في خطاب تاريخي بعد حلف اليمين الدستورية
السيسي يكشف عن توجهات وأسس الجمهورية الجديدة حتى عام 2030
حدد الرئيس عبد الفتاح السيسي ملامح وأسس الجمهورية الجديدة، في خطابه التاريخي أمام مجلس النواب في مقره الجديد بالعاصمة الإدارية اليوم، بعد أدائه اليمين الدستورية، في بداية ولايته الثالثة والتي تمتد حتى عام 2030.
وقال الرئيس السيسي في خطابه الذي وجهه إلى الشعب المصري، إن التحديات المحيطة بمصر غير مسبوقة في تاريخنا الحديث مؤكدا أن الشعب المصري هو صاحب الفضل في مواجهة التحديات، كما بدأ الرئيس السيسي خطابه بتلاوة الآية القرآنية الكريمة: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير، إنك على كل شئ قدير}، ثم وجه تحية شكر وتقدير إلى شعب مصر العظيم، قائلا إنه صاحب الكلمة وصاحب القرار ورمز الأصالة والعزة والصمود على تجديد الثقة لتحمل مسئولية قيادة وطننا العظيم لفترة رئاسية جديدة.
السيسي: استكمال مسيرة بناء الوطن
كما جدد الرئيس السيسي العهد للشعب على استكمال مسيرة بناء الوطن وتحقيق التطلعات المصرية فى بناء دولة حديثة ديمقراطية متقدمة فى العلوم والصناعة والعمران والزراعة والآداب والفنون، متسلحين بعراقة تاريخ لا نظير له بين البلاد، وعزيمة حاضر، أشد رسوخا من الجبال، وآمال مستقبل، يحمل بإذن الله كل الخير لبلدنا وشعبنا.
وأشار الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى أنه منذ اليوم الأول الذي لبى فيه نداء الشعب وسعى لتحقيق إرادته التى أعلنها جلية ساطعة مدوية، وتحركه مع الشعب كرجل واحد لإنقاذ وطننا من براثن التطرف والدمار والانهيار، كما أقسم أن يظل أمن مصر وسلامة شعبها العزيز وتحقيق التنمية والتقدم بهـــا هــــو خيــــاره الأول، فـــوق أى اعتبـــار، وذلك من خلال نهج المصارحة والمشاركة بشأن كل القضايا والتحديات التي نواجهها، مشددا على أن تماسك كتلتنا الوطنية ووحدة شعبنا هى الضمانة الأولى، للعبور بهذا الوطن إلى المكانة التى يستحقها.
طريق بناء الأوطان ليس مفروشا بالورود
وأضاف الرئيس السيسي أن السنوات القليلة الماضية أثبتت أن طريق بناء الأوطان ليس مفروشا بالورود، وأن تصاريف القدر، ما بين محاولات الشر الإرهابى بالداخل، والأزمات العالمية المفاجئة بالخارج، والحروب الدوليـة والإقليميـة العاتية من حولنا، تفرض علينا مواجهة تحديات، ربما لم تجتمع بهذا الحجم وهذه الحدة عبر تاريخ مصر الحديث، وهى التحديات التى لم يكن لنا أن نصمد فى وجهها، لولا عراقة شعبنا العظيم، وما بذله من جهود خارقة، عبر السنوات الماضية، لإعادة بناء بلادنا وتقوية بنيانها بما يمكننا من اجتياز أية صعوبات بمشيئة الله.
ونوه الرئيس السيسي بن عالم اليوم بما يشهده من تحديات متصاعدة، حضاريا وعلميا وتكنولوجيا وعمرانيا وسياسيا واقتصاديا، يحتم علينا أن ننتبه بكل طاقاتنا إلى أننا فى سباق مع الزمن، فالتقدم المستمر لا يتوقف لينتظر أحدا، وقد قطعنا شوطا كبيرا فى فترة زمنية وجيزة، مواجهين الصعاب والتحديات، ومدركين أننا نتحدى أنفسنا، قبل أى شىء آخر، وهو التحدى الذى يفوز به دائما المعدن المصري النادر، الذى تزيده جسامة التحديات صلابة وقوة.
