لا يمكن التنبؤ بقراراته
أستاذ الاجتماع السياسي: ترامب رجل «شو» وفكرته حول تهجير أهل غزة «هجص»

منذ عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والعالم كله في حالة من الترقب في كل لحظة، انتظارا لقرار أو تصريح من تصريحاته المجنونة، والتي تسببت في غضب الكثير من الدول، وأبرزها دعوته لـ تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة وفرض السيطرة الأمريكية عليه لتحويله إلى ما يسمى بريفيرا الشرق الأوسط.
وقال الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأمريكية، إن دونالد ترامب في الأساس رجل عقارات وإعلام أصفر وليس إعلام عادي، وكل شيء عنده يقاس بالمكسب والخسارة، وكان يعتمد في مشاريعه على ملكات الجمال وبرامج المقالب والمسابقات، ولذلك فهو يحب دائما البقاء تحت الأضواء، وتزوج ثلاث مرات، من ملكات جمال، وابنته أيضا حريصة على الظهور بمظهر الفتاة الجميلة المتزوجة من رجل غني، والأسرة كلها تعيش في حالة من الثراء الفاحش.
وأسلوب حياته وتفكيره ظهر أيضا، في كتابه The Art of the Deal "فن الصفقة"، فهو يأخذ كل شيء بمنطق التحدي والمكسب والخسارة.
وأضاف "صادق" في تصريحاته لـ الصفحة الأولى، أن ترامب لم يكن عضوا في الحزب الجمهوري الأمريكي عندما قرر ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية عام 2016، ولكنه نجح في اقناع الجميع عبر شعاراته الداعية إلى تطهير واشنطن من المستنقع الذي تعيش فيه.
سبب الاعجاب بترامب
وأرجع أستاذ علم الاجتماع السياسي سبب اختيار الناخبين الأمريكيين له بل واعجابهم به، إلى أنه من خارج "السيستم" أي جاء بعيدا عن النظام الحزبي الحالي وعن الكتلة السياسية الموجودة في الولايات المتحدة، وخارج تلك النخبة تماما، فهو مجرد رجل أعمال وبيزنس، والناخبون هناك كانوا يبحثون عن وجه جديد، خاصة بعدما تحدى القيادات الموجودة وهو ما أعطاه شعبية، لنهم في أمريكا يحبون من يخرج إليهم متحديا النظام أو ما يسمى بـ"السيستم".
وأوضح أن ترامب تقمص فكرة "الكاوبوي" الذي يتحدى الهنود الحمر والمأمور الفاسد "الشريف"، وهو ما منحه تأييد قطاعات واسعة من الناخبين العاديين، وهو ما يفسر رفضه للهزيمة التي تلقاها في انتخابات 2020 اعتمادا على فكرة القوة والمؤامرات التي يتعرض لها.
وأشار "صادق" إلى أن أغلب مؤيدي الرئيس الأمريكي، الذي دائما ما يدعي تدينه رغم قضايا الفساد المتورط فيها، من الفلاحين ومن البيض، وكثيرا منهم جهلة ويميلون للعنف في حياتهم ويكرهون الأجانب وعنصريون ضد المرأة ولديهم رفض للحريات بصورة عامة، وتلك هي القاعدة الاجتماعية التي تنتخبه، بسبب مناهضته للإجهاض وغيرها من القضايا الاجتماعية التي سببت الانقسام في المجتمع الأمريكي.
وقال إن ترامب دايما ما يروج لنفسه على أنه "بيزنس مان" لا يريد الحروب، بل يبحث عن السلام الذي يساعده على إبرام الصفقات، وهو ما ساهم في زيادة شعبيته.
ولفت إلى أن الرئيس الأمريكي يستدعي الميديا ووسائل الإعلام في أغلب قراراته، لتصويره أثناء التوقيع على تلك القرارات، وهو أسلوب لم يكن متبعا من قبل، في طريقة درامية للترويج والدعاية و"الشو".
ترامب الشعبوي
ومن بين الصفات المميزة في ترامب أنه رجل شعبوي يتكلم بطرقة عفوية دون النظر إلى أي حسابات، وهو ما يتسبب في حدوث فضائح في بعض الأحيان، أو إحراج مرافقيه أو من يقابلهم من القادة والسياسيين.
أما على الصعيد الخارجي، فترامب لديه مبدأ هو الابتعاد عن المتاعب و"ووجع الدماغ"، فالعدو الأول والوحيد عنده هو الصين، وليس إيران أو أية دولة أخرى، ويؤمن باستراتيجية احتواء ومحاصرة الصين وهي سياسة قديمة ويعمل على تنفيذها.
ولذلك، فإن كل من يتعامل مع دونالد ترامب، عليه أن يفهم أنه دائما ما يبدأ بالسقف العالي في المطالب، من خلال طلب أعلى رقم أو إجراء ممكن، وبعدها يتم القبول بما هو أدنى، وهو اسلوب معروف لدى "البياعين".
وحول اقتراح الرئيس الأمريكي بـ تهجير الفلسطينيين وفرض السيطرة الأمريكية على قطاع غزة وتحويله إلى "ريفيرا الشرق الأوسط"، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي إن ترامب يعلم أنها فكرة فاشلة، لأنه في الأساس رجل سياحة وعقارات، ويدرك استحالة تحويل غزة إلى ما يروج له، بسبب وجود منافسة من مصر تركيا واليونان وقبرص، وشمال إفريقيا وتحديدا المغرب، والسعودية التي تنوي دخول المنافسة بقوة، فمن يريد الذهاب إلى غزة للسياحة إلا إذا كان يهوديا مثلا، ولذلك فإن ذلك المشروع هو نوع من "الهجص".
ويؤكد "صادق" أنه لا يمكن التنبؤ بتصرفات أو قرارات ترامب لأن "الشو" والفرقعة تطغى على المحتوى عندما يفكر في أي إجراء، وهو ما ينطبق على طرحه لمشروعه حول قطاع غزة، فهو لم يهتم بسؤال متخصصين في السياحة مثلا أو في السياسة حتى لمعرفة وضع القطاع، وسيادة الدول من حوله والتي قال إنه طلب منها استقبال الفلسطينيين.