و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

كيف انتقمت أمريكا لكبريائها بعد 11سبتمبر

مركز التجارة العالمي .. قصة برج غير مسار التاريخ وأشعل حربا عالمية

موقع الصفحة الأولى

لم يكن مركز التجارة العالمي مجرد مبان وإنما كان احد رموز القوة الأمريكية، إلى جانب كونه أحد الرموز الرئيسية لعاصمة المال والاعمال نيويورك، ولعب دورًا رئيسيًا في الثقافة الشعبية الامريكية، حيث تشير بيانات هوليود إلى  ظهور المركز في 472 فيلمًا أمريكيا، ومئات الأفلام العالمية الاخرى.
ولذلك كان الهجوم الإرهابى الذى تعرض له مركز التجارة العالمي وبعض المواقع الأمريكية الأخرى فى الحادى عشر من سبتمبر عام 2001، تحولا جديدا غير مسار التاريخ وأشعل حروبا دموية راح ضحيتها مئات الألاف حول العالم.  
مركز التجارة العالمي أو البرجان التوأمان، كان مجمعاً يتكون من سبعة مبان تقع في مانهاتن السفلى في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة، صممه المهندس المعماري الأمريكي والياباني الأصل مينورو ياماساكي. 
كان المجمع الذى افتتح في الرابع من أبريل عام 1973، يقع في قلب مدينة نيويورك وسط المقاطعة المالية على مساحة 1,24 مليون متر مربع وهو ما يمثل 4% من مساحة منهاتن في ذلك الوقت.
وفى أحداث 11 سبتمبر 2001، تم تدمير مركز التجارة العالمي، وقتل 2977 شخصا في تلك الهجمات التي تبناها تنظيم القاعدة، حيث صدمت طائرتان برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، وطائرة ثالثة البنتاجون، أما الرابعة، التي كانت تستهدف مبنى الكونجرس فتحطمت في في بنسلفانيا، ولم ينج أحد من ركاب الطائرات الأربع.

 

عاصفة اللهب والغبار

حلق الخاطفون التابعون لتنظيم القاعدة بطائرتين من طراز بوينج 767 صباح يوم 11 سبتمبر عام 2001، واصطدموا بالبرجين الشمالي والجنوبي في غضون دقائق متتالية انهار كلا البرجين بعد ساعتين.
أسفرت الهجمات عن مقتل 2,606 شخص داخل الأبراج وبالقرب منها، بالإضافة إلى مقتل جميع المسافرين على متن الطائرتين والبالغ عددهم 157 شخصًا. 
أدى الحطام المتساقط من الأبراج، بالإضافة إلى الحرائق الناتجة عن تساقط الحطام في العديد من المباني المحيطة، إلى انهيار جزئي أو كلي لجميع مباني المجمع، والتسبب في أضرار كارثية لعشرة مبانِ كبيرة أُخرى في المنطقة المحيطة.
استغرقت عملية التنظيف وإصلاح الأضرار في موقع مركز التجارة العالمي ثمانية أشهر، والتي شملت إزالة بقايا المباني الأخرى.
زعيم القاعدة أسامة بن لادن برر في ذلك الوقت تلك الهجمات على الولايات المتحدة، بأنها رد فعل على الظلم المتواصل الذي يمارس على فلسطين والعراق والصومال وجنوب السودان وفي غيرها كما في كشمير وآسام.
ورغم مرور أكثر من عقدين من الزمان على هجمات 11 سبتمبر، إلا أن الاحداث مازالت ماثلة في أذهان الأميركيين، ويتذكر العالم كيف تحولت سماء مانهاتن الصافية إلى عاصفة من اللهب والغبار وقبل أن تنقشع العاصفة كان مركز التجارة العالمي كومة من الحطام.


