التجربة الأولى والأخيرة
«آل مرّة» كلمة السر وراء إلغاء انتخابات مجلس الشورى القطرى والعودة للتعيين
فى خطوة تمهيدية لإلغاء انتخاب أعضاء مجلس الشورى القطري ، دعا أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، المواطنين للمشاركة في استفتاء عام على تعديل الدستور الدائم للبلاد في الخامس من نوفمبر المقبل، والتى تتضمن إلغاء انتخاب أعضاء مجلس الشورى والعودة لنظام التعيين.
وأرجع مراقبون القرار الأميرى بالعودة لنظام التعيين وإلغاء الانتخابات إلى قطع الطريق على احتجاجات مرتقبة لمن استبعدهم قانون الانتخاب وعلى رأسهم قبيلة آل مرّة القطرية المناهضة لحكم الشيخ تميم ووالده من قبلة.
فقد تم منع الألاف من قبيلة آل مرّة من المشاركة فى التصويت أو الترشح فى اول تجربة انتخابية فى قطر، على خلفية مساندة القبيلة للأمير خليفة بن حمد جد الأمير تميم والوقوف مع الجد ضد انقلاب الشيخ حمد بن خليفة على والده عام 1996، حيث حاول الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، استرداد السلطة، وسانده في مساعيه أبناء قبائل آل مرّة ، وهو ما دعا إلى تجريد أبناء القبيلة من جنسيتهم وحرمانهم من حقوق المواطن القطري الأساسية.
استفتاء 5 نوفمبر
ووفقا لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، أصدر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أصدر مرسوماً بدعوة كافة المواطنين ممن أتموا سن الثامنة عشرة للمشاركة في استفتاء عام على التعديلات الدستورية على الدستور الدائم لدولة قطر في 5 نوفمبر المقبل.
وكانت قطر أجرت في أكتوبر 2021 أول انتخابات نيابية تشهدها البلاد منذ قيام مجلس الشورى في عام 1972، وهى التجربة الانتخابية الأولى والاخيرة فى قطر.
ويأتي هذا الإعلان بعد تجربة واحدة خاضها القطريون في عام 2021 لانتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشورى، ووصفت الانتخابات التشريعية آنذاك بـالحدث التاريخي، وشهدت إقبالاً كبيراً بنسبة تجاوزت الـ 63 %.
ينص الدستور الدائم لقطر، الذي صدر عام 2004 ودخل حيز التنفيذ عام 2005، على أن يُنتخب ثلثَي أعضاء مجلس الشورى عن طريق التصويت العام السري المباشر، ويُعين الأمير الثلث الآخر.
لكن هذا البند من الدستور لم يكن مُطبقاً، إذ جرت العادة أن يعين الأمير جميع الأعضاء، وبعد 16 عاماً شهدت قطر أول انتخابات تشريعية، قالت إنها لتعزيز المشاركة الشعبية في العملية السياسية.
منع آل مرّة من التصويت
وعلى الرغم من أن الخطوة حظيت بترحيب دولي، باعتبار أنها بداية مهمة في تمكين الديمقراطية ودعم حقوق الإنسان في قطر رغم السلبيات المحيطة بها، لكنها أثارت أيضاً جدلاً وانقساماً داخلياً حول بند من بنود القانون المنظم للانتخابات.
نص القانون الانتخابي على أن حق الترشح والتصويت يقتصر على القطريين الأصليين، بينما يحق التصويت فقط للقطريين المجنسين المولودين في قطر ممن حصل أجدادهم على الجنسية القطرية، ولم يُسمح لباقي المجنسين بالترشح أو التصويت.
وأثار شرط "الجنسية القطرية الأصلية" حفيظة البعض، وتحديداً أفراد قبيلة آل مرّة ، الذين خرجوا في مظاهرات احتجاجاً على منعهم من حقهم الطبيعي في الترشح أو حتى التصويت بالنسبة لبعض أبناء القبيلة التى تم تجريدها من جنسيتها القطرية.
وبحسب قانون الجنسية القطرية لعام 2005، فإن القطريين أساساً هم المتوطنين في قطر قبل عام 1930، واحتفظوا بجنسيتهم القطرية حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 2 لسنة 1961، وهو ما يعني استبعاد بعض أفراد العائلات المجنسة بعد ذلك التاريخ.
وانتقدت المنظمات الحقوقية حينها القانون الانتخابي، ووصفته بالتمييزي، الذي يحرم آلاف القطريين من الاقتراع أو الترشح، وعلى رأسهم قبائل آل مرّة .
واتسمت أول تجربة انتخابية فى قطر بالتوترات الاجتماعية، والتي كادت أن تضرب أمن المجتمع القطرى وهي السبب الرئيسي الذي استوجب إعادة النظر بجدوى العملية الانتخابية، وإلغائها كليا تفاديا لأى تحرك جديد من قبائل آل مرّة يناهض حكم آل ثان.
ووصف أمير قطر الشيخ تميم، الانتخابات بأنها تجربة خضعت للدراسة، وهو ما دفع الحكومة لاقتراح التعديلات الدستورية.
وقال في كلمته السنوية لافتتاح مجلس الشورى: ليس مجلس الشورى برلماناً تمثيلياً في نظام ديمقراطي، ولن تتأثر مكانته وصلاحياته سواء اختير أعضاؤه بالانتخاب أو التعيين.
وهى الكلمة التى وصفها مراقبون بانها تمثل تراجعا فى السياسة القطرية وتقوم على أن المسار الديمقراطي لا يخلف إلا الفوضى وتعطيل التنمية، وبالتالي فإن النموذج الذي تقدمه دول الخليج، والذي يضمن استقرار وأمن الدولة ويحقق الرفاه والتنمية، هو الأفضل.
تأسيس مجلس الشورى
ويرجع تاريخ مجلس الشورى في قطر إلى عام 1972، وهو السلطة التشريعية في البلاد، لمناقشة ما يحال إليه من مجلس الوزراء، مثل مشروعات القوانين، والسياسة العامة للدولة، والمصادقة على ميزانيات المشروعات الرئيسية، بحيث يقدم توصيات بشأنها.
وليس للمجلس سلطة على الهيئات التي تضع السياسات الدفاعية، والأمنية، والاقتصادية، والاستثمارية في الدولة.
وضم أول مجلس شورى في قطر 20 عضواً، وعلى مر السنين ازداد عددهم حتى بلغ 45 عضواً، ولم تشارك المرأة القطرية في المجلس حتى عام 2017، عندما أصدر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قراراً أميرياً عيّن بموجبه أربع نساء لأول مرة في تاريخ المجلس.
ووفقاً للمادة 75 من الدستور القطري، يُعتبر موضوع الاستفتاء موافقاً عليه إذا أقرته أغلبية من أدلوا بأصواتهم، وتكون نتيجة الاستفتاء مُلزمة ونافذة من تاريخ إعلانها.
ويعتبر هذا ثاني استفتاء شعبي تنظمه قطر منذ استقلالها عام 1971، فقد جرى أول استفتاء في 29 أبريل 2003، عندما صادق القطريون بنسبة بلغت 98 % على الدستور الدائم للبلاد.