و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

يشهد العالم تحولاً تكنولوجيا غير مسبوق حيث متلك مصر كوادر بشرية مؤهلة وبنية تحتية تكنولوجية واعدة وتعد مصر جزءا لا يتجزأ من هذا التحول، مما يجعلها قادرة على أن تصبح قوة تكنولوجية إقليمية وعالمية. إن توجيه الشركات التكنولوجية المصرية إلى الأسواق الاقليمية و العالمية ليس مجرد خيار بل هو ضرورة استراتيجية لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام في مستقبل مصرالحديثة و الأجيال القادمة وتعزيز مكانة مصرعلى الخريطة التكنولوجية العالمية.

في ظل التطلع إلى بناء مصر الحديثة والنمو الاقتصادى المستدام فى رؤية مصر 2030 يبرز قطاع تكنولوجيا المعلومات كأحد أهم القطاعات التي يمكن أن يساهم في تحقيق هذا الحلم. فقد استطاعت الهند أن تحول هذا القطاع إلى محرك رئيسي لنموها الاقتصادي وفقا للرابطة الوطنية لشركات البرمجيات والخدمات الهندية (NASSCOM) بلغت إيرادات صناعة تكنولوجيا المعلومات الهندية 227 مليار دولار أمريكي في السنة المالية 2022 بزيادة قدرها 15.5% على أساس سنوي ومن المتوقع أن تكون قد وصلت إلى 245 مليار دولار أمريكي في السنة المالية 2023. نجاح الهند في قطاع تكنولوجيا المعلومات يثبت أن هذا القطاع يمكن أن يكون محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي. ومصرالتي تمتلك إمكانات مماثلة للهند قادرة على تحقيق نفس النجاح بل و تجاوزه.

الاستثمار في الكوادر البشرية والشراكات الدولية هو المفتاح لتعزيز حضور الشركات التكنولوجية المصرية عالميًا. من خلال بناء قدرات الكوادر البشرية على مدار مسيرتهم التعليمية والمهنية بدءا من المراحل قبل الجامعية مرورا بالمرحلة الجامعية وصولا إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال برامج تدريبية تركز على مهارات التفاوض والتسويق الدولي وطرق بناء العلاقات والشراكات الفنية والتجارية الدولية.وتسويق المنتجات والخدمات التكنولوجية المصرية في الأسواق العالمية من خلال تعزيز دور السفارات والمكاتب التجارية المصرية في الخارج وتنظيم المشاركة في المعارض والمؤتمرات الدولية وبناء شبكات علاقات قوية مع الشركات العالمية. تسهيل مشاركة الشركات المصرية الصغيرة والمتوسطة في المعارض والمؤتمرات الدولية وتعزيز التعاون مع الجامعات والمراكز البحثية سيساهم في تمكين هذه الشركات من النمو والتوسع. وعلى الشركات أن تقوم بدورها الوطني من خلال تطوير استراتيجيتها للانفتاح على الأسواق الخارجية والاستفادة من الفرص المتاحة، مستلهمين من نجاحات دول مثل الهند التي حولت قطاع تكنولوجيا المعلومات إلى محرك رئيسي لاقتصادها.

ومن المؤشرات الإيجابية في مصر خلال السنوات الأخيرة، التطور الملحوظ في تطوير البنية التعليمية في مجال تكنولوجيا المعلومات، حيث تخطو مصر بخطوات واثقة نحو تحقيق أهداف رؤية مصر 2030 في بناء اقتصاد رقمي قائم على المعرفة والابتكار. وتؤكد الأرقام المتزايدة لعدد الجامعات والمعاهد ومراكز البحث العلمية على هذا التقدم فمن 49 جامعة عام 2014 ارتفع العدد إلى 108 جامعة حاليًا بزيادة تقدر بأكثر من 120% وجارى إنشاء 17 جامعة تكنولوجيه أخرى لتضاف الى العدد الحالى. كما وصل عدد المعاهد إلى 204 معهد. بالإضافة إلى ذلك تم إنشاء وتطوير 11 مركزًا بحثيًا تابعًا لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي. ساهم هذا التوسع الكبير في توزيع البنية التحتية التعليمية في مجال تكنولوجيا المعلومات في تمكين الشباب المصري فى جميع المحافظات من الحصول على فرص متساوية للتعليم والتطوير و تخريج أجيال من الكوادر المؤهلة القادرة على الاندماج في سوق العمل المحلي والإقليمي والعالمي.

البرامج الجديدة المميزة

وبالتوازي مع هذا التوسع الكمي شهدت مصر تطورات نوعية في مجال التعليم والبحث العلمي. فقد تم زيادة الدعم الموجه للبحث العلمي لا سيما في مجال الذكاء الاصطناعي حيث تم تمويل 318 بحثًا علميًا في مجال الذكاء الاصطناعي بقيمة 730 مليون جنيه و تنفيذ 39 برنامجًا دوليًا مولته هيئة العلوم والتكنولوجيا ليشمل عدد المشروعات الممولة 849 مشروعًا، أيضًا 1202 مشروع تنفذه أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بتمويل 2 مليار جنيه منهم 571 مشروعًا جاريًا. وزيادة نسبة الباحثين العاملين في مختلف مجالات البحث والتطوير إلى 47% في العشر سنوات الأخيرة. وزيادة في البرامج الجديدة المميزة بالجامعات الحكومية بنسبة تقدر 177.8% من 400 برنامج إلى 871 برنامج و زيادة عدد الكليات والمعاهد الخاصة بنسبة تقدر 60.2% من 252 معهدًا وكلية خاصة إلى 402 معهدًا وكلية خاصة في العشر سنوات الأخيرة.

لقد استعرضنا مع هذه النظرة السريعة الإمكانات والتقدم الذي تم إحرازه في بناء البنية التعليمية في مجال تكنولوجيا المعلومات والتي تعد حجر الأساس لقطاع صناعة تكنولوجيا المعلومات لتخريج أجيال مؤهلة لتلبية متطلبات العصروتحديات المستقبل و تكون عونا على إستكمال مسيرة نهضة الأمة وبناء حاضرها ومستقبلها. سننتقل في حديثنا القادم إلى ركيزة أخرى لا تقل أهمية وهي تطورات البنية التحتية للاتصالات والتكنولوجيا في مصر لتمكين اجيال مصرمن قيادة هذا التحول.

وتستمر الرحلة من الفكرة إلى الواقع

مصطفى زكى , خبير إدارة وتطوير الأعمال , [email protected]

 

تم نسخ الرابط