إسرائيل تطلب إلغاء شهر أكتوبر
مصر حطمت أسطورتها.. وحزب الله طال قواعدها.. والمقاومة سحلتها في غزة ولبنان
أعتقد أن إسرائيل الأبنة غير الشرعية لبريطانيا والمدللة لدى البابا والعم سام، والخالات فرنسا وألمانيا وإيطاليا ستطلب في قادم الأيام إلغاء شهر أكتوبر من التقويم الميلادي لما يحمله لها من نكسات وإخفاقات.
قطار يافا
ففي الأول من شهر الآلام عام 2024، فوجئ المجتمع الإسرائيلي بشابين من مدينة الخليل الفلسطينية هما محمد راشد مسك وأحمد عبد الفتاح الهيموني ينفذان عملية بمحطة القطار في قلب مدينة يافا "تل أبيب حالياً".
تفاصيل العملية وفقا لبيان كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، والتي أعلنت مسؤوليتها عن الواقعة التي أدت وفق اعتراف سلطات الاحتلال إلى مقتل 7 صهاينةٍ وإصابة 16 آخرين بعضهم جراحه خطرة.. أن المجاهدان تمكنا من التسلل إلى داخل أراضينا المحتلة، وطعن أحد جنود الاحتلال والاستيلاء على سلاحه الآلي، ثم تنفيذ العملية البطولية في موقعين مختلفين في قلب (تل أبيب) أحدهما داخل إحدى عربة القطار ومحطة قطارات تل أبيب، والثانية في شارع القدس بالمدينة، وقاموا بالإجهاز على المغتصبين الصهاينة من مسافة صفر.
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه منذ السابع من أكتوبر 2023، قُتل 40 إسرائيليا، من ضمنهم عناصر أمن، في هجمات فلسطينية في إسرائيل والضفة الغربية، بما في ذلك هجوم يوم الثلاثاء 1 أكتوبر كما قُتل خمسة أفراد آخرين من قوات الأمن في اشتباكات مع مسلحين في الضفة الغربية.
صحيفة تايمز أوف إسرائيل قالت إن الهجوم، وهو واحد من أكبر الهجمات التي شهدتها إسرائيل في السنوات الاخيرة، جاء وسط تصاعد التوترات في إسرائيل بينما أعلن الجيش الإسرائيلي عن توغل بري في لبنان في محاولة لإبعاد جماعة حزب الله عن الحدود وقبل دقائق قليلة فقط من قيام إيران بشن هجوم صاروخي ضخم على إسرائيل.
ليلة الصواريخ الإيرانية
وبالتزامن مع عملية القطار، أطلقت إيران 200 صاروخ باتجاه الأراضي المحتلة.. انتقاما لاغتيال الشهيد إسماعيل هنية في طهران والذي يعد انتهاكا للسيادة الإيرانية، واغتيال قادة المقاومة إما بالمسيرات أو عن طريق قصف أماكن تواجدهم ومن بينهم الشهيد حسن نصر الله والقائد في الحرس الثوري العميد عباس نيلفروشان وانتقاما لدماء أطفال غزة المظلومين والمقاومين والمظلومين في لبنان، في عملية "الوعد الصادق 2".
رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري قال في تصريحات صحفية لقد استهدفنا القواعد العسكرية فقط، بما في ذلك ثلاث قواعد جوية رئيسية للكيان الصهيوني، الموساد كمركز للاغتيالات، وقاعدة نيفاتيم الجوية للطائرات F35، وقاعدة هاتسريم الجوية التي استخدمت في اغتيال الشهيد نصر الله، بالإضافة إلى الرادارات الاستراتيجية ومراكز تجمع الدبابات والمركبات المدرعة وعناصر الكيان بمحور نتساريم في قطاع غزة، وهي المسؤولة عن قتل سكان غزة.. ويذكر أن الفلسطينيين بقطاع غزة أكدوا سقوط صواريخ إيرانية على محور نتساريم الذي أنشأوه الاحتلال خلال حرب الإبادة الجماعية لفصل شمال القطاع عن جنوبه، وشاهدوا طائراته تقوم بإجلاء القتلى والمصابين.
وأضاف الحرس الثوري الإيراني في بيانه أن العملية استهدفت مراكز استراتيجية داخل الأراضي المحتلة، وبعض القواعد الجوية والرادارية؛ ومراكز التآمر والتخطيط لاغتيال قادة المقاومة، مشيراً إلى أن 90 % من الصواريخ أصابت أهدافها بنجاح.
