تصريحات مثيرة للجدل
مجلس أمناء تكوين.. من مواجهة الجمود الثقافي إلى محاربة الدين ونشر الإلحاد
أثارت مؤسسة تكوين الفكر العربي جدلا كبيرا، منذ الإعلان عن انطلاق فعالياتها، بين مؤيد لها باعتبارها حجرا جاء ليحرك مياه الفكر والثقافة الراكدة، وبين مهاجم للمؤسسة ومتهم لها بأنها تستهدف ثوابت الدين الإسلامي وتدعو إلى نشر الإلحاد على حد قول البعض، ووصل الهجوم إلى تقديم طلبات إحاطة برلمانية حول تكوين، ورفع دعوى قضائية للمطالبة بإغلاق تكوين وإلغاء ترخيص المؤسسة.
دعوى مرتضى منصور ضد تكوين
ورفع مرتضى منصور الدعوى مختصما كل من وزيرة التضامن الاجتماعي بصفتها، وكل من إبراهيم عيسى، إسلام البحيري، يوسف زيدان، فراس السواح، ألفة يوسف، نائلة أبي نادر، فاطمة ناعوت، باعتبارهم أعضاء مجلس أمناء مؤسسة تكوين الفكر العربي، واتهمهم بإنشاء مؤسسة متخصصة في محاربة دين الله عز وجل، بدلا من إنشاء كيان أو مؤسسة للدفاع عن أطفال ونساء غزة الذين يتم إبادتهم، على حد قوله.
ويفتح موقع الصفحة الأولى ملف مؤسسة تكوين الفكر العربي، عبر تسليط الضوء على أبرز مؤسسيها واعضاء مجلس الأمناء وأبرز تصريحاتهم المثيرة للجدل.
يوسف زيدان
تعود الكاتب يوسف زيدان، عضو مجلس أمناء مؤسسة تكوين، على إطلاق العديد من التصريحات المثيرة للجدل، وكان آخرها قوله إنه والباحث السوري فراس السواح، زميله في مجلس أمناء تكوين، أفضل من عميد الأدب المصري طه حسين.
ورغم تأكيد يوسف زيدان بعد ذلك أنه كان يمزح، إلا أن تصريحاته فتحت عليه حالة من الغضب الشديد وخاصة بين أوساط المثقفين والكتاب والأدباء، وبعدها خرج مهددا بالانسحاب من مؤسسة تكوين، حال إقامة مناظرة بين عضو مجلس الأمناء إسلام بحيري، والداعية عبد الله رشدي.
وهذه التصريحات المثيرة ليوسف زيدان، لم تكن الأولى، فقد خرج من قبل مشككا في الإسراء والمعراج، مؤكدا أنه لا وجود للمعراج بالمعنى الدارج اليوم.
كما ينكر يوسف زيدان وجود المسجد الأقصى في مدينة القدس الشريف، ويؤكد أنه ليس إحدى القبلتين، ويقول إن المسجد الأقصى المذكور في القرآن الكريم موجود حاليا في الطائف بالمملكة العربية السعودية، بينما الموجود حاليا في القدس بناه عبد الملك بن مروان في العصر الأموي، وبالتالي فإن الصراع على المسجد الأقصى لعبة سياسية صنعها الخليفة الأموي، ولا يوجد مبرر حاليا للصراع عليه.
واتهم البعض الكاتب يوسف زيدان بأنه يستهدف من هذه التصريحات إرضاء اليهود والغرب، آملا منه في تحقيق حلمه بالفوز بجائزة نوبل في الآداب.
أغضب الجميع
ولم تغضب تصريحات يوسف زيدان المسلمين فقط، ولكنه تسبب في غضب المسيحيين أيضا، بعدما خرج قائلا إن الديانة المسيحية لم تكن موجودة عام 70 من الميلاد، ولم تكن هناك الأناجيل المعروفة كما يقول البعض.
