انتفاضة الخبز من المماليك إلي السادات
أطلق عليها السادات انتفاضة الحرامية.. ثورة الجياع عن الخبز وغلاء الأسعار وارتفاع كيلو اللحمة لواحد جنيه
السادات، اعتمد المصريون منذ عصر الفراعنة على الخبز كقوت يومي وقاسم مشترك في كافة الوجبات، ولذلك كان محصولا القمح والذرة من أولويات الفلاح المصري بوصفهما المكون الأساسي لـ"رغيف العيش".
ولم تكن انتفاضة الخبز التى شهدتها مصر خلال يومي 18 و 19 يناير من عام 1977، هي الهبة الشعبية الأولي بسبب ارتفاع أسعاره أو ندرته، إنما كان الخبز محركا رئيسيا لعدد غير قليل من الاحتجاجات الشعبية في البلاد، لاسيما في العصر المملوکي حيث ثار المصريون علي حكام البلاد بسبب ارتفاع أسعار الخبز وهو ما تكرر عدة مرات خلال حكم العثمانيين.
انتفاضة الحرامية
انتفاضة الخبز أو أخطر ثورة ناقصة في تاريخ مصر، التى أصر الرئيس أنور السادات علي نعتها بانتفاضة الحرامية، تلخصها أوراق القضية رقم 1844 والقضية رقم 67 لسنة 1977 كلي وسط عابدين بالقاهرة، عندما خرج المئات بل ألوف العمال غاضبين في تظاهرات يومي 18 و 19 يناير من عام 1977 وذلك قبل نحو 47 عاما وهى التظاهرات التي هزت أركان الرئيس السادات بعد صدور قرارات الانفتاح الاقتصادي، عقب نصر أكتوبر المجيد بعام واحد.
جاءت قرارات السادات بتحريك بعض أسعار السلع الأساسية على رأسها الخبز والشاي والأرز و السكر والزيوت والمنسوجات والبنزين و 18 سلعة أخرى إلى رفض تلك الزيادات وخروج طلاب الجامعة والعمال من مصانعهم رافعين شعارات ضد قرارات السادات التي أصدرها نائب رئيس الوزراء الدكتور عبد المنعم القيسوني ومنددين بسياسات سيد مرعي رئيس مجلس الشعب أنذاك ومطالبين بإقالة ممدوح سالم رئيس الوزراء مما جعل السادات يتراجع عنها ويعود من محافظة أسوان تاركا ضيفه الرئيس جوزيف تيتو.
وردد المتظاهرون شعارات معادية للحكومة والرئيس السادات نفسه كان أبرزها: سيد مرعي يا سيد بيه..كيلو اللحمه بقى بجنيه، ووقتها كان سعر اللحمه 68 قرشا، وارتفع فجأة الي واحد جنيه للكيلو.
شعارات انتفاضة 18 و19 يناير
ياساكنين القصور .. الفقرا عايشين فى قبور
ياحاكمنا فى عابدين .. فين الحق وفين الدين
سيد مرعى يا سيد بيه .. كيلو اللحمة بقى بجنيه
هو بيلبس آخر موضة .. وإحنا تاكلنا السوق السودا
هو بيلبس آخر موضة .. واحنا بنسكن عشرة ف أوضة
هو بيركب طيارات .. واحنا مش لاقيين أتوبيسات
هما بياكلوا حمام وفراخ .. واحنا الجوع دوخنا وداخ
هو بيبني في استراحات .. وإحنا نعاني آهات وآهات
بالطول بالعرض .. حنجيب ممدوح الأرض
آه يا حكومة هز الوسط .. كيلو اللحمة بقي بالقسط
مظاهرات بسبب ارتفاع الأسعار
يذكر أن الأسعار التي خرج بسببها المتظاهرون في ذلك الوقت كانت كالأتي حسب ما نشرته الصحف وقتها، حيث وصل سعر كيلو اللحوم 100 قرشا بعد أن كانت 68 قرشا بسبب القرارات الأخيرة بينما كان كيلو الفراخ البلدي 75وقرشا والأسماك 60 قرشا للكيلو وسجلت أسعار الخضروات وقتها بعد قرارات السادات ليصل سعر كيلو الطماطم 65 قرشا، والبسلة إلى 120 قرشا والكوسه من 5 قروش إلى 15 قرشا بينما بلغ سعر كيلو السكر ليصل إلى 70 قرشا والشاي 450 قرشا للباكو زنة 100 جرام، بينما تحرك سعر لتر البنزين ليصل إلى 80 قرشا البنزين 80 و90 قرشا البنزين 90 وهو ما رفضته المظاهرات الغاضبة جملة وتفصيلا
وسجل سعر جرام الذهب وقتها سعر 170 قرشا لعيار 21 و 140 قرشا لعيار 18 بينما وصل سعر الجنيه الذهب وقتها 11 جنيها مصريا.
أحكام تاريخية
ورغم تقديم 1270 للمحاكمة إلا أن القاضي حكيم منير صليب ودائرته المكونة من القاضي علي عبد الحكيم عمارة والقاضي أحمد محمد بكار، أصدروا أحكاما تاريخيا في تلك القضية التاريخية ومن حيثيات تلك القضية أن القاضي صليب قال "إن المحكمة وهي تتصدي لتلك الأحداث بالبحث والاستقصاء لعلها أن تستكشف عللها وأسبابها وحقيقة أمرها لابد أن تذكر ابتداء أن هناك معاناة إقتصادية كانت تأخذ بخناق الأمة المصرية في ذلك الحين وكانت هذه المعاناة تمتد لتشمل مجمل نواحي الحياة، والضروريات الأساسية للإنسان المصري.
فقد كان المصريون يلاقون العنف وهم يحاولون الحصول علي طعامهم وشرابهم ويجابهون الصعاب وهم يواجهون صعودا مستمرا في الأسعار مع ثبات في مقدار الدخل، ووصف القاضي تلك الانتفاضة بأنها انتفاضة شعبية سببها إصدار القرارات الإقتصادية وذلك عكس ما ذكره السادات في خطابه بأنه انتفاضة حرامية لكونها شهدت أحداث نهب وسلب وعنف نجم عنها وفاة79 شخصا وإصابة ما يقرب من 500 أخرين وإخراق عدد من أقسام الشرطة منها أقيام السيدة والأزبكية بالقاهرة ووقوع تلفيات في ممتلكات المواطنين.