طهران أوضحت أنها لم تُستهدف المراكز الاقتصادية والصناعية للكيان أو المدنيين في الأراضي المحتلة، رغم إمكانية ذلك.. مؤكدة استعدادها لتكرار الهجوم بأضعاف حجمه إذا لم يتم كبح جماح الكيان الصهيوني، الذي أصبح متهورًا، بفضل المساعدات من قبل أمريكا وأوروبا. وإذا استمر في ارتكاب جرائمه أو حاول العمل ضد سيادتنا ووحدة أراضينا، محذرةً الاحتلال الإسرائيلي من الرد على هذه العملية التي تمت في إطار حق الدفاع المشروع ووفقا للقوانين الدولية، وأي حماقة من العدو سيتم الرد عليه بطريقة مدمرة وتبعث على الندم.
محاولة اجتياح لبنان
بعد أربعة أيام من اغتيال الشهيد حسن نصر الله بحارة حايك بالضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت إثر غارة جوية استخدمت فيها صواريخ خارقة للحصون يوم الخميس 27 سبتمبر 2024، أعلنت إسرائيل عن بدء عملية عسكرية برية لاجتياح لبنان.. ومنذ الأول من أكتوبر 2024 وحتى وقت كتابة هذه السطور في الخامس من أكتوبر، نفذت القوات الإسرائيلية 18 محاولة للدخول للأراضي اللبنانية دون جدوى لبسالة قتال عناصر حزب الله رغم الغارات التدميرية للمباني السكنية والمستشفيات والطرق واغتيال قادة الحزب.
ومنذ بدء محاولة العملية البرية وحزب الله يطلق صواريخه على الأراضي المحتلة مستهدفا المستوطنات والتجمعات والقواعد العسكرية والمصانع الاستراتيجية ومقرات الموساد في حيفا ويافا "تل أبيب حالياً".. وفقا لبيانات حزب الله فإن حجم العمليات الصاروخية تجاوز العشرين منذ استشهاد السيد حسن نصر الله.
في عصر يوم الجمعة الرابع من أكتوبر 2024 ، وخلال محاولة يائسة ، حاول جنود النخبة في جيش العدو الإسرائيلي ، وبعد تغطية نارية مدفعية وجوية، التقدم من محورين باتجاه بلدتي مارون الراس ويارون عند الحافة الأمامية للحدود اللبنانية الفلسطينية، ولدى وصول القوات لنقاط الكمائن المعدّة مسبقًا، فجّر مجاهدو المقاومة الإسلامية عددًا من العبوات واشتبكوا مع ضباط وجنود النخبة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقذائف الصاروخية، من مسافات قريبة وصلت إلى مسافة صفر، مما أسفر عن قتل وجرح أكثر من 20 في صفوف القوة المتسللة، وانسحبت القوات تحت غطاء مدفعي من مرابض العدو داخل الأراضي المحتلة.
وقد تزامن مع ذلك إعلان جيش الاحتلال، عن مقتل جنديين من لواء جولاني وإصابة 25 آخرين، حالة اثنين منهم خطيرة، في انفجار مسيّرة أطلقت من العراق باتجاه شمال الجولان.
وفي يوم السبت الخامس من أكتوبر 2024، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، عن مقتل 9 جنود وإصابة 86 بينهم 16 في حالة خطرة منذ بداية العملية البرية عند الحدود الشمالية.. فضلا عن إصابة 47 جنديا بينهم 5 بجروح خطيرة في مختلف جبهات القتال خلال الساعات الماضية من يوم السبت، الذي رصدت فيه هيئة البث الإسرائيلية إطلاق أكثر من 135 صاروخا من لبنان على مناطق عدة بشمال إسرائيل منذ صباح اليوم..
الاحتلال يحاول العثور على ثغرة ليعبر من خلالها داخل الأراضي اللبنانية، ولكنه يفشل في كل مرة، ويداري عجزه بالهجوم الجوي على المناطق المدنية والمدنيين.
مفاجئة 6 أكتوبر 1973
في السادس من أكتوبر عام 1973، فوجئ العالم بهجوم مفاجئ من قبل الجيش المصري والجيش السوري على القوات الإسرائيلية التي كانت مرابطة في سيناء وهضبة الجولان، والتي كان من نتائجها استرداد السيادة المصرية الكاملة على قناة السويس وعودة الملاحة في القناة بدءا من يونيو/حزيران 1975، واسترداد مصر جميع أراضيها في شبه جزيرة سيناء واسترداد سوريا جزءا من مرتفعات الجولان، بما فيها مدينة القنيطرة، ومهدت الحرب الطريق لاتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، التي وُقّعت في سبتمبر/أيلول 1978 إثر مبادرة أنور السادات في نوفمبر/تشرين الثاني 1977 بزيارة للقدس.
