و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

تغلبت على أميتها بالرسم على الرمال

القصة الكاملة لنضال شيخة مجاهدات سيناء "الحاجة فرحانة" من يونيو67 حتى النصر

موقع الصفحة الأولى

الاسم : فرحانة حسين سالم

العمر : 105 سنة

اللقب : شيخة مجاهدات سيناء 

الابناء : 3 - الاحفاد :11 حفيد

لعب أهالي سيناء دورًا هامًا على مر التاريخ، بدءً من دورهم المحوري في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وحتى معاونة القوات المسلحة في القضاء على الإرهاب، وتشهد سيناء طفرة تنموية مستحقة، لما قدمه أبناءها من أجل الوطن. 

ولعل أبرز الأمثلة لتضحيات وبطولات أهالي سيناء «الحاجة فرحانة»، أحد أبرز المناضلات التي دافعت عن أرض الوطن، ولم تهاب الموت، واختارت أن تكافح من أجل تحرير أرض سيناء من العدو الصهيوني. 

وفي لقاء تلفزيوني، سلط نجل «الحاجة فرحانة»، أكبر فدائية مصرية على قيد الحياة، حيث تبلغ من العمر 100 عام، جانبًا من التاريخ البطولي لوالدته، مشيرًا إلى أن مهمتها كانت المشاركة في نقل المعلومات للمخابرات الحربية المصرية، بعد نكسة يونيو 1967.

معلومات سرية 

 

وقال إن دور والدته الأساسي كان توصيل المعلومات السرية التي كانت تحصل عليها من المجاهدين، وتنقلها بدورها إلى القوات المسلحة، مشيراً أن والدته كانت تخفي الرسائل في ملابسها، وتُجري عليها تطريزًا بالإبرة، مشيرًا إلى أنهم كانوا يفتقدونها كثيرًا في ذلك الوقت.

وتنتمي الحاجة فرحانة حسين سالم إلى قبيلة الرياشات بسيناء، حيث انضمت عقب النكسة إلى المخابرات الحربية وتم تكليفها بمهمة رصد القوات الإسرائيلية خلال تجارة الأقمشة التى تعمل بها، حيث قامت برصد تمركزات العدو على طريق رحلتها من العريش للقاهرة مروراً بمدن السويس وأبو زنيمة بجنوب سيناء والجفجافة بوسط سيناء والعريش والشيخ زويد بشمال سيناء.

حكاية أم داوود 

وكانت «فرحانة» تعمل في شبابها كتاجرة للقماش، حيث كانت هذه المهنة بمثابة غطاء قوي لمهمتها الأساسية المتمثلة في جمع المعلومات عن العدو الإسرائيلي في عمق سيناء، وسهل ذلك سفرها بتصريح من الصليب الأحمر من سيناء الواقعة تحت الاحتلال وتعبر غرب القناة .

وقال «عبد المنعم» الابن الأصغر للحاجة فرحانة، إن البدايات بعد نكسة عام 1967، حيث اضطرت أم داود وعائلتها للهجرة من سيناء، مصطحبة معها ست عائلات أخرى، إلى منطقة سمالوط بالمنيا، ثم إلى مديرية التحرير بمحافظة البحيرة. ولكن، لم تستسلم لواقع اللجوء؛ بل قررت، بدافع حبها العميق للوطن، الانخراط فى خدمة بلدها، لتكون إحدى السيدات السيناويات اللاتى شاركن فى النضال الوطنى ضد الاحتلال الإسرائيلى.

رصد تحركات العدو 

وطلبت «أم داود» نسبة لابنها الأكبر، من أحد مشايخ سيناء التوسط لها للعمل مع المخابرات المصرية. ولأنها تعمل فى تجارة الأقمشة والملبوسات، كانت تتنقل بين القاهرة وسيناء، متخذة من ذلك ستارًا لنقل المعلومات عن تمركزات العدو وتحركاته فى سيناء. تمكنت رغم عدم إجادتها للقراءة والكتابة من تسجيل ورصد تفاصيل مهمة، حيث كانت تحفظ الرموز على سيارات العدو وترسمها على الرمال حتى تسلمها لضباط المخابرات.

