الأولى و الأخيرة

تحية وجيهان وسميرة وعلية

أسرار ليلة 23 يوليو على لسان زوجات أعضاء مجلس قيادة الثورة

موقع الصفحة الأولى

مثلت ليلة 23 يوليو 1952 لحظة فارقة في تاريخ مصر، حيث كانت الليلة التي مهدت لقيام ثورة التحرير والاستقلال، وحمل فيها الضباط الأحرار، أرواحهم على أكفهم، وهو ما رواه العديد منهم بعد نجاح "الحركة المباركة"، ولكن هناك العديد من الأسرار التي رويت على ألسنة زوجات أعضاء مجلس قيادة الثورة، والتي يسردها موقع الصفحة الأولى في التقرير التالي.

 

تحية زوجة جمال عبد الناصر

والبداية مع السيدة تحية كاظم، زوجة الزعيم جمال عبد الناصر، قائد الثورة ومؤسس تنظيم الضباط الأحرار، والتي كشفت عن أسرار ليلة ثورة 23 يوليو 1952 في مذكراتها التي حملت عنوان ذكريات معه، والتي قالت فيها: في صباح اليوم 22 يوليو 1952، دخل جمال الحجرة وكان يلبس الملابس العادية القميص والبنطلون ولم ينم طول الليل، وظل جالسا في حجرة السفر يواصل عمله، مثل الليلة السابقة، حياني واستعد للخروج، واستبدل ملابسه بالملابس العسكرية وتناولنا إفطارنا سويا.

وأضافت: خرج جمال ورجع عند الظهر، وتناول الغداء مع الضباط وظل معهم في الصالون وحجرة السفرة بعض الوقت، وبعد خروج الضيوف اقترح علي اصطحاب الأولاد، منى وهدى وخالد، واخوتي للخروج والذهاب إلى السينما خاصة أن الجو كان حارا، وقالت إنها لبت هذا المقترح، وخرجت برفقة الأولاد للتمشية في الحديقة الموجودة بالقرب من قصر القبة.

وتواصل أنهم عادوا جميعا إلى البيت قبل الساعة الثامنة مساء، ولكنه خرج بمفرده بعد ذلك، ليعود حوالي الساعة 11 مساء وهو يرتدي البدلة العسكرية، فسألته عن وجهته، فرد عليها جمال: أنا لم أستكمل تصحيح أوراق الكلية الحربية، وسأذهب إلى الكلية لاستكمال التصحيح، ولن أعود هذه الليلة، وانتظريني على الغداء غدا.

وأكملت تحية عبد الناصر: بعد خروج جمال، سمعت صوت طلقات كثيرة، وكانت الساعة حوالي 12 منتصف الليل، فبكيت، وشعرت أنها صادرة من ناحية قصر القبة، وقلت لابد إن عبد الناصر من الذين يهاجمون القصر واستمريت في البكاء.

وظلت تحية عبد الناصر جالسة ولم تتمكن من النوم في تلك الليلة، وكانت تنظر من النافذة إلى الشارع حتى تفهم ما حدث حولها، وقالت: قبل الساعة الثانية صباحا رأيت العربات المصفحة والدبابات تمشي في الشارع بميدان مستشفى العسكري، وكان شقيقا جمال في البيت وقتها، فقفزا من الفرح، قالا إن زوجي قال إنه ذاهب لمهمة خطيرة، وتبادلا التهاني وقالا لي: افرحي، فقلت لهما: أين جمال؟

وتواصل تحية في مذكراتها: في الساعة السادسة والنصف صباح 23 يوليو، سمعنا طرق على الباب، وكان ثروت عكاشة قد جاء مهنئا على نجاح الثورة، فسألته: أين عبد الناصر؟ فقال: قريب منكم، موجود في القيادة العامة، اسمعي البيان في الراديو الساعة 7.

وعند الساعة التاسعة، جاء صف ضابط ليبلغ زوجة عبد الناصر أنه بخير، ولكنه لن يحضر وقت الغداء، ووقتها كان بيان الثورة يُذاع على مدار اليوم، ثم حضر عبد الناصر في العاشرة مساء، وقال إنه سيبقى ساعتين ثم يعود إلى القيادة العامة.

وتختتم تحية عبد الناصر ذكرياتها عن ليلة ثورة 23 يوليو قائلة: حكى جمال حكاية ذهاب أنور السادات وزوجته جيهان إلى السينما ليلة الثورة، ثم عودته من السينما وارتدائه البدلة العسكرية وانضمامه للضباط الأحرار، وقالت: كان بيضحك وهو بيحكيلي عنه.

جيهان زوجة أنور السادات

أما جيهان السادات زوجة الرئيس الراحل أنور السادات، فتحدث عن ذكرياتها ليلة ثورة 23 يوليو، قائلة إنها لم تتوقع قيام الثورة، بعدما أخبرها "أنور" قبل شهر من قيام الثورة، عن قلقه من الوعد الذي قطعه على نفسه لوالدها، بعدم الاشتغال في السياسة بعد الزواج.

وأكدت جيهان السادات للإعلامي طارق حبيب في برنامج أوتوجراف، أنها لم تتوقع أن أنور كان يخطط مع زملاؤه في ذلك الوقت لثورة 23 يوليو، ولم تكن تفهم ذلك، وعندما اتصل بها وقت خدمته في رفح، أبلغها بأنه سيأتي إلى القاهرة في غير موعد إجازته، وعندما سألته عن السبب، تحجج بأن والدته مريضة، وبعدها أنهى المكالمة.

