و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

رحلة استثنائية في قلب التاريخ، حيث اختلط الحاضر بالماضي، وحمل فيها الرئيس الفرنسي رسالة للعالم لا تُنسى زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر لم تكن مجرد خطوة دبلوماسية، بل كانت رحلة استكشاف إنسانية وحضارية، بداية من خان الخليلي العتيق إلى ساحة جامعة القاهرة التي تحمل في طياتها آمال المستقبل. كانت هذه الزيارة بمثابة فرصة لمصر لتظهر نفسها كحلقة وصل بين الشرق والغرب، ولماكرون أيضًا ليكشف عن تقديره العميق لهذا البلد الذي يحمل إرثًا حضاريًا عظيمًا.

خان الخليلي: انبهار فرنسي بروح مصر في قلب خان الخليلي، حيث يزدهر تاريخ مصر بكل تفاصيله، بدا ماكرون منبهرًا. هذا السوق التاريخي، الذي يعتبر واحدًا من أشهر الأماكن في العالم، يعكس روح القاهرة القديمة. تفاعل ماكرون مع الباعة والمارة، وسرعان ما شعر بسحر المكان. لم يكن مجرد جولة سياحية، بل كانت لحظات حقيقية من الاندماج مع النبض الشعبي المصري، مما جعله يشعر وكأنه جزء من تاريخ طويل لا ينتهي. التقط الصور مع الناس، ابتسم عفويًا، وكأن اللقاء كان يملك بعدًا إنسانيًا عميقًا، يعكس إعجابه الحقيقي بمصر.

المتحف المصري: جولة عبر الزمن

زيارة ماكرون للمتحف المصري كانت بمثابة تجوال في أروقة التاريخ العميق. لم يكن الأمر مجرد زيارة لمعالم أثرية، بل كان درسًا حيًا في عبقرية القدماء المصريين، الذين أبدعوا في مجال الفنون والعلوم. وبينما كان يتنقل بين التماثيل والآثار الفرعونية، بدا ماكرون وكأنه يعيش في قلب لحظة تاريخية، يدرك تمامًا أهمية هذه الحضارة التي شكلت جزءًا من هوية العالم أجمع.

الشراكات الاقتصادية والعلمية: تعزيز التعاون بين البلدين بالإضافة إلى الجولات التاريخية، وقعت الزيارة العديد من الاتفاقيات بين مصر وفرنسا في مجالات مختلفة مثل التعليم، الطاقة، النقل، والبيئة. هذه الشراكات تؤكد على أهمية مصر كحلقة وصل بين أوروبا وأفريقيا، ودورها البارز في استقرار المنطقة. ماكرون أدرك تمامًا أن مصر ليست فقط دولة ذات تاريخ عظيم، بل هي نقطة التقاء حيوية في العصر الحديث.

زيارة المترو: لمسة من الحياة اليومية، ولم تقتصر الزيارة على الأماكن التاريخية، بل حرص ماكرون على التجول في الحياة اليومية لمصر.  منخلال ركوب المترو في محطة عدلى  منصور .. ليعيش جزءًا من الواقع المصري الحديث. هذه اللمسة الإنسانية من جانب ماكرون كانت رسالة قوية على أن فرنسا تؤمن بمصر بكل جوانبها، من ماضيها العريق إلى حاضرها المليء بالتحديات.

جامعة القاهرة: خطاب تاريخي ورسالة للعالم

لكن اللحظة الأبرز في الزيارة كانت خطابه في جامعة القاهرة. لم يكن خطابًا عاديًا، بل كان خطابًا مليئًا بالثقة والحب لمصر ولشعبها. تحدث عن أهمية التعليم كأداة لبناء المستقبل، وعن الابتكار كشرط أساسي لتقدم الأمم، وعن الحرية كحق غير قابل للتفاوض. وقد لامست كلماته القلوب، فكانت رسالة قوية إلى العالم أجمع، وليس فقط للشباب المصري. كانت الرسالة تتوجه إلى الدارسين في كل أنحاء العالم، إذ دعاهم جميعًا إلى الاعتراف بأن المستقبل يتم بناؤه على أسس الحرية والعلم.

