بدأت فكرة مؤلَّف: حوسبة اللغات والإنسانيات في عام 2015م ؛ لتعالج مشكلة تأخر العلوم الإنسانية واللغات مقارنة بالعلوم الطبيعية، وخصوصًا ما يتعلق بالانصهار والاندماج مع مستجدات العصر من تكنولوجيا وثورة رقمـية كاسحة، حيث توقفت دراسة اللغات والإنسانيات، وكذلك البحث فيها عند الوصف وسرد المعلومات التي لا تتناسب مع ماهية العصر الذي يتوقف في تعامله مع الإنسان مع مستوياته العليا من الإبداع، منطلقا في هذه النظرة من أنَّ التقدم في العلوم الطبيعية راجعٌ إلى دمجها بالتكنولوجيا لا إلي ماهيتها، لتتجسد أزمة اللغات والإنسانيات في أسوارها العالية بعيدًا عن مستجدات العصر.
جاء هذا الكتاب بطبعاته المتعددة المنقحة على مدار 9 سنوات ليقدم تصورًا جديدًا لمعالجة اللغات والإنسانيات وضرورة صهرها ودمجها مع مستجدات الذكاء الاصطناعي؛ ليخرج دور الباحثين والدارسين عن مجرد التذكر والسرد إلى مستوى إبداعي نابع من دمج اللغات والإنسانيات مع الحوسبة والبرمجة، فتكون المحصلة الكثير من البرامج التطبيقية التي تخدم البشرية والعالم كله، هذه البرامج لن تكون إلا بتقديم اللغات والإنسانيات في صورة جديدة صالحة للتعامل التقني والذكاء الاصطناعي ، لا بصورتها القديمة المطروحة في المؤلفات والمناهج التي تدرس الآن في الجامعات والمعاهد التعليمية والبحثية، وهذا يجب أن يكون دور الدراسات والأبحاث المستقبلية المتخصصة في هذه الحقول المعرفية، سيكون دورها إنتاجيا استثماريا مرتبطا بسوق العمل المحلي والدولي والعالمي، وهو ما أشار إليه فخامة رئيس جمهورية مصر العربية، الرئيس عبد الفتاح السيسي.
إن نظرية الكتاب وإن ضربت أمثلة لذلك على اللغات، فتفصيلها يحتاج إلى الكثير والكثير من المصنفات والمجلدات التي تنظر وتجرب، وهذا يجب أن يكون الدور المستقبلي لكل المتخصصين والباحثين والدارسين في هذه الحقول المعرفية المهمة.
س1: هل النظرية مرتبطة بالبرمجة والذكاء والاصطناعي؟
ج: لا النظرية ليست متخصصة في البرمجة والذكاء الاصطناعي، لكنها نظرية بينية تؤهل اللغات والإنسانيات وتقدمها في صورة صالحة لعمل الذكاء الاصطناعي والبرمجة؛ حيث إن الصورة المطروحة حاليا في الكتب غير صالحة للتعامل البرمجي.
س2: هل النظرية تقوم على هدم دراسة اللغات والإنسانيات بمفردتها السابقة؟
ج2: لا طبعا، النظرية تقوم على إعادة صياغة المنتج المعرفي اللغوي والإنساني وإخراجه في شكل جديد، يمكن من خلاله تقديم الكثير من البرامج التطبيقية المطلوبة في السوق المحلي والدولي والعالمي.
س3: هل النظرية ترى بضرورة إلغاء دراسة اللغات والإنسانيات في الكليات المتخصصة مثل: كليات الآداب مثلا؟
ج3: بالطبع لا، دراسة اللغات والإنسانيات مطلوبة في كل عصر ولكل جيل، لكن هذه يجب تطوير هذه الدراسات وإعادة صياغتها بما يناسب مستجدات العصر، وهو ما ترمي إليه هذه النظرية، وتقدم تصورا كاملا ممثلا لذلك.
