصيل المباراة، ولكننا ننقل لكم تفاصيل الوقت المستقطع..
الاحتلال مهزوم ومأزوم.. فهو لم يفرج عن أسراه بعد، وبعد وساطة مصرية قطرية تم التوصل لهدنة مؤقتة وصفقة تقضي بالإفراج عن عدد من الأسرى مقابل الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية منذ سنوات وإدخال المساعدات ووقف المباراة لبعض الوقت.
خلال الوقت المستقطع سعت مصر وقطر لتمديد الوقت المستقطع لإيقاف المباراة، لكن الاحتلال رفض بغطرسته وعناده فتم استئناف المباراة القتالية.
** الشوط الرابع ... شوط الإثارة
بدأت أحداث الشوط الرابع.. محاولات إسرائيلية للإفراج عن أسراه بالقتال والقضاء على المقاومة المختبئة بالأنفاق.. والمقاومة تلعب بطريقة "أضرب واختفي".. فيتأزم الاحتلال لمقتل أسراه بنيرانه ومقتل وإصابة جنوده وآلياته العسكرية برصاص المقاومة.. ولا يجد أمامه سوى المستشفيات المملؤة بالجرحى المدنيين جراء عملياته العسكرية الغاشمة والمرضى والنازحين والطواقم الطبية.. بنك أهدافه المعتاد النساء والأطفال والمسنين وكل ما هو مدني وإنساني.
تستمر المباراة على تلك الوتيرة.. حتى تنتفض الجامعات والشوارع في التحالف الصهيوأمريكي والصهيوأوروبي وداخل إسرائيل ذاتها.. الجامعات والشوارع الأمريكية والأوروبية تطالب بوقف حرب الإبادة الجماعية ووقف الدعم العسكري والسياسي من جانب دولها للاحتلال.. وفي شوارع تل أبيب والقدس وحيفا خرج أهالي الأسرى والمتعاطفين معهم وأسر الثكالى يطالبون بعقد صفقة مع المقاومة الفلسطينية لإطلاق سراح الأبناء والأزواج والآباء والأمهات المدنيين منهم والعسكريين ورفات الأسرى لتبريد نيران الحزن.
** المقاومة تسجل أهداف إعلامية
المقاومة في الأثناء تباغت الاحتلال وتلعب بجناح الإعلام، الجناح الأكثر تأثيراً وإثارة.. فيديوهات لأسرى يناشدون الحكومة المتطرفة والمنقسمة وأسرهم لعقد صفقة تطلق سراحهم بأي ثمن..
على حين غفلة تحرز المقاومة هدفا إعلاميا يلهب مشاعر الإسرائيليين من خلال فيديوهات لقد مات الأسير فلان بعد قصف قوات إسرائيلية منزلا كان فيه أسراكم. ثم فيديو أخر قتل الأسرى بنيران الجنود الإسرائيليين لاعتقادهم أنهم مقاومين.. ومات أخر كان مريضا ولم تتمكن المقاومة من علاجه لعدم توفر الدواء بفضل الحصار الذي فرضته قواتهم، وأسرى مرضى قتلوا في المستشفيات التي قصفها طيرانهم.
تزداد شوارع إسرائيل اشتعالا ونقمة على حكومة نتن ياهو ورفاقه المتطرفين طالبة بصفقة ورحيله هو ورفاقه لتسببهم في قتل أولادهم.. وبات من المؤكد أن العملية العسكرية ستقتل الأبناء ولن تجلبهم أحياء.. ليسقط نتن ياهو ورفاقه في فخ ضغوط داخلية تطالب بعقد صفقة لإطلاق سراح الأسرى مقابل وقف القتال، وتُرفع لافتات في شوارع إسرائيل بصور السنوار تطالبه بعقد صفقة.
تواصل المباراة أحداثها.. القوات الإسرائيلية ترتكب المجازر، دون تحقيق أهدافها الرئيسية بإطلاق سراح الرهائن "كما تصفهم" والقضاء على المقاومة التي تفاجئها بتحركات مثيرة وهجمات مرتدة يصعب الرد عليها سوى بارتكاب مزيد من جرائم الإبادة الجماعية التي تستدعي ذهاب بعض الدول إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، وازدياد المظاهرات والاعتصامات في شوارع وجامعات الصهيوأمريكي والصهيوأوروبي.. والفضل في ذلك لهدف أحرزته قناة الجزيرة ونشطاء المقاومة بنقل مشاهد المجازر الإسرائيلية التي أحرجت إعلام التحالف الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والإعلام اليعربي لنقل الأحداث، حتى وإن كان على استحياء لكنها نقلت.. لتحقق المقاومة هدفا أخر.