كما قال يوسف زيدان عن صلاح الدين الأيوبي إنه من أحقر شخصيات التاريخ، بعدما حرق مكتبة القصر الكبير، وقرر عزل رجال الفاطميين عن نسائهم كي يقطع نسلهم.
ويوسف زيدان كما يعرفه الموقع الرسمي لمؤسسة تكوين، أستاذ جامعي وكاتب وفيلسوف مصري، ومتخصص في التراث العربي المخطوط وعلومه، وحصل على الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية سنة 1989، وله عشرات المؤلفات والأبحاث العلمية في الفكر الإسلامي والتصوف وتاريخ الطب العربي.
وأصدر يوسف زيدان روايات عدة، أبرزها رواية ظل الأفعى ورواية النبطي، ورواية اللاهوت العربي، كما فاز عام 2009 بجائزة بوكر العربية، عن رواية عزازيل.
إسلام بحيري
الجدل وإسلام بحيري متلازمان، فلا يكاد يخرج تصريح منه إلا وفجر حالة شديدة من الجدل، بداية من ظهوره على شاشة قناة القاهرة والناس وتقديمه برنامج "مع إسلام"، والذي ركز فيه على تجديد الخطاب الديني وكسر أنماط تفسير الموروث الديني والفكري الإسلامي.
وأطلق إسلام بحيري، عضو مجلس أمناء مؤسسة تكوين، العديد من التصريحات الصادمة، منها قوله في فبراير 2015، في ندوة بمعرض الكتاب، إن آيات القرآن الكريم لا تناسب كل العصور، وضرب مثالا بآيات الجهاد في القرآن وقال إنها زمانية مكانية، وتخص الظروف الاجتماعية في لحظة معينة، وبالتالي لا تنطبق على كل العصور.
وفي حلقاته قال إسلام بحيري إن حرب خليفة رسول الله أبو بكر الصديق على المرتدين لم تكن من الدين، وإن حد الردة يتعارض مع العدالة الإلهية، كما أنه لا يوجد في الأساس ما يسمى بحد الردة.
كما طالب إسلام بحيري بحرق كل الكتب الإسلامية مثل كتب البخاري ومسلم، والشافعي، وقال إنها لا تمثل الإسلام الحقيقي، كما أن كتاب البخاري مليء بالعفن الفكري والخرافات، وأننا في الوقت الحالي أعلم من البخاري وجيل الصحابة.
كما اتهم إسلام بحيري الإمام ابن تيمية بأنه كبير السفاحين والقتلة في العالم، مشيرا إلى رأيه بأن من شتم النبي صلى الله عليه وسلم يقتل ولا يستتاب، واصفا إياه بالرجل المجنون والمختل الذي لا يدرك شيئا، وأن تنظيم داعش الإرهابي صنيعة إسلامية وليس له علاقة بالأمريكان، بل من صناعة ابن تيمية.
البيرة حلال
وحول ظهور زجاجة بيرة في بعض صور مركز تكوين بأحد الفنادق، قال إسلام بحيري: " مش بشرب البيرة عشان بتعمللي انتفاخ، ولكن البيرة حلال في بعض المذاهب وليست حراما".
وإسلام بحيري كما يعرفه الموقع الرسمي لمؤسسة تكوين، حاصل على ماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة ويلز، كما نشر حوالي 68 بحثا علميا في الدراسات الإسلامية، وهو أحد أبرز المنادين بتجديد الخطاب الديني وكسر أنماط تفسير الموروث الديني والفكري الإسلامي، حيث قدم في هذا الصدد حوالي 800 حلقة تلفزيونية.
إبراهيم عيسى
أما الكاتب الصحفي والروائي أبراهيم عيسى، فله أيضا العديد من التصريحات التي فتحت عليه نيران الانتقادات، والتي كان أبرزها إنكاره لقصة الإسراء والمعراج، قائلا عبر برنامجه حديث القاهرة في عام 2022: "مفيش معراج ودي قصة وهمية كاملة، وده اللي بيُقال في كتب السيرة والتاريخ، حتى كتب الحديث".