الخطاب لم يكن مجرد كلمات، بل كان يحمل طاقة إيجابية واضحة، تظهر من لغة جسده، التي كانت تنبض بالثقة والحماس والإعجاب وسعادته الشديدة بالمشاركة في هذه اللحظة التاريخية.

ماكرون رأى مصر بقلبه قبل عينيه، في النهاية، كانت زيارة ماكرون لمصر بمثابة تجربة حية في حب بلد يجمع بين الأصالة والحداثة، بين التاريخ والمستقبل. لم يرَ ماكرون مصر فقط من منظور سياسي، بل رأى روحها وناسها، وما تحمله من آمال وطموحات. كانت الزيارة تجربة إنسانية، أكثر منها دبلوماسية، أعطت ماكرون فرصة لرؤية مصر في عيون الشعب، وفي قلب تاريخها، وفي عيون شبابها الذين يمثلون المستقبل.

لكن الأهم من ذلك أن هذه الزيارة حملت رسائل قوية للعالم أجمع. خطاب ماكرون في جامعة القاهرة لم يكن موجهًا فقط للشعب المصري، بل كان خطابًا عالميًا. كان حديثًا عن الحرية كحق إنساني، عن التعليم كمفتاح لبناء المستقبل، وعن الابتكار كشرط أساسي للنجاح. وتفاعل ماكرون مع الشباب والجماهير في مصر من خلال لغة جسده، التي كانت مليئة بالثقة والإيجابية، إضافة إلى سعادته الصادقة التي تجسدت في صور السيلفي مع الطلاب والحاضرين . هذه اللحظات كانت بمثابة رمز لقوة التواصل الإنساني والتبادل الثقافي بين الشعوب، مما يترك لنا رسالة تاريخية حول أهمية التعاون والتفاهم بين الأمم في سبيل بناء مستقبل مشترك.

خاتمة: زيارة ماكرون لمصر - رسائل في زمن مضطرب

زيارة ماكرون إلى مصر كانت أكثر من مجرد حدث دبلوماسي. في وقت يشهد فيه العالم اضطرابات سياسية واقتصادية، كانت الزيارة بمثابة رسالة واضحة للعالم حول قوة مصر ومرونتها في مواجهة التحديات. ففي ظل نظام اقتصادي عالمي يعيد تشكيل نفسه، وفي وقت تتصاعد فيه التهديدات من جانب الولايات المتحدة، وخاصة تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية وتصريحاته العدائية المبهمة، كانت زيارة ماكرون تأكيدًا على أن مصر تمثل نقطة استقرار وقوة في المنطقة.

ماكرون، في وجوده على أرض مصر، كان يعكس رسالة محورية للعالم، وهي أن مصر تمتلك الأمان والاستقرار الذي يعكس قوة شبابها وحيويتها. كان يرمز من خلال زيارته إلى أن هذا البلد العظيم ليس فقط مركزًا لحضارة تاريخية، بل هو أيضًا مركز حديث للأمان السياسي والاقتصادي. كان وجوده في مصر بمثابة رسالة في زمن يشهد الكثير من التقلبات، فمصر الآن ليست فقط جسرًا بين الشرق والغرب، بل هي قوة فاعلة في دعم السلام والاستقرار في منطقة مشتعلة إلى جانب كلماته القوية عن التعليم والحرية، كانت الزيارة بمثابة إعلان للعالم كله أن مصر تمثل بصوتها وشبابها طاقة حية في عالم يتغير بسرعة. وأكدت تلك الزيارة أن مصر تمتلك المقومات التي تجعلها قادرة على مواجهة تحديات العصر الحالي، ما يفتح أمامها آفاقًا جديدة من التعاون والفرص الاقتصادية مع مختلف الدول في العالم.
 

تم نسخ الرابط