7 مجمعات وبرجان

كان مركز التجارة العالمي عبارة عن مجمع كبير يتكون من سبعة مباني، فضلا عن البرجين التوأمين، أطول المبانى فى العالم فى ذلك الوقت حيث بلغ طول البرج الاول 417 مترا، اما البرج الثانى فبلغ 415 مترا.
وضمت المباني الأخرى في المجمع مركز ماريوت التجاري العالمي مركز التجارة العالمي الثالث ومركز التجارة العالمي الرابع ومركز التجارة العالمي الخامس ومركز التجارة العالمي السادس ومركز التجارة العالمي السابع، فيما احتوى المجمع على 1.24 مليون متر مربع من المساحات المكتبية.
وتعرض مركز التجارة العالمي لعدة حوادث كبرى، كان من بينها حريق في 13 فبراير عام 1975 وتفجير في 26 فبراير عام 1993 وسرقة بنك في 14 يناير عام 1998. 
كان مركز التجارة العالمي أحد الرموز الرئيسية لمدينة نيويورك، ولعب دورًا رئيسيًا في الثقافة الشعبية الامريكية، حيث تشير بيانات هوليود إلى  ظهور المركز في 472 فيلمًا أمريكيا، ومئات الأفلام العالمية الاخرى. 
أصيب الغرور الامريكى فى مقتل، واعلنت الولايات المتحدة حربين على أفغانستان والعراق تسببتا في سقوط أكثر من 500 ألف مدني وتدمير عدة مدن، كما خلفتا أكثر من 6200 قتيل بين الجنود الأميركيين، وكلفتا الولايات المتحدة 4 آلاف مليار دولار.


إشعال حرب عالمية

بعد الهجوم، شرعت الولايات المتحدة في حملة دولية للقضاء على تنظيم القاعدة وجميع الدول التي زعمت أمريكا انها توفر ملاذا آمنا للجماعات الإرهابية.
وفي خطاب أمام أعضاء الكونجرس بعد تسعة أيام من الهجمات، قال الرئيس الأمريكي حينها جورج دبليو بوش: من اليوم فصاعدا، ستعتبر الولايات المتحدة أي دولة تؤوي أو تدعم الإرهاب بأنها نظام معادٍ، معلنا وضع بلاده في حالة تأهب للحرب.
واعتبر أن الطريقة الوحيدة لهزيمة الإرهاب الذي يهدد حياة الامريكان هي إيقافه والقضاء عليه وتدميره في مكان نموه، معلنا شعاره الجديد لكل دول العالم "إما أن تكون معنا أو مع الإرهابيين".
وفي إعلان رسمي للحرب العالمية على الإرهاب، أطلقت الولايات المتحدة، بعد نحو ثلاثة أسابيع من هجمات 11 سبتمبر، أول رصاصة ضد حركة طالبان في أفغانستان، بعد رفضها تسليم زعيم التنظيم أسامة بن لادن، الذي وصفته واشنطن بالعقل المدبر للهجمات.
وخلال شهرين، تمكنت قوات التحالف الذى تزعمته الولايات المتحدة من إسقاط نظام حكم طالبان، وبعد نحو عامين ونصف من بداية الغزو، أعلن وزير الدفاع الأمريكي آنذاك دونالد رامسفيلد نهاية العمليات القتالية الرئيسية، لكن وجود القوات الأمريكية استمر في أفغانستان لمدة 18 عاما إضافية.

بينما عادت طالبان إلى السيطرة على الحكم في أفغانستان، في 15 أغسطس 2021، بالتزامن من اكتمال المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأمريكية والدولية من كابل.