كما انتقد إبراهيم عيسى النادي الأهلي عبر نفس البرنامج، وقال إن عبارة "الأهلي فوق الجميع" تعتبر جملة نازية كان يرددها الألمان في عهد أدولف هتلر، كما قال من قبل إن النادي الأهلي مخترق من جماعة الإخوان المسلمين، بينما نادي الزمالك مخترق من السلفيين، وتحدى الناديين قائلا إنه يمكنه إثبات ذلك بالوقائع.
الصعايدة والمايوه
ولم يسلم الصعايدة من تصريحات إبراهيم عيسى، بعدما خرج مؤكدا أن نساء الصعايدة كن يرتدين المايوهات في ستينيات وسبعينيات القرن الماضين وأوضح: "أحب أقولك إنها لا كانت عاصية ولا كافرة ولا متبرجة، وكل المصطلحات اللي غرسوها في ذهنك لحد دلوقتي عن المرأة اللي من ضمنها أمك وأختك".
وفي نوفمبر 2021، هاجم إبراهيم عيسى دكتور صيدلي ظهر في فيديو وهو يقرأ القرآن الكريم، وقال معلقا عليه: "ليه أدخل أجزخانة ألاقي الشاب الصيدلي قاعد بيقرأ قرآن، من باب أولى يقرأ مرجع أدوية".
كما يرى إبراهيم عيسى أن التاريخ الإسلامي الذي يدرس للطلبة في المدارس، ويتحدث عن الصحابة مزور وكذوب، لأن الصحابة قاتلوا بعضهم وحاربوا بعضهم على الدم والسلطة، وأن ما نراه ونقرأه وندرسه في مساجد مصر ومعاهدهها يخدم التطرف والإرهاب، وأن السلفية هي الحضن الدافئ لكل إرهابي يرفع سلاحه في وجه المصريين.
وإبراهيم عيسى، كما يعرفه مركز تكوين على موقعه الرسمي، صحفي مصري وروائي ومقدم برامج، وصدر له روايات حروب الرحماء ومولانا ورصاصة في الرأس ورحلة الدم، وكل الشهور يوليو، وأشباح وطنية، ومقتل الرجل الكبير.
فاطمة ناعوت
أما فاطمة ناعوت، فلا تخلو تصريحاتها ومقالاتها هي الأخرى من حالة إثارة الجدل بشكل مستمر، وكان أبرز تصريحاتها الصادمة، تشبيهها عيد الأضحى بالمذبحة، بعدما قالت من خلال موقع إكس "تويتر سابقا": "ملايين الكائنات البريئة تُساق لأهول مذبحة يرتكبها الإنسان منذ عشرة قرون ونصف ويكررها كل عام وهو يبتسم، كائنات لا حول لها ولا قوة تدفع كل عام أرواحها وتُنحر أعناقها وتُهرق دماؤها دون جريرة ولا ذنب ثمنًا لهذا الكابوس القدسي".
وفي يونيو 2014، خرجت فاطمة ناعوت بتصريح آخر، من داخل كنيسة الشهيدين "سرجيوس وواخس"، قائلة إن كل الأنبياء أخطئوا ونخسهم الشيطان إلا السيد المسيح وأمه مريم عليهما السلام، فهما البشريان الوحيدان اللذان لم يقعا في أخطاء تبع الشيطان.
هجوم على النقاب
وكانت فاطمة ناعوت علقت على حكم محكمة القضاء الإداري، بتأييد قرار الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، بحظر ارتداء عضوات هيئة التدريس للنقاب داخل المعامل البحثية ومراكز التدريب العلمية لطلبة الدراسات العليا، وقالت وقتها: "اعتبر الإخفاء الكامل كالتعري الكامل، كلا الشخصين يرى نفسه سلعة ومادة للإغراء، فالتي تتخفى تمامًا والتي تتعرى تماما تجد في نفسها مادة للإغراء، والأفضل هو الحالة الوسط".