الأستوديو التحليلي وهدف مصري مباغت
نذهب للأستوديو التحليلي.. رغم استمرار المباراة التي تسير على نهج واحد.
في الاستوديو التحليلي يرى المحللون أن الحل في عقد صفقة توقف الحرب وتطلق سراح الأسرى..
محاولات مصرية قطرية لتحقيق التهدئة.. الحكومة الإسرائيلية تتعنت والمقاومة في المقابل تضع شروطها..
ويبقى الوضع كما هو عليه حتى باغتت مصر الجميع بمبادرة وصفت بأنها من أفضل المبادرات التي طرحت لوضع نهاية للمباراة التي راح ضحيتها 78204 مصابين واستشهاد 78204شهيد وصلت جثثهم للمستشفيات بخلاف ضحايا في الطرقات وتحت الركام لا يعرف عددهم.
قال المحللون إن المبادرة المصرية تتميز بتوزيع النصر والهزيمة على الفريقين.. المقاومة أبدت ترحيبا وانفتاحا على المقترح المصري، وحضرت للقاهرة ولم يحضر طاقم التفاوض الإسرائيلي رغم حضور طاقم التحكيم الثلاثي (مصر بقيادة رئيس جهاز المخابرات اللواء عباس كامل وقطر برئاسة رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بد عبد الرحمن آل ثاني وأمريكا ممثلة في مدير جهاز مخابراتها)
غادر الوفد القطري ومعه مدير المخابرات الأمريكية ووفد حركة حماس الممثل الشرعي للمقاومة الفلسطينية القاهرة.. جميعهم ذهبوا إلى الدوحة في انتظار الرد الإسرائيلي الذي استمر في اللعب بورقة غزو رفح..
وبقي الجميع في موقف الانتظار لما ما تسفر عنه اللحظات القادمة..
**شوط البلس 90
ليلة الأحد الخامس من مايو 2024 واصلت المقاومة قصف محور نتساريم بأنواع متعددة من الصواريخ وكان قصفا مركزاً، وخلال متابعة الاحتلال وانشغاله بهذه الهجمة قامت المقاومة بقصف تجمع لقوات الاحتلال بجوار معبر كرم أبو سالم في إشارة لتنفيذ تهديده بغزو رفح.. وكانت ضربة حرة مباشرة كبدت الاحتلال خسائر أليمة..
وفي اللحظة التي ظن فيها الكثير أن المقترح المصري ذهب في مهب كرة طائشة علت عارضة التهدئة فاجئ كابتن المقاومة وممثلها الشرعي حركة حماس بإعلانها قبول المقترح المصري الذي سبق وأن وصفته قادة الحركة بأنه من أفضل المقترحات التي قدمت فهو يحقق طموحات المقاومة والشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة وفي ذات الوقت يحقق رغبات الشارع الإسرائيلي ويرضي الحكومة الإسرائيلية المريضة بمرض الكبرياء ولا يشعرها بالهزيمة من قبل فريق يضم مقاتلين غير محترفين.
وبهذه التسديدة الأخيرة للمقاومة وهي قبول المقترح المصري والضربة المباشرة للقوات الإسرائيلية بجوار معبر كرم أبو سالم وقصف محور نتساريم في وقت ظن فيه الجميع انهيار حلم وقف العدوان.. تكون المقاومة قد حصلت على طريقة لاعبي كرة السلة من خلال رمية ثلاثية على 3 نقاط غالية وضعت الاحتلال وأعوانه في مأزق متأزم..
المقاومة أثبتت للعالم أنها تسعى للسلام.. وأكدت لقادة إسرائيل وحلفائها أنه بإمكانها الحرب والسلام وكما قال الزعيم الفلسطيني الخالد ياسر عرفات "يد تحمل غصن الزيتون وأخرى تحمل السلاح".
مازلنا نتابع معكم تفاصيل المباراة حتى الوصول للنهاية الأمنة. حيث يسعى الاحتلال لأي نصر معنوي وإنهاء القتال بطلقة أخيرة من جانبه كما تعود في السابق وهذا ما كسرته مصر في مواجهة 2021 حيث أصرت القاهرة أن يكون وقف إطلاق النار من الجانبين في وقت واحد.