حلقة جديدة بمخطط تصفية القضية الفلسطينية
9 دول تعلن الحرب علي «الأونروا».. وحملات شعبية بأوروبا لإنقاذ الوكالة
في تحد سافر لمباديء حقوق الإنسان، أعلنت 9 دول غربية، حتى الآن، الحرب من خلال وقف المساعدات لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وهى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وفنلندا وكندا وأستراليا وسويسرا، فيما بدأ نشطاء ومثقفون في بريطانيا حملة شعبية لدعم الوكالة.
من جانبها ردت وكالة الأونروا، علي المزاعم الاسرائيلية باتهمام 12 موظفا من أصل ما يزيد على 30 ألف موظف وموظفة، معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم يعملون لدى الأونروا، بالإضافة إلى عدد قليل من الموظفين الدوليين، إنها فتحت تحقيقا في مزاعم ضلوعهم في هجمات السابع من أكتوبر الماضي
الصحفي البريطاني البارز "أوين جونز" أطلق الحملة وحث الشعب البريطاني على التبرع قائلًا: "إذا كنت تعارض موت الفلسطينيين جوعًا باسمك بسبب حكومتك؟ تبرع للأونروا الآن".
ويشكل القرار الغربي كارثة لسكان قطاع غزة الفلسطيني الذي يعاني من أزمات إنسانية وسط العدوان الاسرائيلي المستمر منذ أربعة أشهر، وسقوط أكثر من 26 ألف شهيد، فضلا عن عملية النزوح المستمرة في ظل أجواء شديدة البرودة.
طوفان الأقصي
لم يكن هجوم رئيس الوزراء الفلسطيني بنيامين نتنياهو على الأونروا قبل أيام بضلوع موظفين فيها في عملية طوفان الأقصي، هو الأول من نوعه، فمنذ بداية الحرب ركز الاحتلال على استهدافها سواء كان بالتصريحات أو بقصف مقراتها، ففي عام 2018، هاجم رئيس وزراء نتنياهو، بحدة وكالة الأونروا قائلا: إنها يجب أن تختفي من العالم، وأنها تسعى إلى تدمير دولة إسرائيل، ودعا مسؤولون في تل أبيب مرارا إلى خفض التمويل الدولي للوكالة، وطالبوا بإنهاء خدماتها في عدة مناسبات.
كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أول المستجيبين لدعوات الاحتلال بعد قرار إدارته في يناير 2018 وقف مساهمتها المالية السنوية البالغة 300 مليون دولار.
ورحبت إسرائيل بقرار ترامب حينها، متهمة الوكالة الأممية بـ"إطالة أمد النزاع الإسرائيلي الفلسطيني" من خلال تكريسها المبدأ الذي تعارضه إسرائيل بأن الكثير من الفلسطينيين هم لاجئون لهم الحق في العودة إلى ديارهم، أي الأراضي التي فروا أو طردوا منها عند قيام دولة إسرائيل.
تصفية القضية الفلسطينية
اتهامات إسرائيل للأونروا هي جزء من الحرب الطويلة ضد المنظمة الأممية، وحرب على منظمة يعتمد عليها الملايين من أبناء وأحفاد المهجرين من اللاجئين الفلسطينين بعد النكبة.
وتعد حملة التحريض ضد الوكالة استكمالا لمخطط بدأ منذ سنوات يهدف لإنهاء عمل الأونروا، وقطع الحديث بعد ذلك عن أي حديث لعودة اللاجئين الفلسطينين.
ويرى الاحتلال في الوكالة خطرا على وجوده، فبقاء "الأونروا" يعني مواصلة الفلسطينيين دعواتهم إلى تحرير أراضيهم، والمطالبة بحق العودة لملايين الفلسطينيين في الشتات، لذلك لم يخف نتنياهو ولا سابقيه من رؤساء حكومات الاحتلال المتعاقبة، رغبتهم بتصفية القضية الفلسطينية وإنهاء الحديث عن حق العودة واحتلال الأراضي الفلسطينية..