مستهدفات العمل الوطنى
ووضع الرئيس السيسي أهم ملامح ومستهدفات العمل الوطنى خلال المرحلة المقبلة، وذلك استجابة لتكليف الشعب المصري له، بمواصلة قيادة مسيرة وطننا العظيم، وعلى صعيد علاقات مصر الخارجية، قال الرئيس إنها تتمثل في أولوية حماية وصون أمن مصر القومى، فى محيط إقليمى ودولى مضطرب، ومواصلة العمل على تعزيز العلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف فى عالم جديد تتشكل ملامحه، وتقوم فيه مصر بدور لا غنى عنه لترسيخ الاستقرار، والأمن، والسلام، والتنمية.
وعلى الصعيد السياسى، أكد الرئيس السيسي استكمال وتعميق الحوار الوطنى خلال المرحلة المقبلة، وتنفيذ التوصيات التى يتم التوافق عليها على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، فى إطار تعزيز دعائم المشاركة السياسية والديمقراطية خاصة للشباب، كما شدد على تبنى استراتيجيات تعظم من قدرات وموارد مصر الاقتصادية، وتعزز من صلابة ومرونة الاقتصاد المصرى فى مواجهة الأزمات مع تحقيق نمو اقتصادى قوى ومستدام ومتوازن، وتعزيز دور القطاع الخاص كشريك أساسى فى قيادة التنمية، والتركيز على قطاعات الزراعة، والصناعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، وزيادة مساهمتها فـى الناتـج المحلـى الإجمالـى تدريجيـا، وأيضا زيادة مساحة الرقعة الزراعية والإنتاجية للمساهمة فى تحقيق الأمن الغذائى لمصر وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، لتوفير الملايين من فرص العمل المستدامة، مع إعطاء الأولوية لبرامج التصنيع المحلى لزيادة الصادرات ومتحصلات مصر من النقد الأجنبى.
وأعلن الرئيس السيسي عن بنى إصلاح مؤسسى شامل يهدف إلى ضمان الانضباط المالى وتحقيق الحوكمة السليمة، من خلال ترشيد الإنفاق العام، وتعزيز الإيرادات العامة، والتحرك باتجاه مسارات أكثر استدامة للدين العام، وكذلك تحويل مصر لمركز إقليمى للنقل وتجارة الترانزيت والطاقة الجديدة والمتجددة، والهيدروجين الأخضر ومشتقاته، إلى جانب تعظيم الدور الاقتصادى لقناة السويس، وتعظيم الاستفادة من ثروات مصر البشرية من خلال زيادة جودة التعليم لأبنائنا، وكذا مواصلة تفعيل البرامج والـمبادرات، الرامية إلى الارتقاء بالصحة العامة للمواطنين، واستكمال مراحل مشروع التأمين الصحى الشامل.
دعم شبكات الأمان الاجتماعى
كما أكد دعم شبكات الأمان الاجتماعى وزيادة نسبة الإنفاق على الحماية الاجتماعية، وزيادة مخصصات برنامج الدعم النقدى "تكافل وكرامة" وكذلك إنجاز كامل لمراحل مبادرة "حياة كريمة"، التى تعد أكبر المبادرات التنموية فى تاريخ مصر بما سيحقق تحسنا هائلا فى مستوى معيشة المواطنين فى القرى المستهدفة، مع الاستمرار فى تنفيذ المخطط الاستراتيجى للتنمية العمرانية واستكمال إنشاء المدن الجديدة من الجيل الرابع، مع تطوير المناطق الكبرى غير المخططة، واستكمال برنامج "سكن لكل المصريين" الذى يستهدف بالأساس الشباب والأسر محدودة الدخل.
أسس الجمهورية الجديدة
ولفت الرئيس السيسي إلى أن تشييد وتدعيم أسس الجمهورية الجديدة، يشهد نموا وتطورا كل يوم بما تصنعه أيدينا من عمل وجهد، وبما نمتلكه من إصرار على أن لمصر الحق فى الحلم، ولشعبها الحق فى الحياة الكريمة، ولأمتها الحق فى المكانة العظيمة بين الأمم.
وفي ختام خطابه امام مجلس النواب بعد حلف اليمين الدستورية، عاهد الرئيس السيسي الله، وعاهد الشعب المصري، بأن يظل مخلصا فى عمله، لا ترى عينه سوى مصالح الشعب ومصلحة هذا الوطن متسلحا بعزيمة المصريين وبأصلهم الطيب، ليحافظ على العهد والوعد لمصــر الحبـيـبــة، وشـــعبها العـزيــز، وقبل كل شئ لله سبحانه وتعالى.
واختتم الرئيس السيسي خطابه بتلاوة الآية القرآنية الكريمة: {رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث، فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة، توفني مسلما وألحقني بالصالحين}.