كما أكدت في تصريحات تلفزيونية تأييدها لتونس، وقالت إنها تمنع الحجاب، وأنه على الإنسان الطبيعي أن يثق في نفسه وفي غيره، وألا يعتبر نفسه سلعة.
كما وصفت فاطمة ناعوت الانتخابات البرلمانية بـ"الدعارة الانتخابية"، وأنها نجت بنفسها بعيدا عما وصفته بدنيا قبح المصالح والشر المجاني، وذلك بسبب سقوطها في انتخابات مجلس النواب 2015، وقالت وقتها إن شهرتها وتاريخها السياسي سبب صعودها إلى جولة اﻹعادة في الإنتخابات، وذلك قبل أن تخسر بعد ذلك.
وردا على الانتقادات والهجوم الذي طال مركز تكوين بعد تأسيسه، قالت فاطمة ناعوت أن منتقدي تكوين نفوسهم مرتعشة، كما علقت على وجود زجاجة بيرة في إحدى الصور المنتشرة لـ تكوين، وقالت إن أعضاء المركز تناولوا العشاء في فندق قبل بداية المؤتمر، والتقطوا الصور في أماكن متنوعة في الفندق، وأنها لا تعلم شيئا عن زجاجة البيرة، كما لم يتناول أحد من أعضاء المركز أو الضيوف المشاركين في المؤتمر أي مشروبات كحولية.
فراس السواح
أما الكاتب السوري فراس السواح، عضو مجلس أمناء مركز تكوين، فخرج من قبل على إحدى القنوات الفضائية، مؤكدا أن الحجاب ليس فرضا، ولا يوجد فرض في القرآن أو الحديث، بل يمثل مسألة تقاليد اجتماعية وليست شرعية، كما كشف عن رغبته في تحرير المرأة بداية من خلع الحجاب، لأن كل سيدة تلبس الحجاب تعترف أنها عورة.
كما كشف فراس السواح عن رأيه في الصلاة، ودعا إلى ما أسماه الصلاة الذهنية، وقال إن هناك عدة أشكال للصلاة، ولكن الذهنية أعمق للتواصل مع الله وما أطلق عليه العوالم الغيبية، لأنها الأصدق في العلاقة مع الله، كما أنها أنفع من الصلاة الحركية، وبالتالي فإن دقيقة واحدة من الصلاة الذهنية، أكثر فائدة من خمسين صلاة، على حد قوله.
قصص القرآن أسطورية
كما أنكر الكاتب فراس السواح وجود آدم عليه السلام، وقال إنه رمز، وعلينا ألا نأخذ القصص الدينية بشكل حرفي، لأن معظم القصص رمزية وتستهدف الوعظ وتثبيت فكرة التوحيد، فالقصص الدينية أسطورية تعبر بطريقة القص الرمزي.
وفراس السواح كما يعرفه الموقع الرسمي لمؤسسة تكوين، تخرج من جامعة دمشق عام 1965. صدر له ما بين عام 1976 وعام 2021، 26 كتابا في الميثولوجيا والتاريخ وتاريخ الأديان من بينها كتاب الله والكون والإنسان، كتاب ألغاز الإنجيل، كتاب الإنجيل برواية القرآن كتاب لغز عشتار - الألوهة المؤنثة وأصل الدين والأسطورة، كتاب جلجامش ملحمة الرافدين الخالدة. ترجمت أعماله إللى اللغة الصينية والإنجليزية.
كما شارك فراس السواح في دراسة في كتاب مشترك صدر باللغة الإنجليزية وحرره الباحث البريطاني كيث وايتلام مع عدد من المؤرخين وعلماء الآثار في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية في العام 2013. يشغل دسواح عضوية إتحاد الكتاب في سوريا وفي الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب.