أسس للترجمة و مكافحة الامية
ذكرى ميلاد رفاعة الطهطاوي.. ما لا تعرفه عن رائد النهضة العلمية بمصر
الاسم : رفاعة رافع الطهطاوى
تاريخ الميلاد : 15 أكتوبر 1801
تاريخ الوفاة : 27 مايو 1873
محل الميلاد : مركز طهطا - محافظ سوهاج
تحل اليوم الثلاثاء ذكرى ميلاد رفاعة الطهطاوي، الذي يعد رائد النهضة العلمية، نظرًا لإسهامته في الفكر والتنوير، وقدرته على نقل الخبرات الخارجية إلى الدولة المصرية، وإحداث نقلة نوعية في مختلف المناحي العلمية والثقافية.
ولد «الطهطاوي»، في 15 أكتوبر عام عام 1801 بمدينة طهطا بمحافظة سوهاج، ونشأ في عائلة ملحوظة من القضاة ورجال الدين فلقي رفاعة عناية من أبيه، فحفظ القرآن الكريم، وبعد وفاة والده رجع إلى موطنه طهطا، ووجد من أخواله اهتمامًا كبيرًا حيث كانت زاخرة بالشيوخ والعلماء، فحفظ على أيديهم المتون التي كانت متداولة في هذا العصر، وقرأ عليهم شيئًا من الفقه والنحو. التحق رفاعة وهو في السادسة عشرة من عمره بالأزهر في عام 1817 وشملت دراسته في الأزهر الحديث والفقه والتفسير والنحو والصرف، وغير ذلك. خدم بعدها إمامًا في الجيش النظامي الجديد عام 1824.
يبدأ المنعطفُ الكبير في سيرة رفاعة الطهطاوي، مع سفره خارج مصر لأول مرة سنة 1242هـ /1826م إلى فرنسا، ضمن بعثة عددها أربعين طالبًا، أرسلها محمد علي، على متن السفينة الحربية الفرنسية «لاترويت» في 13 أبريل 1826، لدراسة اللغات والعلوم الأوروبية الحديثة، وكان عمره حينها 24 عامًا.
كان الشيخ حسن العطار وراء ترشيح رفاعة للسفر مع البعثة إمامًا لها وواعظًا لطلابها، وكان بينهم 18 فقط من المتحدثين بالعربية، بينما كان البقية يتحدثون التركية، وذهب بصفته إمامًا للبعثة ولكنه إلى جانب كونه إمام الجيش اجتهد ودرس اللغة الفرنسية هناك وبدأ بممارسة العلم، وبعد خمس سنواتٍ حافلة أدى رفاعة امتحان الترجمة، وقدَّم مخطوطة كتابه الذي نال بعد ذلك شهرة واسعة تخليص الإبريز في تلخيص باريز.
وافتتح «الطهطاوي» سنة 1251هـ / 1835م مدرسة الترجمة، التي صارت فيما بعد مدرسة الألسن وعُيـِّن مديراً لها إلى جانب عمله مدرساً بها، وفي هذه الفترة تجلى المشروع الثقافي الكبير لرفاعة الطهطاوي ووضع الأساس لحركة النهضة التي صارت في يومنا هذا، بعد عشرات السنين إشكالاً نصوغه ونختلف حوله يسمى الأصالة أم المعاصرة كان رفاعة أصيلاً ومعاصراً من دون إشكالٍ ولا اختلاف، ففي الوقت الذي ترجم فيه متون الفلسفة والتاريخ الغربي ونصوص العلم الأوروبي المتقدِّم نراه يبدأ في جمع الآثار المصرية القديمة ويستصدر أمراً لصيانتها ومنعها من التهريب والضياع.
وظل جهد رفاعة الطهطاوي، يتنامى بين ترجمةً وتخطيطاً وإشرافاً على التعليم والصحافة، فأنشأ أقساماً متخصِّصة للترجمة «الرياضيات - الطبيعيات - الإنسانيات»، وأنشأ مدرسة المحاسبة لدراسة الاقتصاد ومدرسة الإدارة لدراسة العلوم السياسية.
وكانت ضمن مفاخره استصدار قرار تدريس العلوم والمعارف باللغة العربية «وهي العلوم والمعارف التي تدرَّس اليوم في بلادنا باللغات الأجنبية»، وإصدار جريدة الوقائع المصرية بالعربية بدلاً من التركية، هذا إلى جانب عشرين كتاباً من ترجمته، وعشرات غيرها أشرف على ترجمتها.
مكاتب محو الأمية
عاد «رفاعة» بأنشط مما كان، فأنشأ مكاتب محو الأمية لنشر العلم بين الناس وعاود عمله في الترجمة «المعاصرة» ودفع مطبعة بولاق لنشر أمهات كتب التراث العربي «الأصالة». قضى رفاعة فترةً حافلة أخرى من العمل الجامع بين الأصالة والمعاصرة حتى انتكس سعيد فأغلق المدارس وفصل رفاعة عن عمله سنة 1278هـ / 1861.
تولى الخديوي إسماعيل الحكم بعد وفاة سعيد باشا، سنة 1280هـ 1863م فعاد رفاعة الطهطاوي إلى العمل وقضي العقد الأخير من عمره الحافل في نشاط مفعم بالأمل، فيشرف مرة أخرى وأخيرة على مكاتب التعليم، ويرأس إدارة الترجمة، ويصدر أول مجلة ثقافية في تاريخنا روضة المدارس، ويكتب في التاريخ «أَنْوارُ تَوْفِيقِ الجَلِيل فِي أَخْبَارِ مِصْرَ وتَوْثِيقِ بَنىِ إِسْمَاعِيل»، وفي التربية والتعليم والتنشئة «مَبَاهِجُ الأَلْبَابِ المِصْرِيَّةِ فِى مَنَاهِج الآدَابِ العَصْرِيَّةِ»، «المُرْشِدُ الأَمِينِ للبَنَاتِ والبنَينِ»، وفي السيرة النبوية «نِهَايَةُ الإِيجَازِ فِي تَارِيخِ سَاكِنِ الحِجَازِ»، ومن مؤلفاته أيضاً «القول السديد في الاجتهاد والتجديد» و«تعريب القانون المدني الفرنساوي»، و«مغامرات تليماك» و«قلائد المفاخر» و«المعادن النافعة»، والكثير من المؤلفات الأخرى.
البعثة التعليمية
بعد أن أمضى «الطهطاوي، في الأزهر ست سنوات، جلس للتدريس فيه سنة 1821، وهو في الحادية والعشرين من عمره، والتف حوله الطلبة يتلقون عنه علوم المنطق والحديث والبلاغة والعروض، ثم ترك التدريس بعد عامين والتحق بالجيش المصري النظامي الذي أنشأه محمد علي إماماً وواعظاً لإحدى فرقه، واستفاد من هذه الفترة الدقة والنظام.
في سنة 1826 قررت الحكومة المصرية إيفاد بعثة علمية إلى فرنسا لدراسة العلوم والمعارف الإنسانية، وقرر محمد علي أن يصحبهم ثلاثة من علماء الأزهر الشريف لإمامتهم في الصلاة ووعظهم وإرشادهم. وكان رفاعة الطهطاوي واحداً من هؤلاء الثلاثة، ورشحه لذلك شيخه حسن العطار. بدأ رفاعة في أثناء ذلك تعلم اللغة الفرنسية ولذلك قررت الحكومة المصرية ضم رفاعة إلى بعثتها التعليمية، وأن يتخصص في الترجمة، وقبل أن يتقدم رفاعة للامتحان النهائي كان قد أنجز ترجمة اثني عشر عملاً إلى العربية.