لتوحيد الموقف الإسلامي
الأمام الأكبر سفيرا للقضية الفلسطينية في جولة أسيوية لوقف العدوان علي غزة
انتهت الخميس، جولة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، لـ 3 دول بجنوب شرق آسيا، تضم ماليزيا وتايلاند وإندونيسيا.
الجولة التى استغرقت 10 أيام، بدأت الإثنين الأول من يوليو، حيث غادر الدكتور أحمد الطيب، القاهرة متوجهًا إلى العاصمة الماليزية كوالالمبور، بناءً على عدد من الدعوات الرسمية التي قدمتها الدول الثلاثة؛ حيث التقي شيخ الأزهر كبار المسئولين، لتعزيز الموقف الإسلامي الموحد فيما يتعلق بمواجهة العدوان على غزة والمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني.
وشدد شيخ الأزهر في كل عاصمة حل بها، علي ضرورة حشد الجهود الدولية من أجل الوقف الفوري للعدوان على غزة، وتسيير دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع المعزول، وتوفير كل أوجه الدعم من أجل وقف شلالات الدماء التي تُسالُ لأكثر من ثمانية أشهر دون رادع دولي أو قانوني، أو إنساني أو أخلاقي.
البداية من كوالالمبور
استقبل ملك ماليزيا إبراهيم بن السلطان إسكندر، الإمام الأكبر شيخ الأزهر ، في القصر الملكي بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، لمناقشة سبل استفادة ماليزيا من خبرات الأزهر في مكافحة التطرف.
وأكد ملك ماليزيا ثقة الماليزيين في الأزهر الشريف، وهو ما يدفع الكثير من العائلات الماليزية إلى إيفاد أبنائهم لتلقي العلوم الشرعية في الأزهر. وقال: لقد تشرفت بزيارة الأزهر ثلاث مرات، ولدينا 700 طالب من ولاية جوهور التي أنتمي إليها، وهم محظوظون بالدراسة في الأزهر الآن، ونشجع المزيد منهم لتلقي تعليمهم في الأزهر؛ حيث وجدنا فارقا كبيرًا في طريقة التفكير والسلوك والتأثير في المجتمع بين خريجينا الذين تلقوا تعليمهم من الأزهر وبين أقرانهم ممن تلقَّوا تعليمهم من أماكن أخرى.
وطلب ملك ماليزيا من شيخ الأزهر زيادة أعداد المبعوثين الأزهريين في مختلف الولايات الماليزية، وإتاحة المزيد من الفرص التعليمية لأبناء ماليزيا للالتحاق بجامعة الأزهر، والاستفادة من خبراتها الكبيرة في مجالات مكافحة التطرف والتشدد، من خلال عقد مؤتمر حواري في ماليزيا يشارك فيه علماء الأزهر لبيان المنهج الإسلامي الصحيح للشباب في مختلف القضايا المعاصرة، وبخاصة قضايا التعايش ونبذ التعصب والكراهية.
وأكد الطيب استعداد الأزهر لزيادة أعداد المبعوثين الأزهريين الموفدين إلى ماليزيا، وزيادة المنح الدراسية لأبناء ماليزيا للالتحاق بجامعة الأزهر، واستقبال أئمة ماليزيا وتدريبهم في أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ.
وأكد الإمام الأكبر أن الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين يُولِي أهمية كبيرة لتوحيد صف الأمة الإسلامية وتعزيز الحوار الإسلامي، بالإضافة إلى تفعيل دور قادة الأديان ورموزها في مواجهة التحديات الإنسانية المعاصرة مثل قضايا تغير المناخ والفقر وتحديات التنمية.
ومن داخل جامعة العلوم الإسلامية بماليزيا وجه الإمام الأكبر رسالته الاهم، مؤكدا أن مأساة شعب فلسطين، هي مأساة العرب والمسلمين والعالم الحر، وهي جريمة إبادة جماعية تجاوزت بشاعتها كل الحدود.
استقبال مهيب في أندونيسيا
الاستقبال الحافل لشيخ الأزهر بالدول الثلاث كان لافتا، حيث قطع الملك إبراهيم بن السلطان إسكندر، ملك ماليزيا، جولته إلى ولاية جوهور، الماليزية، لاستقبال الدكتور أحمد الطيب فى القصر الملكى بالعاصمة كوالالمبور
وفي أندونيسيا كان استقبال شيخ الأزهر مهيبا في العاصمة الإندونيسية، جاكارتا، بحسب وصف الصحف العالمية، وحرص الرئيس الإندونيسي الجنرال برابوو سوبيانتو، علي استقبال الإمام الأكبر بمراسم رسمية.
