73 عاما من الفشل
مفاوضات أمريكية إيرانية فى مسقط للهروب من شبح الحرب الإقليمية

تتجه الولايات المتحدة وإيران إلى مفاوضات لمدة شهرين، بالعاصمة العمانية مسقط، تستهدف الهروب من شبح الحرب الإقليمية المرتقبة، والتوصل إلى اتفاق نووي جديد يتضمن بعض الامتيازات التجارية لأمريكا، ويضمن لطهران رفع العقوبات الاقتصادية.
وتعتبر هذه المفاوضات، أول محادثات مباشرة بين البلدين منذ عام 2015، عندما وقعا اتفاقا نوويا تاريخيا في عهد الرئيس باراك أوباما، والذي انسحب منه ترامب بعد 3 سنوات.
ويتوقع مراقبون أن تبدأ المفاوضات الامريكية الايرانية غير مباشرة لتتحول بهد ذلك إلى مباشرة، تتركز على البرنامج النووي الإيراني ورفع بعض العقوبات وإلغاء تجميد بعض الأموال.
وبات واضحا أن استدعاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للبيت الأبيض لإبلاغه بقرار دونالد ترامب بالتفاوض مع إيران، وبالتالي فإن أي عمل عسكري ضد طهران يعتبر مؤجلا.
وتضمن هذه المفاوضات لطهران فرصة لتفادي الهجوم على منشأتها، وهو ما يجعلها حريصة على نجاح المفاوضات التي سيخوضها وزير خارجيتها عباس عراقجي مع مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويكوف، بوساطة من وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، لكنها ستكون مفاوضات صعبة نظرا إلى مطالب الحد الأقصى الأمريكية.
73 عام من المفاوضات
وتؤكد معظم المصادر التاريخية أن تاريخ المفاوضات الأمريكية الإيرانية ملىء بالفشل من قبل الثورة الإسلامية عام 1979، عندما توجهت حكومة محمد مصدق عام 1953 نحو أميركا لملء فراغ انسحاب شركة النفط البريطانية بعد تأميم النفط الإيراني، ورغم أن الولايات المتحدة وافقت على ذلك، لكن الانقلاب على حكومة مصدق كان أكثر نفعاً لهم من العلاقة معها.
وفي عهد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يعود التواصل الأميركي مع إيران حيث جاء الأميركيون إلى إيران وعرضوا وثائق على الحكومة أظهرت نية الرئيس العراقي صدام حسين بالتخطيط لهجوم على إيران، ورغم ذلك سيطر الثوار الإيرانيون على السفارة الأميركية واحتلوها ثم أجريت جولة مفاوضات مباشرة مع أميركا في الجزائر توّجت باتفاق للإفراج عن الرهائن الأميركيين البالغ عددهم 52 في السفارة عام 1981.
ثم توصل الأميركيون لاتفاق مع إيران لتزويدها بالسلاح عبر مفاوضات خلال الحرب الإيرانية العراقية، أواسط الثمانينيات من القرن الماضي، قبل أن تتحول الحرب إلى حرب استنزاف وتغير أمريكا موقفها بالتوقف عن دعم طهران.
وفي تسعينيات القرن الماضي شهدت محاولتَين لبدء مفاوضات إيرانية أميركية، لكنّهما فشلتا في تحقيق نتائج ، فضلاً عن مباحثات أيام حكومة الرئيس محمد خاتمي عام 2005 اقتصرت على نواب إيرانيين وأميركيين، لإزالة التوتر.
وجرت جولات تفاوضية بين إيران والولايات المتحدة بشأن أفغانستان والعراق بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 توصلت إلى اتفاقيات أبعدت شبح الحرب عن إيران وقتها.
مفاوضات نووية مباشرة
ووفقا لوزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، جرت ثلاث جولات من التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن العراق، جولتان قبل الحرب الأميركية عليها عام 2003، وجولة واحدة بعد الحرب.
كان الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يرغب بإنهاء القطيعة مع واشنطن وتسجيل هذا الإنجاز باسمه، لكنّه لم يفلح، حيث أجري مفاوضات مباشرة سرية بدأت عام 2012 في سلطنة عُمان، ثم استمرت هذه المفاوضات مع وصول حسن روحاني إلى السلطة التنفيذية عام 2013 وتوجت لاحقاً عام 2015 بالاتفاق النووي.
ولأول مرة منذ 1979، جرت مكالمة هاتفية بين رئيس أميركي ونظيره الإيراني، لينكسر المزيد من الحواجز بين البلدَين، إذ أجرى الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما اتصالاً هاتفياً مع نظيره الإيراني حسن روحاني عام 2013 أثناء توجه الأخير إلى مطار نيويورك للعودة إلى طهران بعد مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فضلاً عن جولات عديدة من المفاوضات المباشرة بين وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، وأدت تلك المفاوضات إلى إبرام الاتفاق النووي عام 2015 وهو الاتفاق الذى نقضه ترامب فيما بعد.