و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

نصف قرن من الكذب والخداع

�كولن باول� .. جنرال الحروب القذرة من فيتنام إلي العراق 👎🏿

كولن باول
كولن باول

الإسم: كولن لوثر ثيوفيلوس باول، وشهرته: كولن باول
تاريخ الميلاد: 5 أبريل 1937
المؤهل: إجازة الجيولوجيا من جامعة سيتي 
المهنة: وزير خارجية أمريكا الأسبق

في مثل هذا اليوم الخامس من فبراير عام 2003 كانت الكذبة الكبري التى ألقاها وزير الخارجية الأمريكي الراحل "كولن باول" في خطابه أمام مجلس الأمن، زاعما امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، وربط فيه بين الرئيس العراقي صدام حسين وتنظيم القاعدة، تمهيدا لاحتلال بغداد وتفيك الجيش الوطني العراقي، الأمر الذي أفقده مصداقيته أمام العالم.


عقدة البشرة السوداء


ينحدر كولن باول من خلفية اجتماعية متواضعة، حيث ولد في حي هارلم بمدينة نيويورك، في أبريل عام 1937، لوالدين مهاجرين من جامايكا، وقد عاني كثيرا من التمييز العنصري الذي كان سائدا في هذه الفترة، حيث تعرض كثيرا لمواقف الامتناع عن خدمته كزبون في الحانات والمطاعم، بسبب لون بشرته، وهو ما سبب له عقدة الدونية..
أثناء دراسته الجيولوجيا في جامعة سيتي بمدينة نيويورك، انضم إلى فيلق تدريب ضباط الاحتياط، وهو برنامج مصمم لاكتشاف وتأهيل القادة العسكريين المستقبليين، وهي التجربة التى وصفها لاحقا بأنها إحدى أفضل وأسعد تجارب حياته إذ يقول عنها: "لم تكن تجربة أحببتها فحسب، بل كانت شيئا برعت فيه".
وبعد التخرج عام 1958، عُين برتبة ملازم في الجيش الأمريكي، كما خضع لتدريب أساسي في ولاية جورجيا، وفي عام 1962 كان واحدا من آلاف المستشارين الذين أرسلهم الرئيس جون كينيدي، إلى جنوب فيتنام لدعم الجيش المحلي ضد تهديد الشمال الشيوعي.
وأصيب باول خلال جولته في فيتنام، عندما داس عن طريق الخطأ على وتد خشبي حاد مخبأ في الأرض ويستخدم كمصيدة، وفي عام 1968 حصل على وسام الشجاعة بعد أن نجا من حادث تحطم طائرة مروحية، وأنقذ ثلاثة جنود آخرين من الحطام المحترق.

أول كذبة في فيتنام

تم تكليف كولن باول بالتحقيق في رسالة من جندي في الخدمة، حول وقوع مذبحة في ماي لاي في فيتنام في مارس 1968، تورط خلالها جنود أمريكيون في قتل مئات المدنيين بينهم أطفال، لكن النتيجة التي خلص إليها باول بعد التحقيق هي أن "العلاقات بين الجنود الأمريكيين والشعب الفيتنامي ممتازة"، جاءت مخالفة للأدلة المتزايدة على المعاملة الوحشية للمدنيين من قبل القوات الأمريكية، واتهم وقتها بالكذب والتدليس، وهو ما أكدته وثائق المذابح التى نشرت تفاصيلها علي الملأ عام 1970..
وبعد عودته من فيتنام، حصل باول على ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة جورج تاون بواشنطن، قبل أن يحصل على "زمالة البيت الأبيض" المرموقة في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، وبات ينظر إليه على أنه نجم صاعد، حيث خدم لفترة برتبة مقدم في كوريا الجنوبية قبل الانتقال إلى البنتاجون كضابط أركان.
وبعد فترة خدم فيها بكلية عسكرية تمت ترقيته إلى رتبة جنرال وقائد لواء الفرقة 101 المحمولة جواً، قبل توليه منصب استشاري في الحكومة، كما عمل لفترة في إدارة الرئيس جيمي كارتر، ثم أصبح مساعدا عسكريا كبيرا لكاسبار واينبرجر، وزير الدولة لشؤون الدفاع المعين من قبل الرئيس رونالد ريجان.


جنرال الحروب القذرة


في عام 1987 أصبح باول مستشارا للأمن القومي، وكانت الولايات المتحدة في ذلك الوقت متورطة في ما يسمى بـ "الحروب القذرة" في أمريكا الجنوبية، بما في ذلك دعم جماعات "الكونترا" اليمينية شبه العسكرية في نيكاراجوا.
وعندما تولى جورج بوش الأب منصب الرئيس عام 1989، عين باول رئيسا لهيئة الأركان المشتركة، وهو أعلى منصب عسكري في وزارة الدفاع الأمريكية.
وكان باول حينها يبلغ من العمر 52 عاما، وكان أصغر ضابط يشغل هذا المنصب على الإطلاق، والأول من أصول أفريقية، وما أن تولى المنصب حتى وجد نفسه في مواجهة أزمة عندما غزت الولايات المتحدة بنما في ديسمبر 1989، وأطاحت بالديكتاتور الجنرال نورييجا، في خطوة أدانتها الأمم المتحدة ومعظم دول العالم.
ظل باول رئيسا لهيئة الأركان المشتركة خلال الأشهر الأولى من رئاسة بيل كلينتون، لكنه وجد صعوبة في العمل جنبا إلى جنب مع إدارة أكثر ليبرالية، واختلف مع الرئيس الجديد حول مسألة السماح للمثليين بالانضمام إلى الجيش.
ترك الجيش عام 1993 وتفرغ لكتابة سيرته الذاتية، وبدأ بالانخراط في الحياة السياسية، وسعى رؤساء من الحزبين الرئيسيين الديمقراطي والجمهوري، لترشيحه لمنصب نائب الرئيس، قبل أن يكشف عن ميله باتجاه الحزب الجمهوري عام 1995.
وفي عام 2000 عين جورج دبليو بوش، كولن باول وزيرا للخارجية، ليكون بذلك أول أمريكي من أصول إفريقية يتولى هذا المنصب.

وزير خارجية أفاق


فقد باول مصداقيته بعد وقوفه أمام مجلس الأمن لإقناع الأمم المتحدة بضرورة غزو العراق عام 2003، بزعم أن العراق تمتك أسلحة دمار شامل تهدد العالم، وقدم باول أدلته المفبركة، لتمرير الحرب علي العراق وتدميرها لتحقيق مصالح أمريكا وحلفائها بالمنطقة، وهي الحرب التى راح ضحيتها ملايين العراقيين بين قتيل ومصاب.
الغريب أنه بعد 18 شهرا فقط وبعد الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين، أعلن باول استقالته من منصب وزير الخارجية، واعترف بعدها بفترة وجيزة بأن المعلومات الاستخباراتية التي أشارت إلى أن صدام حسين كان يمتلك "أسلحة دمار شامل"، كانت مغلوطة وخاطئة، ولكن بعد فوات الأوان.
وظل كولن باول ينتقد إدارة جورج بوش على عدة جبهات، بما في ذلك معاملة المعتقلين في خليج جوانتانامو.
وفي اكتوبر من 2021 أعلنت عائلة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول، عن وفاته عن عمر ناهز 84 عاما إثر مضاعفات إصابته بفيروس كورونا.

تم نسخ الرابط