و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

تتذكرون فيلم طاقية الإخفى؟ 
الفيلم الذي تضمن أجمل وأشهر أفيه في السينما..
عندما سأل الجواهرجري البلطجي وجسده الممثل الرائع توفيق الدقن: العلبة دي فيها أيه؟ 
ليرد عليه الصحفي ضعيف المهنة والشخصية الممثل الكوميدي البديع عبد المنعم مدبولي بناءً على توجيهات الجواهرجي البلطجي: فيها فيل.. فيها فيل..
ومع تطور أحداث الفيلم يعثر الصحفي على طاقية الإخفى التي تمكنه من اختراق الجدران والأبواب والجلوس أسفل موائد الاجتماعات ليحصل على الأخبار والإنفرادات الصحفية. 
وفي الوقت الراهن ومن بين إنجازات طوفان الأقصى المصدر المتخفي الذي لا يلتقي غير صحفي طاقية الاخفاء.. على لسانه ترفض وتتفق وتهدد وتختلف الدول.
 

وأصبح السؤال العلبة فيها أيه؟
 

فيها مصدر رفيع المستوى يقول.. ومصدر مسؤول يؤكد.. ومصادر قريبة الصلة تكشف الأسرار.. وأخر مطلع على بواطن الأمور. 
السؤال: من ذلك المصدر المتخفي الذي يقول ويؤكد ويكشف المعلومات السرية والمستورة، ويكشف عورات المباحثات والاتصالات الهاتفية والرسائل السرية للغاية؟ لقد بات المصدر المتخفي مهم جدا للإعلام ومصدر في غاية الروعة والأهمية للمعلومات؟ 


قديما كان مصطلح المصدر يشكك في مصداقية الخبر، وغالبا ما يتم تجاهله لكونه مجهول الهوية.. وكان يفضل استخدام المعلومات دون التطرق للمصدر طالما هي مؤكدة وترفض المصادر نسبها حتى لا يتعرضون للمشاكل والمضايقات. ولا نستخدم كلمة مصادر قدر المستطاع حتى لا يفقد الخبر قيمته.
الآن أغلب القنوات الإخبارية عواجلها ومعظم أخبارها منسوبة للمجهول حتى باتت القنوات الإخبارية عواصم ومدن للمصدر رفيع المستوى.. وأيضا توجد صحف تقيم تقاريرها وانفراداتها الصحفية على مصدرين وأحيانا ثلاثة من نوعية قريب الصلة أو مطلع. 
وهنا تحضر واقعة حدثت في إسرائيل وفي خضم الصراع السياسي الداخلي ووصول رئيس الوزراء لسدة نهايته السياسية وأمام حالة الغضب العارمة ضده بسبب رفضه عقد صفقة مع الفصائل الفلسطينية لإطلاق سراح الرهائن انقلبت عليه بعض الصحف والقنوات الإخبارية كاشفة عن شخصية المصدر المتخفي بأنه النتن ياهو بذاته وأحيانا مكتبه.. وأصبح أي خبر يخرج من إعلام الكيان الصهيوني للمصدر المتخفي يقول المتلقي أنه النتن ياهو، وباتت أخبار المصدر المتخفي تفهم على أنها رسائل من النتن ياهو. 
وعلى موضة المصدر المخفي نشر موقع (CNN) الإخباري تقريرا منذ فترة ليست بالبعيدة أتهم القاهرة بعرقلة عملية السلام بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني ونسب المعلومات والوقائع لثلاثة مصادر مجهلة، مصدر مطلع وأخر قريب الصلة ورسمي.. ليرد عليها رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان متسائلا من هي هذه المصادر.. وتحدى رشوان وقتها لو كان بالإمكان نسب ما نشر لمصادر أمريكية أو إسرائيلية.. 
 

 مصدر الفتن الرياضي
 

أما في عالم الرياضة فالمصدر مفتوح على البحري تجد مثلا عروض بملايين الجنيهات وصفقات ولاعبين رحلوا عن أنديتهم.. وفي نهاية المطاف لا يتم شيء.. ومعارك بين إدارات الأندية وأخرى داخل الاتحادات الرياضية خاصة اتحاد كرة القدم اللعبة الأكثر شعبية حتى ألتراس الأندية لم يسلم من تلك المصادر. 


ووصل الأمر لكثير من مقدمي ومعلقي البرامج الرياضية القول بأن مصادر بالنادي الفلاني قالت له وأكدت له وكشفت له.. ناهيك عن الفتن التي نشأت في المجتمع الرياضي المصري في الأونة الأخيرة.  
وقد أدى ذلك لفقدان الخبر هيبته. بسبب الصحافيين والمحللين والمعلقين ومقدمي البرامج ليس من خلال برامجهم فقط، وأيضاً قنواتهم الشخصية المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يسعى من خلالها ركوب حصان التريند.. ناهيك عن مواقع تكتب عنوانا مثيراً وعند القراءة لا تجد العنوان.. لقد فقد الخبر الرياضي هيبته ومصداقيته لأن المشجعين والمتابعين يكتشفون في معظم الأحيان عدم صدق ما قيل.. 
وفي النهاية أجمل التهاني للمصدر رفيع المستوى وربما في توالي الأيام يسمن من كثرة أخباره، ويصبح لدينا مزرعة فيها كل صنوف المصادر التي تمكنا من معرفة مالم يمكن قوله على لسان مسؤول ويخبرنا بالمستخفي.
وشكراً.. ألف شكر للسيد عصفور (هذا أسم الصحفي في الفيلم) ذلك الصحفي الشاطر الذي تمكن من خلال طاقية الإخفى أن يتسلل لقاعات الاجتماعات السرية، ويجلس القرفصاء أسفل موائد المباحثات وربما جلسة الأرنب وأحياناً يكون كالفأر خلف المقاعد ليأتينا بالمستخفي.
عصفور يطير فوق المدن والعواصم متسائلا: العلبة فيها أيه؟ 
والقارئ يرد: فيها مصدر.. فيها مصدر.. وفيتامين من المعلومات.

تم نسخ الرابط