وبعدها قال لها السادات إنه أتى كي يتنزه معها، فطلبت منه أن تذهب إلى سينما الروضة الصيفي، وذهبا صحبة والدها ووالدتها وشقيقتها إلى السينما، ولكن عند العودة إلى المنزل، أعطاها حارس العقار ورقة بإمضاء جمال عبد الناصر، مكتوب فيها: "المشروع يتم الليلة".

وبعد أن قرأ السادات الورقة، صعد بسرعة إلى الشقة، وارتدى البدلة العسكرية، وقال لها إنه سيضطر لزيارة صديقه المريض على الفور، ويجب أن يرتدي الملابس الرسمية حتى يتمكن من توفير طبيب جيد له.

وتعود جيهان السادات لتؤكد أنها مازالت لا تتوقع قيام الثورة، ولكنها بدأت تحس بأن شيئا ما يحدث، ولكن زوجها لا يريد أن يخبرها به، فنادت عليه، وقالت يا أنور إذا روحت السجن هبقى أجي أزورك، فضحك السادات ومضى ذهب إلى طريقه.

وبعدها اتصل أنور بجيهان صباحا، وقال لها استمعي إلى الإذاعة الآن، وعندما فتحت الرادي، سمعت بيان الثورة بصوت السادات، وأحست وقتها بسعادة غامرة.

 

سميرة زوجة خالد محي الدين  

وتروي السيدة سميرة سليم سليمان، زوجة خالد محي الدين عضو مجلس قيادة الثورة، ذكرياتها ليلة ثورة 23 يوليو 1952، وقالت إن زوجها أخبرها وقتها: "بكرة فيه حاجة كبيرة ستحدث في مصر".

وأكدت أنها وقتها لم تشعر بالخوف، وأوضحت: كنت أستمد شجاعتي من الثقة في خالد، وبعد الغدا فاجأنى، وقال: سأخرج الساعة الثامنة، وأنا نازل ومش عارف راجع امتى، وإذا مرجعتش حتى الصبح أكون إما انتحرت أو هربت، لا تقلقى، أو تسمعى خبرا سارا فى الإذاعة، وهنا بدأت أقلق.

وتواصل زوجة خالد محي الدين: "قلت له بهدوء: ربنا معاك، وإن شاء الله ترجع بالسلامة، وخمنت أنه متهم بقتل أحد، لأنه كان وقتها الكلام كثير عن المتهمين بقتل أمين عثمان أو قضية حسين توفيق.

وتواصل السيدة سميرة سليم: في نفس الليلة قابل "خالد" حسين الشافعي بالمساء وذهب عند ثروت عكاشة، وكل واحد ذهب إلى كتيبته، وأمر بإعداد الكتيبة للطوارئ وتحركوا ليحاصروا القيادة العامة للجيش فى الخليفة المأمون.

وبعد أن عاد قال: كان معايا 400 جندى فى مدخل مصر الجديدة وبعد أن حاصر المكان سمع طلقات النار فى القيادة، كان يوسف صديق قد سبقهم بجنوده قبلها بساعة ونصف الساعة واحتل القيادة، وكان خالد أيضا قد تحرك قبل الموعد بساعتين ونص الساعة بدون ذخيرة كافية، ووصلته الذخيرة من حسين الشافعى فى الشارع.

 واكملت زوجة خالد محي الدين: الاخلاص كان كلمة السر، ففي ليلة الثورة خالد سأل جنوده: أنتم عارفين أحنا بنعمل أيه؟ فأجابوا إحنا طوارئ يا فندم، فقال لهم: لا إحنا هنا عشان نطهر الجيش، وطبعا لولا ثقتهم ما اطمأنوا.

وتضيف: في السادسة صباحا، رن صوت التليفون، ولما رفعت السماعة، قال لي: مبروك يا حبيبتي، فقلت: مين؟ وأنا لا أصدق ما أسمع، فقال: أنا خالد يا سميرة، فقلت فى ذات اللحظة: مبروك، وقال لي: اسمعى الإذاعة؟ وسمعت بيان الثورة، فأحسست أنها حركة مباركة وليست جريمة قتل متهم فيها خالد.

وبعد 3 أيام، رجع خالد إلى المنزل بعدما تنازل الملك فاروق عن العرش لابنه الأمير أحمد فؤاد، وعندما وصل، قال هسمعك خبر حلو قبل أن ننزل، وفتح الراديو وبدأ المذيع يتلو خبر تنازل الملك عن العرش فنظرت له، ووجدته يبكي فسألته: هل كنت تعرف الخبر؟ قال: نعم، فقلت له طب الدموع ليه؟ فقال وهو يتنهد: دي حكاية طويلة يا سميرة لكن أنا فرحان قوي.

 

علية زوجة يوسف صديق

وتروي السيدة علية توفيق، زوجة يوسف صديق، عضو مجلس قيادة الثورة، ذكرياتها ليلة ثورة 23 يوليو 1952، وقالت إنه ذهب وقتها لأداء واجبه، رغم مرضه، وكان مصاب بنزيف في رئته ومهدد بالموت.

وشرحت زوجة يوسف صديق: كان ذاهب ليستشهد، لكنه لم يمت، إنما أأنقذ الثورة بعدما عرف أن خبرها تسرب، وأن قيادات الجيش اجتمعوا في مقر رئاسة الجيش لبحث كيفية مواجهتها وإفشالها، فقرر بشكل فردي اقتحام مقر الرئاسة واعتقال القادة، وهي الخطوة التي حسمت مسار الثورة.

وكانت علية توفيق السيدة الوحيدة التي كانت تحضر اجتماعات تنظيم الضباط الأحرار، تقديرا لوعيها وثقافتها. 

تم نسخ الرابط