في عيد ميلاد الخال
عبد الرحمن الأبنودي.. الشاعر أبو قلب أخضراني 💚
الاسم: عبد الرحمن محمود الأبنودي، وشهرته عبد الرحمن الأبنودي.
تاريخ الميلاد: 11 أبريل 1938
المؤهل: ليسانس الآداب جامعة القاهرة
تاريخ الوفاة: 21 أبريل 2015
المهنة: شاعر
عبد الرحمن الأبنودي، أحد أشهر شعراء العامية المصرية خلال القرن العشرين، والذي روى بكلماته محطات فارقة في تاريخ مصر والأمة العربية، منذ ثورة يوليو 1952 وحتى ثورة 25 يناير 2011، وما بينهما، كما كانت علاقته مع السلطة علاقة من نوع خاص، تميزت بالشد والجذب، فقد سجن في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، برغم حبه له ورغم أغانيه الخالدة عن ثورة 23 يوليو، والذي مدحه بعد ذلك بقصيدته الشهيرة مواويل وتناتيش للذكرى، ليبقى الأبنودي شاهدا وراويا ومعبرا عن البسطاء، وعن القرية المصرية، والتي قال عنها في كتابه "أيامي الحلوة": "ولأني خرجت من القرية وكأني عصارتها، فقد حملت تاريخها وباطنها".
الأبنودي والسادات ومبارك
كانت علاقة عبد الرحمن الأبنودي متوترة للغاية مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بسبب معارضته الشديدة والعلنية لمعاهدة كامب ديفيد، كما كتب فيه عدة قصائد، أبرزها "المد والجزر"، و"لاشك أنك مجنون"، أما في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، فقد حاول الأبنودي الحفاظ على مسافة ما مع النظام، فرغم كتابته لأغاني وطنية عدة في عهده، إلا أنه رفض كتابة قصيدة عن مشروع توشكى، بعدما طلب منه ذلك وأن يكتب على غرار ما كتبه لمشروع مصر الأبرز السد العالي.
كما كان عبد الرحمن الأبنودي من أوائل من انحازوا إلى ثورة 25 يناير 2011، وكتب عنها قصيدته الشهيرة "الميدان" والتي قدمها في 4 فبراير 2011، لأحد البرامج التلفزيونية، ويبقى انجازه الأبرز، كما كان يردد دائما، هو جمعه لملحمة السيرة الهلالية، والتي أخذت منه مجهودا ضخما، على مدار أكثر من 30 عاما، ارتحل فيها بين قرى الصعيد ومدنه، مع صديقه الشاعر سيد الضوي، كما سافر إلى تونس حوالي 22 مرة، على حسابه الشخصي، ليجمع السيرة الشعبية العربية الأبرز في خمسة أجزاء.
الأبنودي.. الميلاد والنشأة الصعيدية
وولد عبد الرحمن الأبنودي في قرية أبنود بمحافظة قنا في صعيد مصر، ووالده هو الشيخ محمود الأبنودي الذي كان يعمل مأذونا شرعيا، وانتقل مع أسرته إلى مدينة قنا، حيث تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي، ثم حصل على شهادته الليسانس من قسم اللغة العربية بكلية الأداب جامعة القاهرة، كما أثرت نشأة الأبنودي في صعيد مصر، في تكوينه الشخصي وثقافته، فتعرف على التراث المصري، كما استمع إلى السيرة الهلالية وحكاويها وصراعتها، من "الصعايدة" الذين كانوا يتغنون بها دائما.
دوواين شعر الأبنودي
وبدأت مسيرة عبد الرحمن الأبنودي الشعرية مع ديوان "الأرض والعيال"، عام 1964، ولكن بعدها بسنتين اعتقل بتهمة الانضمام إلى تنظيم شيوعي، وقضى 4 شهور في سجن القلعة، وبعدها أصدر ديوانه الثاني "الزحمة" عام 1967، ثم ديوان "عماليات" عام 1968، ثم ديوان "جوابات حراجي القط" عام 1969، والذي كتبه عن مشروع السد العالي، ومثلت قصائده رواية عبقرية لتاريخ مصر الاجتماعي والإنساني في مرحلة مفصلية من تاريخها الحديث.