جرائم امريكية بجوانتانامو


وبعد أقل من عامين من غزو الولايات المتحدة لأفغانستان، بدأت الحرب في العراق في مارس 2003، حيث تمكنت أمريكا وحلفائها من الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين بزعم تطويره أسلحة دمار شامل وارتباطه بتنظيم القاعدة، وهي ما اتضح لاحقا أنها مبررات كاذبة.
لم يتم العثور على أي أسلحة كيميائية ولا بيولوجية في العراق، رغم تحقيقات مكثفة أعقبت القضاء على صدام وجيشه، وهو ما اعتذر عنه كولن باول وزير الخارجية الامريكي لاحقا، مؤكدا بعد اعزاله الحياة السياسية أن خطابه في مجلس الأمن كان "أكبر شي ندم عليه" خلال عقود من عمله في الخدمة العامة.
وعقب الإطاحة بالرئيس صدام حسين، شهد العراق أعمالا عدائية دموية متقطعة لم تنته حتى بعد انتهاء الاحتلال الأمريكي لبغداد عام 2011.
ولا تزال واشنطن تحتفظ بقوات في العراق، بعد أن غيرت مهمتها من القتال إلى تقديم التدريب والاستشارات، لكن القوى الوطنية العراقية تشن من حين إلى آخر هجمات على تلك القوات، مطالبةً بانسحاب أمريكي كامل.
مع اندلاع الحروب في أفغانستان والعراق، كانت الولايات المتحدة ترتكب جرائم ممنهجة، شملت عمليات ترحيل لمشتبه بهم في قضايا إرهاب تعرضوا لتعذيب وحشي في مواقع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والسجن العسكري الأمريكي سيئ السمعة في خليج غوانتانامو بكوبا.

وفي 2014، أصدرت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي تقريرا يتألف من أكثر من 500 صفحة انتقدت فيه تصرفات وكالة الاستخبارات ضمن برنامج الاعتقالات بشأن الإرهاب ومحاولتها التقليل من مدى الانتهاكات والكذب بشأن فاعلية البرنامج.
ورصد التقرير ممارسات تعذيب شملت الإيهام بالغرق، ووضع المعتقلين في أوضاع مجهدة لفترات طويلة، والحرمان من النوم والتغذية القسرية.


داعش والفوضى الخلاقة 


بعد حوالي 10 سنوات من غزو الولايات المتحدة لأفغانستان، تمكنت واشنطن من قتل بن لادن، في مدينة أبوت آباد الباكستانية، على بعد أقل من ميل واحد من أكاديمية عسكرية رائدة في البلاد ، معتبرة قتل بن لادن أهم انتصار لها في حربها على الإرهاب.
ففي في 2 مايو 2011، عبرت طائرتا هليكوبتر من طراز "بلاك هوك" الحدود الباكستانية، وحلقتا على ارتفاع منخفض من منزل بن لادن، حيث أنزلت قوات من العمليات الخاصة الأمريكية اقتحمت مكان إقامته وقتلته وأخذت جثته للتأكد من هويته، وبعد التأكد من هويته، دُفن جثمان بن لادن في مياه بحر العرب، حيلولة دون تحول قبره إلى مزار ولئلا تصبح جثته رمزا للتبجيل أو مصدر إلهام لمتشددين.
بعد سنوات من حربها المكلفة لم تتمكن الولايات المتحدة من القضاء على الإرهاب، فكان مخطط الفوضى الخلاقة الذى حاكته واشنطن لتدمير الدول العربية، والذى جاء بالتزامن مع ظهور تنظيم داعش الإرهابي.
وبحسب الكثير من التحليلات المعتبرة، فإن ظهور التنظيم كان أحد الأدوات الأمريكية لتدمير الانظمة والقضاء على الدول الوطنية فى المنطقة.

ففي 2011، ظهر تنظيم داعش بشكل بارز بإعلانه ما أسمها الخلافة، واجتذب أتباعا من جميع أنحاء العالم تجمعوا في الجارتين العراق وسوريا.
وفي أوج قوته، سيطر داعش على ثلث مساحة سوريا و40 % من العراق، وسط حالة من عدم الاستقرار على نطاق واسع.
وعلى الرغم من دحر "داعش" في العديد من المناطق في البلدين، نتيجة حملة عسكرية دولية، إلا أن التنظيم لا يزال يحتفظ بخلايا في المنطقة وفروعا له في غرب إفريقيا وأفغانستان.
ورغم الحديث عن مشاركة قوات أمريكية في جهود دولية تهدف إلى إنهاء تهديدات تنظيم داعش، إلا أن الوقائع تشير إلى عكس ذلك تماما، وتؤكد أن داعش صناعة امريكية، تعمل لصالح أمريكا وإسرائيل.

تم نسخ الرابط