الأولى و الأخيرة

ملك مصر والسودان

الملك فاروق الأول والأخير وحقيقة الديون البريطانية لمصر الملكية

موقع الصفحة الأولى

الأسم: فاروق بن فؤاد بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي باشا - الملك فاروق الأول
تاريخ الميلاد: 11 فبراير 1920
المؤهل: خريج الأكاديمية العسكرية الملكية ببريطانيا
الوظيفة: ملك مصر السابق
59 عاما بالتمام والكمال مرت على وفاة الملك فاروق، آخر ملوك المملكة المصرية وآخر من حكم البلاد من الأسرة العلوية ذات الأصول الألبانية، الذى لفظ أنفاسه الأخيرة في مطعم بالعاصمة الإيطالية روما، ومازال الخلاف قائم بين المؤرخين حول شخصيته ودوره فى التاريخ المصرة الحديث.
ولد فاروق بن فؤاد بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي باشا في 11 فبراير عام 1920، فصدر بلاغ سلطاني يعلن فيه مجلس الوزراء عن ميلاد الأمير فاروق في قصر عابدين، فأطلقت المدفعية 21 طلقة مدفع، ومنح موظفو الحكومة إجازة رسمية.
استمر حكمه مدة ستة عشر عاما إلى أن أطاح به تنظيم الضباط الأحرار في ثورة 23 يوليو عام 1952، وأجبره على التنازل عن العرش لابنه الطفل أحمد فؤاد الذي كان عمره حينها ستة شهور وما لبث أن تم عزله في 18 يونيو عام 1953 بتحويل مصر من ملكية إلى جمهورية.
بعد تنازله عن العرش أقام في منفاه بروما، متنقلا بين عدد من دول العالم، إلى أن توفي في روما في 18 مارس 1965 ودفن أولا في مقابر إبراهيم باشا في منطقة الإمام الشافعي ثم نقلت رفاته في عهد الرئيس محمد أنور السادات إلى المقبرة الملكية بمسجد الرفاعي بالقاهرة تنفيذاً لوصيته.


هروب من القصر الملكى


كان فاروق الذكر الوحيد بين شقيقاته الخمس، لأمه الملكة نازلي وأبيه الملك فؤاد الأول، ونشأ بين القصور الملكية في القاهرة نشأة صارمة على أيدي المربيات الإنجليزيات، بناء على تعليمات مشددة من والده، لذلك لم يتردد عندما سنحت له الفرصة للسفر إلى إنجلترا للدراسة هربا من القصر.
لكن الشاب الصغير لم يلبث أن عاد إلى القاهرة لتولي عرش مصر في 28 أبريل 1936، في أعقاب وفاة والده، حيث تم تشكيل مجلس وصاية رأسه ابن عمه الأمير محمد علي أكبر أمراء أسرة محمد علي.
لم يستمر الوضع كثيرا، إذ خافت الملكة نازلي من أن يطمح الأمير محمد علي في السلطة، فلجأت إلى شيخ الأزهر الشيخ محمد مصطفى المراغي ليصدر فتوى تحسب عمر الملك الصغير بالتاريخ الهجري، وبعد عام و3 أشهر فحسب من الوصاية تُوج فاروق الأول ملكا رسميا لمصر والسودان في 29 يوليو 1937.
تتويج الملك فاروق الأول الشاب كان مثار ترحيب من المصريين، حبث استبشر كثيرون به خيرا، لكن الصراع لم يلبث أن اشتعل مباشرة بين الملك وحزب الوفد حزب الأغلبية، حينما اعترض الوفد على تنصيب الملك قبل بلوغه سن الـ 21، وهو ما تسبب فى إقالة حكومة مصطفى النحاس في ديسمبر 1937..
وسرعان ما تعقدت الأمور باشتعال الحرب العالمية الثانية، وإعلان إنجلترا الحرب على ألمانيا، ليحاول الملك فاروق الأول الظهور بمظهر الوطني المعادي للإنجليز.
من بين كل الأحداث التي مرت بها مصر خلال عهد الملك فاروق الأول، تبقى أحداث 4 فبراير 1942 الأبرز في تاريخه، حيث أظهرت ضعف الملك في مواجهة المحتل البريطاني.
كانت الحرب العالمية الثانية في أوج اشتعالها؛ ألمانيا تحرز انتصارات ساحقة في أوروبا، وإنجلترا في موقف لا تحسد عليه، والقوات الألمانية بقيادة روميل تزحف في العلمين متجهة نحو الإسكندرية، وإنجلترا تطالب الملك فاروق بسرعة تشكيل حكومة تدين بالولاء لمعاهدة 1936، وحددت له موعدا أقصاه 3 فبراير.
لم يرضخ الملك فاروق الأول لمطالب الإنجليز، وعقد اجتماعا مع قادة الأحزاب السياسية الذين اتفقوا على تشكيل حكومة ائتلافية تحول دون انفراد حزب الوفد بالسلطة، الذي يستحوذ على أغلبية البرلمان، لكن الإنجليز كانوا يميلون لتكليف النحاس الذي وقع معهم معاهدة 1936 التي تضمنت مساعدة مصر للإنجليز في حالة الحرب.
ومع تأخر تشكيل الحكومة، فوجئ الملك فاروق بالدبابات تحاصر قصر عابدين، والقوات البريطانية تطوق البلاط الملكي، وأجبره السفير البريطاني مايلز لامبسون على توقيع قرار تكليف مصطفى النحاس زعيم حزب الوفد بتشكيل الحكومة الجديدة، وإلا فلا خيار أمامه سوى التنازل عن العرش.