ومن خلال رحلاتها التجارية، مرت أم داود على العديد من النقاط الاستراتيجية فى سيناء، وسجلت بذاكرتها ما شاهدته من تحركات وأعداد الجنود والدبابات، مما كان له أثر كبير فى نقل معلومات دقيقة للمخابرات الحربية المصرية.

فى إحدى المهام، تم تكليفها بنقل خرائط ومعلومات سرية من سيناء إلى القاهرة، حيث كانت تقيم عند المجاهد اشتيوى الحبانين بوسط العريش وتستلم منه المعلومات. ومن خلال طرق وعرة وخطرة، كانت أم داود تقطع مسافات طويلة سيرًا على الأقدام، تسترشد بالنجوم حتى تصل إلى النقاط المتفق عليها، مثل منطقة الدهيشة والقصب والهبش، حيث تنتقل بعد ذلك عبر وسائل نقل مختلفة.

رسائل مشفرة 

وفى حادثة أخرى، تلقت خريطة لمطار الجورة فى الشيخ زويد، وأخفتها داخل ثوبها بعد خياطتها، ثم تمكنت من إيصالها إلى القاهرة بنجاح. لم تكتفِ أم داود بنقل الخرائط فحسب؛ بل حملت أيضًا أسلحة وصورًا فوتوغرافية لمستعمرات إسرائيلية فى الشيخ زويد، بفضل جسارتها وتخفيها الذكى.

فى إحدى المرات، أوقفتها نقطة تفتيش مصرية عند القنطرة، حيث تم العثور على فيلم مخبأ فى "الصوفية" وهى الحزام الذى تلف بها وسطها وعند اكتشافه، قام الضابط المصرى بتكريمها ومنحها وجبة تكريمية، قبل نقلها إلى القاهرة لاستكمال المهمة. كانت أم داود تُرسل رسائل مشفرة عبر الإذاعة إلى المجاهدين فى سيناء؛ عند نجاح مهمتها كانت تبعث سلامها عبر الراديو، مما جعل المجاهدين يحتفلون ويوزعون الحلوى فرحًا بنجاح العملية.

لم تتوقف عن النضال حتى حينما سقطت فى قبضة المخابرات الإسرائيلية؛ حيث تظاهرت بالموافقة على التعاون معهم وطلبوا منها تجنيد أشخاص بالقاهرة، لتعود وتبلغ المخابرات المصرية بالتفاصيل، وتحافظ على سرية مهامها حتى عادت إلى سيناء فى الثمانينات بعد تحريرها.

شخصية مُلهمة 

بعد سنوات من النضال، تظل أم داود رمزًا للإنسانية والتواضع وفى مبادرة كريمة، تبرعت بخاتمها الذهبى الوحيد لصالح بناء مستشفى حياة للأورام بسيناء. كما تعتبر ملهمة للعديد من الشخصيات السيناوية، حيث يزورها الإعلاميون ورواد العمل المدنى طلبًا لنصائحها وحكمتها الحياتية، مما جعلها شخصية محبوبة ومحترمة فى المجتمع.

حصلت أم داود على تكريمات عدة؛ أبرزها من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى عام 2021، خلال تكريم الأمهات المثاليات. كما نالت تكريمات من المجلس القومى للمرأة، وتكريم من مؤسسة حياة للتنمية، ومن إذاعة شمال سيناء، ومن حزب حماة الوطن. وفى إحدى اللقاءات، أهدت للرئيس عبد الفتاح السيسى قطعة من التراث السيناوى تقديرًا لجهوده تجاه الوطن.

توجيه رئاسي 

كان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد وجه بإنشاء حى باسم «الحاجة فرحانة» في سيناء ومحور بالقاهرة، وآخر فى القاهرة تقديرًا لمجهوداتها، وذلك خلال كلمته باحتفالية اتحاد القبائل العربية والعائلات المصرية.

جاء ذلك خلال احتفالية اتحاد القبائل العربية والعائلات المصرية، التي شهدها الرئيس السيسي، أمس السبت، بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر باستاد العاصمة الإدارية الجديدة.

تم نسخ الرابط