وحرب أكتوبر 1973 يكفي أنها تدرس في الكليات العسكرية العالمية لما تضمنته من خداع استراتيجي وتكتيك عسكري غير مسبوق.. ولولا التدخل الأمريكي العسكري والمخابراتي لما تمكنت إسرائيل من الصمود وكانت القوات المصرية قد دخلت تل أبيب.
وبانتصار أكتوبر 1973 تكون مصر قد حطمت الأسطورة التي نسجتها إسرائيل لنفسها بأنها القوة والجيش الذي لا يهزم.
طوفان الأقصى
في السادسة والنصف من صباح السبت 7 أكتوبر 2023، بدأت عملية طوفان الأقصى بإطلاق المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة قرابة 5 ألاف صاروخ على صوب مختلف المستوطنات الإسرائيلية من ديمونا ثالث أكبر منطقة النقب جنوب فلسطين المحتلة إلى هود هشارون في شمال البلاد والقدس في الشرق، وتزامنَ مع إطلاق الصواريخ اقتحام برّي من المُقاومين عبر السّيارات رُباعيّة الدّفع والدّراجات النّارية والطّائرات الشّراعيّة وغيرها للبلدات المتاخمة للقطاع، والتي تُعرف باسم غلاف غزة حيث سيطروا على عددٍ من المواقع العسكريّة خاصة في سديروت وأوفاكيم ونتيفوت، وخاضوا اشتباكاتٍ عنيفة في المستوطنات الثلاثة وفي مستوطنات أخرى كما أسروا نحو 250 من الجنود والمدنيين فضلًا عن اغتنامِ مجموعةٍ من الآليّات العسكريّة الإسرائيلية.. وأسفرت المواجهات عن مقتل 1200 إسرائيلي.
لتبدأ بعدها معركة بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي لازالت مستمرة حتى وقتنا ذلك، تكبدت خلالها إسرائيل وفقا لبيان لجيشها في أغسطس 2024 ،10 آلاف و56 جنديا جريحا منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بمعدل أكثر من ألف جريح جديد كل شهر، وفي ذلك السياق أوضحت هيئة البث الإسرائيلية أن 35% من الجرحى الجنود يعانون القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، و37% يعانون من إصابات في الأطراف ،و 68% من الجنود الجرحى هم من جنود الاحتياط ومعظمهم من الشباب، حيث إن 51% تتراوح أعمارهم ما بين 18 و30 عاما، و31% تتراوح أعمارهم ما بين 30-40 عاما، وحوالي 28% من جميع الجرحى أفادوا بأن التأقلم العقلي هو إصابتهم الرئيسية..
ووفقا لبيانات الجيش فقد بلغ عدد القتلى 690 جنديا وضابطا قتلوا منذ بداية الحرب، بينهم 330 بالمعارك البرية في قطاع غزة وذلك حتى أغسطس 2024.. فيما أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن عدد القتلى الإسرائيليين وصل إلى 1538 خلال الشهرين الأوليين من بداية المعركة، في حين تجاوز عدد الجرحى 5 آلاف.
فيما أدى العدوان الاسرائيلي على مدى 365 يوما لاستشهاد 41,825 شهيد وإصابة 96,910 منذ السابع من أكتوبر الماضي 2024 وحتى الخامس من أكتوبر 2024.
لبنان على طريق القدس
في الثامن من أكتوبر 2023، دخلت لبنان على خط الحرب لإسناد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، والتي قام خلالها حزب الله باستهداف المستوطنات برشقات صاروخية تراوحت والتي بدأت بعشرات الصواريخ حتى باتت تتراوح ما بين 100 و200 صاروخ يوميا.. وأدت إلى تهجير حوالي 200,000 من سكان المستوطنات الشمالية، وأشعال الحرائق فقد رصد الإعلام الإسرائيلي يوم السبت /4 أكتوبر / نشوب أكثر من 135 حريقا في شمال إسرائيل جراء إطلاق 800 صاروخ خلال 4 أيام من لبنان.. فيما قدرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عدد الصواريخ التي أطلقها حزب الله منذ استشهاد حسن نصر الله وحتى الأول من أكتوبر بنحو ألف صاروخ.