وقبل أربعة سنوات قالها نتنياهو صراحة، عندما دعا إلى إغلاق الأونروا قائلا، "أنه بينما يحصل ملايين من اللاجئين حول العالم على مساعدات من مكتب المفوضية العليا للاجئين، فإن الفلسطينيين وحدهم لديهم منظمة مخصصة لهم تتعامل مع أبناء أحفاد اللاجئين، وهم ليسوا لاجئين".
ويعد وجود منظمة أممية لمساعدة اللاجئين الفلسطنيين بوصفهم الدقيق، اعترافا دوليا بمأساة الشعب الفلسطيني الذي تعرض لاحتلال تسبب بتهجير سكان الأرض الأصليين، وعلى ذلك يبقى العالم ملزما بحل قضيتهم وإنصافهم، وهذا ما تنصلت منه القوى الغربية خلال السنوات الأخيرة.
مخطط تفكيك الأونروا
في ديسمبر الماضي، كشف تقرير إسرائيلي عن خطة متكاملة من عدة مراحل تهدف لتفكيك "الأونروا" وإخراجها من قطاع غزة.
وذكر التقرير الذي نقلته القناة 12 العبرية، أن هناك خطة من ثلاث مراحل تسعى حكومة الاحتلال من خلالها إلى تصفية الوكالة.
وتكون المرحلة الأولى تلفيق مزاعم وادعاءات لإثبات تعاون مزعوم بين الأونروا وحركة حماس"، فيما تتضمن المرحلة الثانية، تقليص عمليات الأونروا في القطاع الفلسطيني، والبحث عن منظمات مختلفة لتقديم خدمات التعليم والرعاية الاجتماعية للفلسطينيين في غزة.
وتختتم الخطة بالمرحلة الثالثة، التي تقضي بنقل كل مهام وكالة الأونروا إلى الهيئة التي ستحكم غزة بعد انتهاء الحرب.
ويستهدف الاحتلال الاسرائيلي ذلك منذ بداية الحرب علي غزة بقصف مقرات الوكالة الأممية، وتهجير السكان وبعد ذلك انتقل من القصف المباشر الي هذه المحاولة بإنهاء عمل الأونروا فعليا في فلسطين.
وتؤكد الاستجابة الغربية بوقف مساعداتها للوكالة، أن الطلب الإسرائيلي كان منسقا مع الولايات المتحدة وحلفائها، كما أنها تشير إلى وجود قرار حقيقي بزيادة الضغط وتجويع الشعب الفلسطيني وإغلاق أي منافذ لمساعدته.
75 عاما من الإغاثة
تأسست وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين "الأونروا" عام 1949 لمساعدة لاجئي فلسطين في أعقاب نكبة 1948.
وتقدم الوكالة خدمات تعليمية وصحية ومساعدات للفلسطينيين بغزة والضفة والأردن وسوريا ولبنان حيث تساعد نحو ثلثي سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وفي عام 2021، سجلت الوكالة أكثر من 5.7 مليون لاجئ فلسطيني حصلوا على خدماتها في لبنان، والأردن، وسوريا، والضفة الغربية، وقطاع غزة.
وتتلخص أهدافها في تقديم المعرفة والمهارات المكتسبة، كما يهدف عمل الأونروا لتحقيق مستوى لائق من المعيشة، والتمتع بحقوق الإنسان إلى الحد الأقصى ممكن للفلسطينيين.
وتقدم الأونروا خدمات للفلسطينيين كالتنمية البشرية والإنسانية "التعليم الابتدائي والمهني، والرعاية الصحية الأولية، والإغاثة، والخدمات الاجتماعية، والبنية التحتية، وتحسين المخيمات، والتمويل الصغير، والاستجابة للطوارئ في حالات النزاع المسلح".
وتمثل تبرعات الدول الأوروبية والأعضاء بالأمم المتحدة أكثر من 93.28% من ماليات الوكالة.