
منذ 1948 بدأت إسرائيل في بذل الجهد داعمة فكرتها في إثبات حقهم المزعوم في أرض فلسطين ، وسارت السينما الإسرائيلية في طريقين مؤثرين الأول كم من الأفلام التسجيلية القصيرة ، والثانى الأفلام السينمائية المطولة .
وبذلت السينما الإسرائيلية جهداً أخر وموازيا للتوجه السياسى الذى يخدم فكرة " أرض الميعاد" ، و بدأت هذه الحملة بفيلم " التل 24 لا يرد " ، وفى قصته توجيه صريح بحتمية التوسع الإسرائيلى بالعدوان المسلح ، و لأجل ذلك أظهر الفيلم عدوانيات إسرائيل على بعض الكيانات الإنجليزية التى كانت تحتل فلسطين . وأظهر الفيلم دور العصابات الإرهابية اليهودية مثل عصابة الأرجون التى كان ينتمى إليها مناجم بيجن ، رئيس الوزراء الأسبق ، عصابات فى قمة الدموية ، وقد نجح الفيلم فى إظهار كسب التعاطف معها ضد العرب ، فى حين أنه أظهر العرب متفرقين متشردين لا فائدة من حياتهم.
وهنا تتجلى هذه الفكرة السينمائية لتخدم ما جاء فى نص التواره خاصة في سفر التثنية 20/10ــ 15 : " حين تقترب من مدينة لكى تحاربها استدعها إلى الصلح ، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويُستعبد لك ، وإن لم تسالمك بل عملت معك حربا ، فحاصرها وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف . وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها ، فتغتنمها لنفسك ، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك . هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا ، التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا " .
وإظهار إسرائيل بالمدافع الذى يجلى فكرته في أذهان الشعب الذى هاجر إلى فلسطين أمر يتصف بالإيجابية لديهم ، بل الأمر لم يقف عند ذلك في مساعى السينما الإسرائيلية ، بل أيضا تطرق لخدمة الأفكار المساعدة ، كإظهار الشخصية العربية في هيئة كائنات فارغة ، وهذا ما كان جليا في فيلم (صلاح شباتى) اليهودى اليمنى الذى وصل إلى أرض فلسطين كى يجد لنفسه وأسرته مكانا بين المستوطنات الجديدة .. والفيلم يجرى في نطاق كوميدى لكنه يغرس فكرة طالما سعوا لتوكيدها .
وكذ فيلم ( غيوم فوق إسرائيل ) الذى انتج في 1956 ، ليخدم فكرة دعم المقاتل الإسرائيلي خاصة وأن الفيلم تدور أحداثه في سيناء ، حين يسقط طيار يهودى ، فتراه فتاة عربية من البدو تقدم له الطعام ، وبالرغم من مقدرته على قتلها لكنه يتعامل معها . . و الفيلم يغرس معنى التعاون الإنسانى بين العرب واليهود ، بل وإمكانية تحقيق التعاطف بينهما .
ومع جملة من نوعية هذه الأفلام الهادفة يبدو فيلم " لماذا إسرائيل " على رأس الفلام الأولى ، وهو صريح الدلالة على تطبيق أهداف الصهيونية العالمية ، حيث أظهر إسرائيل في هيئة المعمر الذى يزرع أرضا عربية ويضيىء مكانه ، بعدما كانت في يد العرب الذين زادوها قفارا ، وأحلوا فيها دار البوار.
السينما الإسرائيلية
وتنتقد السينما الإسرائيلية حالة كراهية العرب البعيدين عن فلسطين لها من خلال فيلم (الحيقبة ) ذلك الذى يبرز المخاطر التي تعرض لها عميل إسرائيلى بعد المطاردة الهالكة لجأ إلى سفارة فرنسا في ليبيا ، التي قامت بتهريبه في حقيبة لينجومن قتل عربى محقق ، الأمر الذى يجذب التعاطف معه .
ومنذ فترة الخمسينات حتى السبعينات من القرن الماضى ، والسينما اليهودية قد كثفت جهدها في خدمة قضايا الصهيونية ، ليس على صعيد دولتهم فحسب بل التأثير في التوجه العالمى للسينما ، وقد يكون الفيلم الإسرائيلي قد رسب فنيا من حيث ضعف الآداء وتواضع القصص ، لكن هناك انتاج مثل ما ظهر على يد شخصية " دريفوس " اليهودى الفرنسي الشهير الذى تعرض للمحاكمة ظلما عام 1899" بعد ثلاثة أيام من نزول كتاب ( ثيودور هرتزل) بعنوان الدولة اليهودية ليمهد لشيوع الأفكار اليهودية الهرتزلية .
وللفقر الفني الشديد لهذه الأفلام تمكنت خطوط الإنتاج السينمائى العالمى من صناعة بعض الأفلام العالمية مثل " عملية مطار عنتيبى " والذى قام به الممثل الأمريكي العالمى " تشارلز برونسون" ، وهى عملية حربية تبرز تخطيط بعض الفلسطينيين واليساريين من الألمان سنة 1976 لخطف طائرة فرنسية عليها عدد كبير من اليهود ، وأطلقوا سراح المختطفين من غير اليهود ، وطلبوا مقابل الإفراج عن اليهود الإفراج عن السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل ، ونجحت القوات الإسرائيلية الخاصة والتي توجهت إلى عنتيبى في أوغندا من تحرير الرهائن اليهودية وعدددها 103 رهينة .
ولا يمكن إغفال دور الأفلام التسجيلية القصيرة التي رسخت في الأذهان قيمة زعماء الصهيونية حتى خلدوها بصور على الجدران ، كما قدمت السينما القصيرة أفلاماً مزورة عن تاريخ القدس ، بمعلومات ملفقة أسهمت في تكوين المرجعية الثقافية الإسرائيلية.