في أغسطس 2024، كشف موقع "والا" الإسرائيلي عن مقتل 44 شخصا منذ بداية المواجهات مع حزب الله اللبناني، بينهم 24 مدنيا و19 ضابطا وجنديا وعامل أجنبي واحد، وإصابة 271 إسرائيليا، منهم141 جنديا وضابطا، وإطلاق حزب الله 1091 صاروخا خلال شهر يوليو 2024 بارتفاع يعادل 3 أضعاف مقارنة بمطلع عام من المواجهات، كما أوضح الموقع احتراق 180 ألف دونم من الأراضي في شمال إسرائيل.
فيما أوضحت القناة 12 الإسرائيلية أنه خلال عشرة أشهر من المواجهات تم اندلاع حرائق في 790 موقعا في الجليل والجولان، والتي أتت على 189 كيلومترا مربعا، وذلك بعد أن تعرضت هذه المناطق لما لا يقل عن 6500 قذيفة صاروخية أُطلقت من جنوب لبنان.
المصريون يستولون على الخط المنيع
في التاسع من أكتوبر 1973، أعلنت إسرائيل فقدها السيطرة على خط بارليف على الشاطئ الشرقي لقناة السويس واستيلاء القوات المصرية عليه بالكامل بعد ثلاثة أيام من الحرب، وبارليف شيدته إسرائيل بتكلفة حوالي 500 مليون دولار، بعد احتلالها سيناء عام 1967، بهدف تأمين الضفة الغربية لقناة السويس ومنع عبور أي قوات مصرية إليها.
خط بارليف هو ساتر ترابي ذو ارتفاع كبير - من 20 إلى 22 مترا - وانحدار بزاوية 45 درجة على الجانب المواجه للقناة، تميز بوجود 20 نقطة حصينة تسمى «دشم» على مسافات تتراوح من 10 إلى 12 كم وفي كل نقطة حوالي 15 جندي مسؤوليتهم الإبلاغ عن أي محاولة لعبور القناة وتوجيه المدفعية إلى مكان القوات التي تحاول العبور. كما كانت عليه مصاطب ثابتة للدبابات، وكان في قاعدته أنابيب تصب في قناة السويس لإشعال سطح القناة بالنابالم في حالة محاولة القوات المصرية العبور، والتي قامت القوات المصرية الخاصة بسدها تمهيدا للعبور في واحدة من أعظم العمليات.
الخط الذي روجت له إسرائيل طويلا، وقالت إنه من المستحيل عبوره وأنه سيبيد الجيش المصري لأنه أقوى من خط ماجينو الذي بناه الفرنسيون بعد الحرب العالمية الأولى، نجح الجيش المصري في الساعات الأولى من عبوره والاستيلاء عليه وتحطيم الأسطورة التي لا تقهر.
أسيوط تغرق إيلات في بورسعيد
في 21 أكتوبر 1967، بعد 4 أشهر من هزيمة يونيو، قامت البحرية المصرية بإغراق المدمرة "إيلات" التي اشترتها إسرائيل من إنجلترا قبالة مدينة بورسعيد.. وكان إغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات بواسطة 4 صواريخ بحرية سطح / سطح، هي الأولى من نوعها في تاريخ الحروب البحرية وبداية مرحلة جديدة من مراحل تطوير الأسلحة البحرية واستراتيجيات القتال البحري في العالم فقد تم في هذه العملية تدمير مدمرة حربية كبيرة بلنش صواريخ للمرة الأولى في التاريخ.. ونفذت البحرية المصرية تدمير إيلات التي كان على متنها 100 ضابط وجندي من البحرية الإسرائيل بالإضافة إلى دفعة من طلبة الكلية البحرية، بزورقين أحدهما اسمه أسيوط.
وختاما
أكتوبر تاريخ لا ولن ينتهي من الانتصارات العربية على إسرائيل.. مضى عام من الغزو البري والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة دون نصر، لا هي أعادة الرهائن أحياء ولا هي قضت على المقاومة الفلسطينية.. وهاهي تحاول الدخول للأراضي اللبنانية دون جدوى رغم اغتيالها لقادة المقاومة لكن المقاومة ثابتة.. أهٍ لو تدرك إسرائيل ومن ورائها أن أبناء وأحفاد أبطال أكتوبر 1973، قادرين على تحقيق إنجازات أخيهم الجندي المصري في السادس من أكتوبر لعقدت معنا سلام دائم وساعدت على إقامة الدولتين.. بدلاً من سحلها على رمال سيناء وغزة ولبنان وأزقة الضفة.