كوبرى عباس والأسلحة الفاسدة

الحادثة لم تنل من شعبية الملك فاروق الأول وحده عندما ظهر ضعيفا، وإنما نالت أيضا من شعبية حزب الوفد بوصفه حزب متحالف مع المستعمر على حساب الوطن.
فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، اندلعت مظاهرات عارمة ضد الملك والحكومة، وواجهت الحكومة المظاهرات بعنف، وكان أبرز مظاهره في فبراير 1946 حين أطلقت قوات الأمن النار على مظاهرة للطلاب فوق كوبرى عباس أعلى نهر النيل، وفتح الكوبرى وسط تدافع المتظاهرين ما أدى إلى مقتل العشرات، وهي الحادثة التي تسببت في كراهية الشعب للحكومة والملك معا..
وتوالت الأحداث التي تسببت في ازدياد كراهية الشعب لفاروق وحاشيته، مثل قضية الأسلحة الفاسدة التي أثيرت بعد هزيمة الجيوش العربية في حرب فلسطين 1948، ثم حادث قتل الإنجليز ضباط الشرطة المصريين في الإسماعيلية في 25 يناير 1952، وما تلاه من احتجاجات واسعة في القاهرة، تسببت في حريق عشرات المحلات والمباني، فيما عُرف باسم حريق القاهرة الذى تؤكد بعض المصادر التاريخية أن الملك فاروق هو المحرض الأول عليه.
وظلت شخصية الملك فاروق مثيرة للجدل، وخاصة مع أقاويل وأنباء عن نزواته وعلاقاته النسائية، وخلافاته الأسرية مع والدته وشقيقاته، وحبه للطعام وشغفه الكبير به، وتَطوله اتهامات كثيرة بالفساد والثراء الفاحش.
لكن الأكثر للجدل بين مؤيديه ومعارضيه حتى الآن ليس حياته الشخصية، بل الوضع السياسي والاقتصادي لمصر في عهد الملكية مقارنة بعصر الجمهورية، حيث يتحدث أنصاره عن الحريات السياسية، في حين يتهمه خصومه بنشر التفاوت الطبقي والخضوع للاستعمار الأجنبي.


الديون البريطانية لمصر


في كل مناسبة يترحم البعض على مصر الملكية التي استدانت منها بريطانيا العظمي، تلك الديون التي يقال أنها ٣ مليون جنيه إسترليني، وأجري عليها البعض عمليات حسابية بنكية مضروبة في أسعار الصرف وعدد السنين، حتى وصلت بين أيديهم إلى ٣٠ مليار جنيه، وفِي عمليات أكثر تعقيدا بالقياس مع أسعار اليوم وصلت على يد آخرين إلى ٢٧٠ مليار جنيه إسترليني.
المترحمون وأصحاب الحنين المفرط للحقبة الملكية، الذين يرددون الواقعة بوصفها دليلا على ازدهار الحياة ونعيمها قبل ثورة يوليو، قد لا يعرفون أن هذا الدين الذي أقرت به وزارة المستعمرات البريطانية في وثائقها، لم يكن أموالا مدفوعة نقدا، وإنما وفقا للاتفاقات البريطانية المصرية التي فرضت على مصر المحتلة أن تكون مسرحا للعمليات البريطانية في الحربين العالميتين الأولي والثانية بوصفها إحدي مستعمراتها، وألزمت الحكومة المصرية بتقديم كافة التسهيلات والمساعدات للقوات البريطانية، بما فيها حق استغلال الموانيء والمطارات والقواعد العسكرية واستخدام طرق المواصلات وخطوط البرق والتلغراف.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية كانت الديون البريطانية لمصر، عبارة عن مواد بترولية ومحاصيل زراعية وسلع غذائية استولت عليها انجلترا من الأسواق ومخازن الحكومة ومعسكرات الجيش المصري لإمداد جنودها بالطعام وتسيير مركباتها وآلياتها العسكرية طوال فترة الحرب، بالإضافة لخدمات لوجيستية ورسوم استخدام الطرق البرية والمرافق البحرية والموارد النفطية المصرية.
ونفس مبلغ الدين كان يشمل تعويضات كان من المفترض أن تؤديها بريطانيا لأسر آلاف الجنود المصريين من الذين تم اقتيادهم للاشتراك في الحربين العالميتين وماتوا، دون أن يعرفوا سببا لهذه الحروب ودون أن يعرف أحد عنهم شيئًا.
الغريب أن هذه الديون البريطانية لمصر الملكية، تنازل عنها الملك فؤاد واعتبرها هبة لبريطانيا العظمى، بحسب المصادر التاريخية الموثقة.
فوفقا لما نشرته جريدة الأهرام عام 1922، فإن المملكة المصرية تنازلت عن المبلغ الخاص بديون الحرب العالمية الأولي أثناء وجود المبعوث الملكي ملنر في القاهرة، والغريب في الأمر أن هذا التنازل جاء من ويليام برديناد البريطاني الجنسية، والذي كان يشغل منصب المستشار القانوني والمالي لوزارة عبد الخالق ثروت باشا، بموافقة رئيس الوزراء والملك، وهو ما فعله الملك فاروق بعد الحرب العالمية الثانية.

تم نسخ الرابط