فى عيد الطبيب المصرى
رحلة حكماء مصر من مدرسة واحدة للطب بأبى زعبل إلى 73 كلية
فى مثل هذا اليوم من كل عام تحتفل نقابة الاطباء بعيد الطبيب المصرى، حيث اختار حكماء مصر يوم 18 مارس، الذى يوافق يوم إنشاء مدرسة الطب بقصر العينى عام 1828 ليكون عيدا للطبيب.
بدأت رحلة حكماء مصر، حيث كان يطلق على الطبيب "الحكيم"، بمدرسة وحيدة للطب قبل نحو قرنين من الزمان، واليوم أصبح هناك 73 كلية حكومية وخاصة لتدريس الطب البشرى وطب الأسنان فى مصر، يتخرج فيها سنويا الآف الأطباء.
وتعود ذكرى يوم الطبيب المصرى إلى تاريخ 18 مارس 1827، يوم افتتاح أول مدرسة للطب بأبو زعبل منذ 197 سنة، وتم نقل مدرسة الطب لقصر العينى باشا فى سنة 1837 وهى أول مدرسة للطب فى مصر وفى الشرق الأوسط وفى أفريقيا، حيث عهد محمد على باشا الكبير إلى الطبيب الفرنسى أنطوان كلوت بك، بإنشاء المستشفى العسكرى الكبير ومدرسة الطب فى أبى زعبل عام 1826، ولم تكن مصر تعرف وقتها الطبيب المؤهل وإنما كان المجتمع يعتمد على الطب الشعبى والتداوى بالأعشاب والوصفات .
وانتقل المستشفى إلى قصر أحمد العينى فى عام1837، وخلال عشر سنوات تخرج فى مدرسة الطب 420 طبيبا وبعد ثمانية عشر عاما كان عدد الخريجين 1500 طبيب، ترجموا ما يزيد على الثمانين كتابا، وطبع من كل كتاب ألف نسخة فى مطابع بولاق، وأرسلت نسخ من هذه الكتب إلى اسطنبول والجزائر ومراكش وتونس وسوريا والعراق وإيران .
انضمت مدرسة الطب لتعليم حكماء مصر إلى الجامعة المصرية "جامعة فؤاد الاول" في1925، ووافق البرلمان فى 1928 على ميزانية إنشاء مستشفى فؤاد الأول وهى مستشفى المنيل الجامعى الآن، وسميت المدرسة كلية طب قصر العينى، وفى عام 1929 انتخب مجلس الكلية بالإجماع على بك إبراهيم كأول عميد مصرى للكلية، بينما أنشئت كلية طب الاسكندرية عام 1940، ثم افتتحت كلية طب العباسية عام 1947 والتى أصبحت تابعة لجامعة عين شمس عام 1950.
وتوالت التوسعات لإنشاء الجامعات وكليات الطب فى مختلف المحافظات تدريجيا، حتى وصلت اليوم إلى 25 كلية حكومية و11 كلية خاصة للطب البشرى، و18 كلية حكومية و19 كلية خاصة لطب الأسنان، يتخرج فيها الألاف من حكماء مصرلا سنويا.
مدرسة الطب بأبى زعبل
كانت مدرسة الطب بأبي زعبل هى أول مدرسة للطب الحديث في الشرق الأوسط وأفريقيا، أسسها محمد علي باشا في أبي زعبل سنة 1827، وكانت النواة الأولى لتخريج حكماء مصر، وقد بنيت المدرسة والمستشفى على مساحة كبيرة من الأرض وأحيط بها سور ضخم سميك من الحجارة وأحاطتها مساحات واسعة من الأرض المزروعة ومجاري المياه العذبة، ما يدل على حسن اختيار المكان إلا أنه كان بعيدا عن قلب القاهرة.
بينما كان أول ناظر للمدرسة هو الطبيب الفرنسي العالم أنطوان كلوت، أو "كلوت بك" كما اشتهر بعد ذلك بين المصريين.
احتوت المدرسة على عدة أقسام علمية طبية منها الفيزياء، الكيمياء، النبات، التشريح، الفسيولوجيا، علم الصحة، السموم، المفردات الطبية، التشخيص المرضي الداخلي والخارجي، وهى العلوم المساعدة لعلم الطب، وقد توسعت المدرسة فيما بعد لتضم مدرسة للصيدلة سنة 1830 ومدرسة للقابلات سنة 1831، ثم انتقلت مدرسة الطب البيطري إلى مدينة العباسية، وانتخبت هيئة التدريس من عشرين أستاذ من الفرنسيين والإسبانيين والطليان.
أما الكتب المدرسية فَقد كانت كلها باللغة الفرنسية، وقد كان من رأي كلوت بك أن التعليم ينبغي أن يكون بالعربية، لأن التعليم بلغة أجنبية - على حد قوله - لا تحصل منه الفائدة المنشودة، كما لا ينتج عنه توطين العلم أو تعميم نفعه، وكانت المشكلة الأولى هي الترجمة إِلَى العربية.
ولم يجدوا مصريًا يتقن لغة أوربية إلا رجلًا من آل عنحوري وهو سوري يعرف الإيطالية فقط، فترجموا له الكتب الفرنسية إلى الإيطالية أولًا، ثم ترجمها هو من الإيطالية إِلَى لغة عربية ركيكة، وتم تكليف عالم من الأزهر هو الشيخ محمد الهوارى، يعاونه آخرون بإعادة صياغتها.
كان عدد الكتب المترجمة اثنين وخمسين كتابًا، ومن بين هذه الكتب، صنف كلوت بك كتاب القول الصريح في علم التشريح، طبع سنة 1872 ، وكتاب مبلغ البراح في علم الجراح ترجمهما العنحوري وكتاب نبذة عن التشريح والذى ترجمه النبراوي وطبع سنة 1876.