س4: هل هذه النظرية مقتصرة فقط على كلية الآداب، أو دراسة اللغات والإنسانيات فقط؟
ج 4: النظرية هذه تطور أي علم، وتدمجه مع مستجدات العصر ومعطيات الثورة التقنية، فيمكن تطبيقها على دراسة الآداب بجميع تخصصاتها، وكذلك اللغات والإعلام والتجارة والقانون .... .
س5: هل يمكن القول بأن هذه النظرية تشمل الكليات النظرية كلها، لتحلق بالكليات العملية؟
ج5: في الحقيقة أنا لا أؤمن بأن هناك كليات نظرية، أو علوم نظرية وأخرى عملية، لكل علم نظرياته وتطبيقاته، هل تعلم اللغة نظري، تعلم اللغة عملي، وكذلك التجارة والقانون والإنسانيات، القضية في مناهجها التي حولتها من مادة عملية تحتاج قدرات خاصة إلى مادة نظرية، نهايتها السرد والتذكر؛ لذا فهذا التوجه غير المسبوق يعمل على استثمار نظريات الإنسانيات واللغات وإعادة صياغتها في شكل عملي يصلح مع الثورة الرقمية الحالية والذكاء الاصطناعي، يمكن الاستثمار فيه ، وربطه بسوق العمل، فالاستثمار لا يكون إلا في الجوانب التطبيقية الإبداعية الجديدة، وهو ما يرمي إليه هذا التوجه الجديد.
س6: هل دراسة اللغات والإنسانيات بهذا النموذج الجديد تتوافق مع متطلبات سوق العمل المحلي والدولي والعالمي؟
ج6: بالتأكيد، صياغة اللغات والإنسانيات وفق النموذج الجديد الذي يتوافق مع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يفتح أفقا رحبا يستوعي الكثير والكثير من الأجيال، ويكون مرتبطا بحاجات سوق العمل ومتطلباته، فاللغات والإنسانيات مطلوبة في كل لحظة وفي كل مكان، وخصوصا مع الانفتاح العالمي وكسر الحواجز بين الشعوب والدول.
س7: كيف يكون هذا الاستيعاب، وكيف تتحقق مطالب سوق العمل؟
ج7: سوق العمل ، والعالم والإنسان في أي مكان متطلباته متعددة متنوعة كثيرة، تلبيها الكثير من التطبيقات الوظيفية، وحقل اللغات والإنسانيات فيه فقر شديد في التطبيقات الوظيفية نظرا لحواجزها وانعزالها فترة طويلة عن التكنولوجيا بحجة عدم توافق التكنولوجيا معها، وهو مبدأ خــطأ؛ لذا فالسوق في حاجة إلى أعداد كبيرة مؤهلة لصناعة هذه التطبيقات الوظيفية المطلوبة في جميع أنحاء العالم.
س8: هذه التطبيقات الوظيفية، المتخصصون في مجال البرمجة يقومون ببرمجتها وصناعتها، فما الفرق؟
ج8: هذا مفهوم خطـأ، كون البرمجة مقتصرة على المبرمجين أو المتخصصين في مجال لغات البرمجة والذكاء الاصطناعي، نعم هو تخصصهم، لكنهم لا يستطيعون تنفيذ أي برنامج بلا معلومات تخصصية في المجال المعرفي الذي يظهر فيه التطبيق، فمثلا: المبرمج لا يستطيع صناعة أي برنامج في لغة معينة بلا معرفة صحيحة لهذه اللغة، ومن ثم يحتاج المتخصص في هذه اللغة، المتخصص في هذه اللغة لا يستطيع أن يوفرها بشكل يصلح للتعامل التقني والبرمجة نتيجة المناهج القديمة المستخدمة في دراسته، ومن ثم يأتي دور التصور الجديد الذي من خلاله يعاد دراسة اللغات والإنسانيات، وإخراجه في شكل جديد يستطيع المبرمج بالتعاون معه برمجة الكثير من التطبيقات الوظيفية المطلوبة في سوق العمل، هذه الصورة أساسها دارس اللغات والإنسانيات، لكن بمهارات يمكن من خلالها الإبداع وصناعة البرمجيات وخدمة المجتمعات.