وفي السبعينيات، واصل عبد الرحمن الأبنودي مسيرته الشعرية، فأصدر دوواين "الفصول" عام 1970، و"أنا والناس" عام 1973، و"بعد التحية والسلام" و"صمت الجرس" عام 1975، و"المشروع الممنوع" عام 1979، أما في الثمانينيات، فأصدر السيرة الهلالية على 5 أجزاء حتى أوائل التسعينيات، وفي التسعينيات أصدر "الاستعمار العربي" عام 1991، وبدأ في إصدار الجزء الأول من المختارات الشعرية عام 1994، كما نشر كتاب "أيامي الحلوة"، والذي احتوى على مجموعة من القصص عن قرية أبنود في صعيد مصر، ونشرها متتالية في ملحق جريدة الأهرام.
الأبنودي وأمل دنقل ويحي الطاهر عبدالله
وارتبط عبد الرحمن الأبنودي بصداقة قوية مع مبدعين آخرين من مواهب صعيد مصر العظيمة، وهما الشاعر أمل دنقل والأديب يحيى الطاهر عبد الله، والذين جمعت بينهم رحلة كفاح امتدت من الصعيد حتى الرحيل إلى القاهرة.
أغاني الأبنودي
واشتهر الأبنودي بتأليف العديد من الأغاني لكبار المطربين، وكانت البداية عندما نشر الشاعر والفنان صلاح جاهين بعض أشعار الأبنودي في جريدة الأهرام، ثم حققت قصيدة "تحت الشجر يا وهيبة" شهرة ونجاحا كبيرا بعد نشرها بمجلة "صباح الخير"، ليغنيها المطرب محمد رشدي، وتحقق نجاحا كبيرا يدخل معه الأبنودي عالم الفن والشهرة، ويغني له رشدي أيضا، عدوية، ووسع للنور، وعرباوي.
الأبنودي وعبد الحليم
كما غنى له العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، بعضا من أشهر أغانيه، مثل المسيح، وعدى النهار، وأحلف بسماها وترابها، وأنا كل ما قول التوبة، وبركان الغضب، وابنك يقول لك يا بطل، صباح الخير يا سينا.
وغنت شادية للأبنودي: آه يا اسمراني اللون، قالي الوداع وأغاني فيلم شيئ من الخوف، ووردة: طبعًا أحباب، قبل النهاردة، وصباح: ساعات ساعات، وفايزة أحمد، يما يا هوايا يما، مال علي مال، قاعد معاي، وماجدة الرومي: جايي من بيروت، بهواكي يا مصر.
الأبنودي ومنير
وارتبط عيد الرحمن الأبنودي بحالة خاصة مع محمد منير والذي وصفه "الكينج" بالأب الروحي، وغنى له مجموعة من أشهر أغانيه، مثل برة الشبابيك وطعم البيوت ويونس.
كما ألف الأبنودي أغاني عدة أفلام أبرزها "شيء من الخوف"، وفيلم "البريء"، إضافة إلى أغاني مسلسلات تليفزيونية، في مقدمتها أغنية "ذئاب الجبل" الشهيرة، والتي تحولت إلى أيقونة للأغاني الصعيدية مع المطرب علي الحجار والموسيقار جمال سلامة، كما قدم الأبنودي أغنية بصوته خلال المسلسل الشهير وهي أغنية هيلا هيلا.
الأبنودي ينصف عبد الناصر
وكانت قصيدة مواويل وتناتيش للذكرى.. جمال عبدالناصر، من أشهر القصائد التي ألفها الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، والتي رثى ومدح عبد الناصر فيها، واعتبرت شهادة حية على عصر الزعيم الراحل، أنصف فيها انحيازها للفقراء والبسطاء، واعتبرت بمثابة رد اعتبار لناصر، برغم اعتقال الأبنودي في عصره، ومما قاله في قصيدته:
مش ناصري ولا كنت في يوم.. بالذات في زمنه وفي حينه.. لكن العفن وفساد القوم.. نسّاني حتى زنازينه.. في سجون عبد الناصر.. إزاى ينسّينا الحاضر.. طعم الأصالة اللى في صوته؟ يعيش جمال عبد الناصر.. يعيش جمال حتى ف موتُه.. ما هو مات وعاش عبد الناصر!!
ويتوفى عبد الرحمن الأبنودي في نفس شهر ميلاده، في 21 أبريل 2015، وتكتب عنه زوجته الإعلامية نهال كمال، كتابا تروي فيه تجربتها مع الخال، وتختار له اسم: ساكن في سواد النني، وتهديه له قائلة: "للقلب اللي ضايع مني يا مين يلاقهولي.. للقلب الأخضر.. للأبنودي".