منذ اندلاع طوفان الأقصى في السابع والعشرين من أكتوبر 2023، استخدمت المقاومة الفلسطينية بكافة فصائلها الحرب النفسية سلاحا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
لقد أيقنت المقاومة الفلسطينية أن الحرب النفسية من خلال الإعلام باتت سلاحا من أسلحة الحروب.. وتمكنت المقاومة من خلال وسائل إعلامها والإعلام العربي المؤيد للمقاومة سواء المرئي أو المقروء منذ السابع من أكتوبر 2023.. من بث الفزع في نفوس الشعب الإسرائيلي وساسته وجيشه وإعلامه الذي ينقل ما تبثه المقاومة عبر صفحاتها الإعلامية الرسمية والفضائيات العربية المؤيدة للمقاومة.
واقعة السابع من أكتوبر 2023، لم تكن موقعة عسكرية فقط، ولكنها إعلامية ونفسية نجحت المقاومة في خوضها باقتدار ملحوظ.. فلقد وثقت عملياتها العسكرية بداية من العبور للأراضي المحتلة وحتى هذه اللحظات.. وثقت عمليات القنص والتفجير والتفخيخ والأسرى مما فجر الأوضاع الداخلية لإسرائيل.
فيديوهات الأسرى
فيديوهات المقاومة الفلسطينية خصوصا، الخاصة بالأسرى لم يقتصر نقلها عبر وسائل الإعلام العربية وإنما الإسرائيلية، حتى الشاشات الإعلانية بشوارع تل أبيب بثت فيديوهات الأسرى التي تتهم نتنياهو بإهمال مفاوضات الإفراج عنهم وتدعوه وكافة أعضاء الحكومة بالعمل على إطلاق سراحهم..
قلوب أسرى الرهائن تهتز خاصة مع كل إعلان عن مقتل رهينة برصاص وقنابل إسرائيل.. أو رسالة من رهينة لازالت على قيد الحياة تناشد سرعة الإفراج عنها قبل أن تقصف بقنابل الجيش الإسرائيلي.. مما زاد من الضغط الداخلي على ساسة إسرائيل. والمطالبة بإقالة رئيس الوزراء وإجراء انتخابات مبكرة.
رسائل أبو عبيدة
وفي ظاهرة لم تحدث من قبل منذ اندلاع المواجهات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال على مدى أكثر من سبعة عقود، نشاهد ترقب وشغف وتلقف وسائل الإعلام العربية والإسرائيلية حتى الإعلام الأوروبي والأمريكي المنحاز لحرب الإبادة التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني بقطاع غزة.. وشاشات الساحات بمناطق المتظاهرين الإسرائيليين، رسائل المتحدث باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس "أبو عبيدة" الذي بات أيقونة طوفان الأقصى..
رسائل أبو عبيدة التي تبث الرعب في نفوس المجتمع الإسرائيلي ينتظرها القاصي والداني لما تحملها من معلومات عن الأسرى أو الرهائن.. ويخلع أبو عبيدة قلوبهم بإعلانه عن موت رهينة أو إصابة أخرى، أو أن رهينة تحتاج للعلاج غير المتوفر بسبب العدوان.. ويفاجئ أبو عبيدة أهالي الأسرى بأن رهينتهم ماتت أثناء تلقيها العلاج بأحد المستشفيات التي قصفها العدوان، أو داخل منزل قصفه طيران الجيش الإسرائيلي.. ولا يفوت أبو عبيدة أن يذكرهم بأسراهم الذين نستهم حكومة إسرائيل منذ سنوات.. خلاصة رسائل أبو عبيدة أبنائكم يقتلهم جيشكم كما يقتلنا.. ليسكب المزيد من البنزين والكيروسين على النار المشتعلة فتزداد اشتعالا.
الحرب النفسية من خلال الإعلام تجاوزت الحدود الأرضية والسماوية بوصول مداها لشوارع أمريكا وأوروبا.. فخرج الطلاب بالجامعات والمواطنين المحبين للسلام والإنسانية للشوارع حتى اليهود خرجوا منددين بالممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني مطالبة حكوماتها بالتوقف عن دعم الاحتلال والمشاركة في إبادة شعب محتل يبحث عن حقوقه.
بفضل الحرب النفسية هذه باتت إسرائيل (بالبلدي المصري) ملطشة الحكومات والشعوب في العالم، جنوب إفريقيا تذهب لمحكمة العدل الدولية مدججة بفيديوهات توثق جرائم إسرائيل، وتعلن 60 دولة مساندتها لجوهانسبرج.. 650 محاميا من تشيلي يذهبون للمحكمة الجنائية الدولية برفقتهم فيديوهات للجرائم المرتكبة ضد الشعب الأعزل.. ومطالب دولية بضرورة محاكمة إسرائيل على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني ليس منذ السابع من أكتوبر 2023، ولكن بأثر رجعي منذ احتلالها للأراضي في يونيو 1967.
سلاح الحرب النفسية أجادت إسرائيل استخدامه في صراعها مع العرب منذ 1948، وأبدعت في استخدامه لبث الرعب في نفوس العرب بتصويرها أن جيشها، جيش الدفاع لا يقهر.. فقهره المصري في حرب الاستنزاف و6 أكتوبر 1973، والمقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023، بل لقد فشلت كل الألاعيب النفسية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني بقطاع غزة لإجباره على هجرة أراضيه متوجها صوب الأراضي المصرية من خلال منشورات تدعوهم بإخلاء منازلهم والتوجه نحو الجنوب، نحو رفح تمهيدا لدخولهم مصر.. وفشلت أيضاً في إرهاب المقاومة التي تصر على مطالبها رغم كل التهديدات باجتياح رفح أخر بقعة شبه أمنة بالقطاع.
فيديوهات المقاومة الفلسطينية زادت الشعب الفلسطيني تمسكا بأرضه، وزادت العرب فخرا بمقاومتها الفلسطينية.. وكشفت حقيقة إسرائيل وجرائمها والحكومات المنحازة لهم أمام شعوبها..
إسرائيل مارست الحرب النفسية الإعلامية فيما سبق بخبث ممزوج بالأكاذيب وإثارة هوليود ،والمقاومة الفلسطينية مارست ذات الحرب بخبث وذكاء واقعي، فانتصرت ملحقة هزيمة قاسية للغطرسة الإسرائيلية الأمريكية وتحالفهما الشيطاني .