وشدد شيخ الأزهر ضرورة حشد الجهود الدوليَّة من أجل الوقف الفوري للعدوان على غزة، وتسيير دخول المساعدات الإنسانيَّة والإغاثية إلى القطاع المعزول، وتوفير كل أوجه الدعم اللَّازم من أجل وقف شلالات الدماء التي تُسالُ لأكثر من ثمانية أشهر دون رادعٍ دولي أو قانوني، أو إنساني أو أخلاقي، معربًا فضيلته عن تقدير الأزهر للموقف الإندونيسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، وبخاصة منذ بدء العدوان على غزة، ومد يد العون لإخواننا في غزة من خلال تجهيز القوافل الإغاثية وتسييرها بالتعاون مع الأزهر".
أكد شيخ الأزهر ضرورة أن يكون هناك موقف سياسي وديني موحد تجاه ما يحدث من الانتهاكات غير الإنسانية في قطاع غزة؛ بحيث يقوم صناع القرار السياسي بدورهم وواجباتهم في حشد الرأي العام السياسي عالميا، واستخدام أدوات السياسة والقانون جنبًا إلى جنبٍ مع قيام علماء الدين بدورهم في التعريف بما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مجازر ومحارق يومية من خلال تواجدهم في المؤتمرات والمناسبات والقمم الدينية.
واتفق شيخ الأزهر والرئيس الإندونيسي على إطلاق دعوة عالمية للمطالبة بوقف العدوان على غزة، وحث كل الأطراف المعنية بتغليب مصلحة الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، والاستمرار في اتخاذ كافة التدابير القانونية والدولية من أجل إيجاد حل قاطعٍ لوقف الانتهاكات وضمان عدم تكرارها في المستقبل والإسراع في حل الدولتين.
القصر الملكي في بانكوك
كما حظي الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف باستقبال مهيب في تايلاند، حيث استقبله ملك البلاد فاجيرالونجكورن، في القصر الملكي بالعاصمة بانكوك، بحضور الملكة سوثيدا.
ورحب ملك تايلاند بفضيلة الإمام الأكبر، معربًا عن سعادته بهذه الزيارة الكريمة لشيخ الأزهر، مشيدًا بجهود الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين في نشر وتعزيز قيم الحوار والسلام والتسامح والتعايش الإنساني، مؤكدا أن الأزهر يحظى بتقدير كبير من الشعب التايلاندي الذي يعيش في تناغم ووئام
وأعرب الملك عن حرص بلاده لرفع مستوى التعاون والعلاقات مع الأزهر الشريف؛ من خلال زيادة أعداد الطلاب الوافدين والمبتعثين الأزهريين، والتوسع في اعتماد المعاهد الدينية التي تقوم بتدريس المنهج الأزهري، والتنسيق بين مؤسسة الأزهر والمراكز الإسلامية في تايلاند، مشيرًا إلى أن الأزهر لا يمثل مرجعية لمسلمي تايلاند فحسب، وإنما هو منارة علمية عالمية لنشر الفكر الوسطي المستنير.
وأوضح أن هناك اهتمامًا كبيرًا من كل العائلات المسلمة في تايلاند لإرسال أبنائها للدراسة في الأزهر الشريف؛ إذ يحظى خريجو الأزهر في تايلاند بمكانة كبيرة في المجتمع.
وأعرب شيخ الأزهر عن سعادته بزيارة تايلاند وتقديره لحفاوة الاستقبال، مؤكدًا أن طلاب تايلاند الوافدين للدراسة في الأزهر يضربون المثل في الالتزام بالأخلاق والجد في تحصيل العلوم، وكانت لهم مشاركات اجتماعية متميزة في مختلف كليات جامعة الأزهر.
وبين أن الأزهر لا يقوم بتخريج الطلاب فحسب، وإنما يحرص على تعزيز التواصل مع خريجيه في مختلف أنحاء العالم ليكونوا سفراء للسلام والتسامح والتعايش والأخوة الإنسانية.
حصيرة الإمام الأكبر
وأكد الإمام الأكبر استعداد الأزهر لإنشاء مراكز لتعليم اللغة العربية في تايلاند؛ خدمةً للمسلمين لتعلم لغة القرآن، وتكثيف دورات تدريب الأئمة التايلانديين في أكاديمية الأزهر، وزيادة المنح الدراسية المقدمة لأبناء المسلمين في تايلاند لاستكمال دراستهم في الأزهر، وزيادة عدد المبعوثين بما يلبي احتياجات المجتمع التايلاندي
وتداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للإمام الأكبر، تحدث خلاله عن أمنية تمناها طوال حياته، وذلك خلال زيارته لشرق آسيا الأسبوع الماضي.
وقال الطيب من خلال الفيديو: أقصى أمانيَّ حتى اليوم أن أترك مكاني وأذهب لأفتح كتابا وأجلس على الحصير وأحفّظ التلاميذ القرآن الكريم، وأتمنى أن يوفقني الله لتحقيق هذه الأمنية قبل أن أموت، وأنا على استعداد لترك كرسي المشيخة مقابل تحقيق هذه الأمنية.
جاء مقطع الفيديو للقاء علمي عقده شيخ الأزهر بمركز دراسات القرآن الكريم في جاكرتا بإندونسيا.