أبي أحمد مندفع وسياسته غير ثابتة
بعد مصالحة الصومال وإثيوبيا بوساطة تركيا.. خبير: لن تؤثر على وجود القوات المصرية
بعدما شهدت العاصمة أنقرة قمة بين تركيا والصومال وإثيوبيا، والتي توجت بمصالحة بين مقديشو وأديس أبابا بوساطة من إردوغان، دارت التساؤلات حول تأثير ذلك على المصالح المصرية، خاصة في ظل النفوذ التركي المتزايد في منطقة القرن الإفريقي، ومدى تأثيره على التحالف بين القاهرة ومقديشو.
وشهدت منطقة القرن الإفريقي توترا شديدا بسبب الاتفاقية التي وقعتها إثيوبيا مع ما يسمى بإقليم أرض الصومال الانفصالي يوم 1 من يناير 2024، والتي أعطت لديس أبابا موطئ قدم لاستخدام السواحل الصومالية على خليج عدن لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل اعتراف أثيوبي بالإقليم كدولة مستقلة، وهو ما اعترضت عليه مقديشو بشدة.
وجاءت هذه القمة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، ضمن المحاولات التركية المستمرة لتعزيز وجودها في القارة السمراء، وبشكل خاص في منطقة القرن الإفريقي، والتي تعززت بالاتفاقية التي وقعها عبد القادر محمد نور، وزير الدفاع الصومالي، مع نظيره التركي يشار جولر، في فبراير 2024، والتي نصت على تعزيز التعاون الدفاعي والاقتصادي بين مقديشو وأنقرة، وإجراء البلدين تدريبات عسكرية مشتركة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
كما منحت الاتفاقية لتركيا حق التدخل لحماية السواحل الصومالية، الممتدة لمسافة 3 آلاف كيلومتر من كينيا إلى جيبوتي، من خلال السفن الحربية والقوات التي ترسلها تركيا، وهو ما منح أنقرة وجودا يمتدا لعشر سنوات على الأقل في منطقة القرن الإفريقي.
قمة تركيا والصومال وإثيوبيا
وجاءت القمة الثلاثية بين تركيا والصومال وإثيوبيا في أنقرة، بعدما عززت مصر من علاقاتها ووجودها في القرن الإفريقي أيضا، من خلال توقيع بروتوكول تعاون عسكري مع مقديشيو مع تزويد الصوماليين بالأسلحة والمعدات العسكرية، في الوقت الذي تشهد العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا توترا شديدا بسبب التعنت الإثيوبي في ملف سد النهضة وحقوق مصر في نهر النيل.
وضمن التنسيق المستمر بين القاهرة ومقديشو، تلقى الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة، اتصالا هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي، حيث أطلع فيه الجانب الصومالي، القاهرة، على نتائج قمة أنقرة الثلاثية مع تركيا وإثيوبيا.
وخلال الاتصال، أكد وزير خارجية الصومال تمسك مقديشو باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما شدد عليه "عبد العاطي"، والذي أكد دعم مصر الكامل لحكومة مقديشو الفيدرالية وفى مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار.
كما اتفقت القاهرة ومقديشو على التحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثى بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا، والذي يأتي بهدف دعم التنسيق والتشاور حول القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
المصالحة الصومالية الإثيوبية
وقال الخبير العسكري والإستراتيجي، اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير، المستشار في كلية القادة والأركان، إن إثيوبيا وافقت على المصالحة مع الصومال، بعد خوفها من خسارتها للاتفاقية التي وقعتها مع إقليم أرض الصومال، والتي منحتها حق الوصول إلى ميناء على البحر الأحمر مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم الانفصالي المسمى بـ صومالي لاند.
ولفت إلى أن المخاوف الإثيوبية من خسارة الاتفاقية، جاءت بعد انتصار المعارض عبد الرحمن محمد عبد الله الشهير بـ عبد الرحمن عرو، في انتخابات رئاسة الإقليم، على موسى نيهي عبدي، وهو الذي وقع الاتفاقية مع أديس أبابا، وهو ما دفع أديس أبابا إلى محالة التواصل مع الحكومة الفيدرالية في مقديشو، واستغلال الوساطة التركية، كي لا يخسر أبي أحمد جميع الأوراق.
وأكد المستشار في كلية القادة والأركان، أن آبي أحمد يعرف عنه اندفاعه في السياسات سواء الداخلية أو الخارجية، غير محسوبة العواقب، ولذلك فهو دائما ما يغير بوصلته بحثا عن مكاسب جديدة، أو الحفاظ على مكاسب سابقة، ولذلك فقد رحب بالمصالحة مع مقديشو بالوساطة التركية، بحثا عن موطئ قدم مستقر على البحر الأحمر لدولته الحبيسة.
أما عن الصومال، فالمصالحة مع إثيوبيا تصب في صالحها، خاصة إذا ادت غلى تراجع أديس أبابا عن إثيوبيا عن اعترافها بما يسمى دولة أرض الصومال، كما يخفف التوتر في منقطة القرن الإفريقي، والذي يحقق مصالح جميع الأطراف.
وبالنسبة لمصر، فيرى الخبير العسكري والاستراتيجي، أن المصالحة لن تؤثر على وجود القوات المصرية ضمن بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصومال، كما لن تؤثر على التحالف بين القاهرة ومقديشو، خاصة وان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، دائما ما يشدد على أهمية الدور المصري والتحالف مع القاهرة، كما أن السياسات الإثيوبية دائما ما تتغير بسبب تهور أبي أحمد واندفاعه في اتخاذ القرارات.