في ذكرى وفاته
جمال الغيطاني.. مسيرة أدبية جسدت القاهرة الفاطمية
تاريخ أدبي حافل، سطره الأديب الكبير الراحل جمال الغيطاني، الذي استطاع أن يجسد ما يدور في «الحواري المصرية القديمة»، عبر العديد من الروايات الأدبية، نال عنها جوائز عدة، بالإضافة إلى دوره البارز في رصد بطولات الجيش المصري على الجبهة، خلال حرب أكتوبر التي حلت ذكراها الـ 51 الشهر الجاري.
تحل اليوم الجمعة، ذكرى وفاة الأديب الكبير جمال الغيطاني، الذي توفي يوم الأحد 5 الموافق 18 أكتوبر عام 2015، عن عمر ناهز السبعين عامًا، في مستشفى الجلاء العسكري، إثر إصابته بوعكة صحية أدخلته غيبوبة لأكثر من ثلاثة أشهر.
صاحب مشروع روائي
ولد جمال أحمد الغيطاني يوم الأربعاء 9 مايو عام 1945 في جهينة، إحدى مراكز محافظة سوهاج بصعيد مصر، وتلقى تعليمه الابتدائي فيها بمدرسة عبد الرحمن كتخدا، وأكمله في مدرسة الجمالية الابتدائية. في عام 1959 أنهى الإعدادية من مدرسة محمد علي الإعدادية، ثم التحق بمدرسة الفنون والصنائع بالعباسية.
وُصف «الغيطاني»، بأنه «صاحب مشروع روائي فريد استلهم فيه التراثَ المصري ليخلق عالمًا روائيًا عجيبًا يعد اليوم من أكثر التجارِب الروائية نُضجًا». تأثر كثيرًا بأستاذه وصديقه الأديب الروائي نجيب محفوظ، وكان لذلك أثر كبير في بلوغه هذه المنزلة مع اطلاعه الموسوعي على الأدب القديم.
رائد السرد
وأسهم «الغيطاني»، في إحياء الكثير من النصوص العربية المنسية وإعادة اكتشاف الأدب العربي القديم بنظرة معاصرة جادة. ووُصف أيضًا بأنه «قامة أدبية كبيرة وأحد روَّاد الرواية والسرد في مصر والعالم العربي»، وأحد أبرز الأصوات الروائية العربية في نصف القرن الأخير.
سُمي أحد شوارع القاهرة الفاطمية باسمه، وهو شارع متفرع من شارع المعز لدين الله الفاطمي، وأُطلق اسمه أيضًا على إحدى المدارس بمسقط رأسه في محافظة سوهاج.
في عام 1963 استطاع «الغيطاني» أن يعمل كرسام في المؤسسة المصرية العامة للتعاون الإنتاجية، حيث استمر بالعمل مع المؤسسة إلى عام 1965. تم اعتقاله في أكتوبر 1966 على خلفيات سياسية، وأطلق سراحه في مارس 1967، حيث عمل سكرتيرا للجمعية التعاونية المصرية لصناع وفناني خان الخليلي وذلك إلى عام 1969م.
مراسل حربي
في عام 1969، مرة أخرى استبدل الغيطاني عمله ليصبح مراسلا حربيا في جبهات القتال وذلك بمؤسسة أخبار اليوم. وفي عام 1974 انتقل للعمل في قسم التحقيقات الصحفية، وبعد إحدى عشر عاما في 1985 تمت ترقيته ليصبح رئيسا للقسم الأدبي بأخبار اليوم.
كان «الغيطانى» أحد مؤسسى الجريدة الأدبية «معرض 68»، والتي سرعان ما أصبحت اللسان الناطق باسم جيله من الكتاب. في عام 1993، أسس الغيطاني صحيفة أخبار الأدب الصادرة عن أخبار اليوم، والتي باتت منذ صدور عددها الأول من بين أهم الصحف الثقافية في مصر والعالم العربي. وشغل الغيطاني منصب رئيس تحرير الجريدة.
روايات الغيطاني
صدر له رواية «الزويل»، وهي رواية غرائبية عن زمن سحري، وتدور حول قبيلة «الزويل» التي تعيش بين مصر والسودان، والتي تخطط لحكم العالم. وصدر له أيضا رواية «البصائر والمصائر» والتي وصفت بأنها «واحدة من أخصب المحاولات الأدبية التي قام بها»، وصدرت عام 1988، وأبرزت الرواية التحولات الكبرى في المجتمع المصرى نتيجة الانفتاح الاقتصادي في عهد السادات، و«تعبر عما جرى للمصريين اللذين حاربوا والذين خرجوا من الوطن وتغربوا في بلاد النفط». وترجمت الرواية إلى الألمانية عام 2001، ووصفها المفكر السيد يس بأنها «المغامرة الإبداعية الأهم لجمال الغيطاني».
وتناقش روايته «حكايات الخبيئة» -الصادرة عن دار نهضة مصر للنشر- التناقضات الموجودة في النفس البشرية في ظل البطالة، وتداخل الرؤى الناتج عنها لدرجة انعدام الرؤية عند البعض، و«ينفذ الغيطانى إلى أعماق شخصياته للكشف عما هو متجذر في أعماق الذات».
عاشق أديب نوبل
على الرغم من علاقته الوثيقة بنجيب محفوظ، إلا أن الغيطاني لم يكن في يوم من الأيام ساعيا لتقليد محفوظ أو استنساخ شخصيته. فقد حافظ علي خصوصيته صامدة كما هي رغم قوة تأثير محفوظ عليه.
ولم يحدث في يوم من الأيام أن أسقط ناقد أدبي علي أي تشابه بين نصوص المبدعين». ومع ذلك، تتكرر أسماء الأماكن ذاتها في أعمال ونصوص الكاتبين مع اختلاف المعالجات، نظرا لأن الكاتبين معا «وقعا في هوي القاهرة المعزية والوله والهيام بحي الحسين»، وذلك بالإضافة إلى اشتراكها معا في صفة الانضباط والانصياع لنظام في الحياة. وتشمل تلك الأماكن التي تتكرر أسماؤها في أعمال الأديبين قصر الشوق والغورية وخان الخليلي وشارع المعز وخوش قدم.
جوائز مستحقة
حصل الغيطاني على الجوائز التالية:
- جائزة الدولة التشجيعية للرواية عام 1980
- جائزة سلطان بن علي العويس، عام 1997
- وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى
- وسام الاستحقاق الفرنسي من طبقة فارس، عام 1987
- جائزة الصداقة العربية 1994
- جائزة لورباتليون، لأفضل عمل أدبي مترجم إلى الفرنسية عن روايته التجليات مشاركة مع المترجم خالد عثمان في 19 نوفمبر 2005
- جائزة جرينزانا كافور 2006 للأدب الأجنبي
- جائزة الدولة التقديرية عام 2007 والتي رشحته لها جامعة سوهاج
- جائزة الشيخ زايد للكتاب في فرع الآداب للدورة الثالثة 2009 عن رواية «رن» وهي بعنوان فرعي آخر الدفتر السادس من دفاتر التدوين
- جائزة النيل للآداب 2015