س9: هل التصور الجديد لتطوير هذه العلوم مكتمل، يصلح للسنوات القادمة؟
ج9: إذا أجبت بنعم، فسيكون هذا بداية الموت والتأخر، لكن الحقيقة تقول بأن هذا التصور هو نقطة تحـول فاصلة في دراسة اللغات والإنسانيات ومجالات البحث فيها، لتكون قادرة على مجاراة مستجدات التطور في السنوات القادمة، تتطور مع التطور وتستوعب كل ما هو جديد.
س10: هل في نظركم ستكون الأقسام والتخصصات بنفس الأسماء الحالية مثل: أقسام كلية الآداب الحالية مثلا؟
ج10: في الحقيقة الأقسام بأسمائها ونواتج تعلمها الحالية وأهدافها قديمة، لا تناسب الواقع ومستجداته، وفي الواقع القضية ليست في الاسم، لكن في الأهداف ونواتج التعلم ومواصفات الخريج وطبيعة المواد التعليمية المطروحة....، وتغير هذه الأمور سيغير بالتأكيد من أسماء الأقسام العلمية أو التخصصات، لأن كل تخصص سينصهر في جزء كبير منه بالذكاء الاصطناعي والثورة التقنية، وهو التوجه الصحيح من قبل الدولة المصرية وبعض الدول الشقيقة، وهو ما أشار إليه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
س11: نريد منكم كلمة أخيرة دكتورنا الكريم.
ج11: إن حوسبة العلوم الإنسانية واللغات ستفتح أفقا رحـبا، يستوعب الكثير من الأجيال الناشئة، وتكون مسارات جديدة للاستثمار المادي والعلمي بما يغير العالم والمجتمعات، وتحل الكثير من الأزمات الإنسانية، وخصوصا ما يتعلق بالنزاعات والخلافات والحروب، فعلى مر الزمن ستتغير طبيعة الإنسان والأجيال من مجرد التذكر والتلقين إلى الانفتاح والإبداع الذي لا حدود له بعيدا عن الانطوائية والسطحية الناتجة عن مناهج وطرق الدراسة المتداولة في المؤسسات التعليمية.
نبذة مختصرة
- الأستاذ الدكتور/ هيثم زينهم، أستاذ اللسانيات(العلوم اللغوية)، اللسانيات الحاسوبية والنفسية المشارك.
- له الكثير من الاهتمامات البحثية المتعلقة بالمعالجة الآلية للغات والإنسانيات، وتعلم اللغة الأولى والثانية، والتدقيق اللغوي الآلي، والمعاجم والمكانز الالكترونية، والاختبارات القياسية، وإعداد المناهج التعليمية وتطويرها.
- مدرب مشارك معتمد من البورد الدولي العربي الأفريقي 2015م، وله أكثر من 5000 ساعة تدريبية متنوعة في المهارات والسلوك.
- خبرة في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها باعتماد الجامعة الأمريكية
- لها مهارات تقنية متنوعة، منها: صناعة البرامج والمنصات التعليمية ومنصات الاختبارات، وتدريب المكفوفين على استخدام الحاسوب وتصميم المواقع الالكترونية والألعاب التعليمية التفاعلية وقواعد البيانات.. .
- له الكثير من المؤلفات والأبحاث التي تهتم بحوسبة اللغات والإنسانيات والمنشورة في مجلات عالمية مصنفة، وكذلك الإشراف على بعض الرسائل العلمية التي تهتم بهذا الحقل المعرفي المهم أو مناقشتها.
- خبرة كبيرة في إعداد البرامج الوظيفية اللغوية.