الأولى و الأخيرة

رغم اسنتجادهم بالإنجليز

سقوط الحكم العثماني بثورة شعبية قادها عمر مكرم وحصد ثمارها محمد علي

موقع الصفحة الأولى

بدأ الحكم العثماني لمصر بعد سقوط دولة المماليك عام 1517 ميلادية، واستمر العثمانيون في سياسة السلب والنهب لخيرات مصر وتراثها حتي تولي محمد علي حكم البلاد عام 1805 .
كان وجود الحكم العثماني سببا فى تأخر البلاد، ونتيجة للظلم الواقع علي الشعب، فقد قاد المصريون عدة ثورات ضد العثمانيين، كان من بينها التمرد الذى قاده الشيخ عبد الدايم بن أحمد بن بقر، شيخ العرب فى إقليم الشرقية، وذلك فى عام 1518، بعد ما خرج عن طاعة والى مصر العثماني خاير بك.
وبحسب دراسة بعنوان "أعمال العصيان والتمرد التى واجهتها الدولة العثمانية فى مصر ما بين عامى 1518-1524، للدكتور أحمد حسين، فإنه بعد استعانة خاير بك بالمماليك الجراكسة، بدأت سوء أحوال الفلاحين، وواجه الوالى العثمانى عصيانا فى منطقة الشرقية، قاده الشيخ عبد الدايم بن بقر، حينما خرج عن طاعته وأعلن نفسه حاكما على المناطق التى كانت خاضعة لسيطرته.
وفشل خاير بك فى استمالة الشيخ عبد الدايم بن بقر، مما اضطره لتعيين والده الشيخ أحمد بن بقر حاكما على المنطقة الشرقية، لكن أعمال التمرد زادت، وبعد وفاة خاير بك، تولى مصفى باشا، زوج أخت سليمان القانونى، ورغم رفض المصريين وجود حاكما عثمانيا عليهم وقيام أعمال تمرد ضده، إلا أنه استطاع القضاء على العصيان.

التمرد ضد الحكم العثماني

استمرت وقائع التمرد ضد الحكم العثماني، حتي ولي المصريون محمد علي باشا بعد الإطاحة بالوالي العثماني خورشيد باشا بثورة شعبية قادها عمر مكرم، عام 1805.
ومنذ تولي محمد علي زمام الحكم في مصر، سعى لإقامة إمبراطورية مصرية مستقلة عن العثمانيين، تمتد من منابع النيل بالسودان وصولا إلى جبال طوروس جنوب تركيا.
وعقب نجاحه في ضم السودان خلال الحملة العسكرية ما بين عامي 1820 و1824، استاء محمد علي باشا من تصرفات العثمانيين تجاهه وتنكرهم لوعودهم.
فخلال الحرب في بلاد اليونان، تدخل الجيش المصري لمناصرة العثمانيين أملا في الحصول ولاية الشام وضمها إلى مصر، لكن بعد انتهاء المعارك، رفض العثمانيون ذلك، لتشهد العلاقات بين محمد علي والسلطان العثماني توترا غير مسبوق.
في غضون ذلك، اتجه محمد علي للسيطرة على بلاد الشام لاستغلال مواردها من الخشب وتعويض ما مني به من خسائر في حرب اليونان، فما كان منه إلا أن اتخذ خلافه مع والي عكا، الذي اتهمه بعرقلة نقل الخشب والامتناع عن سداد ديونه وإيواء الفلاحين الفارين من التجنيد، ذريعة للقيام بحملتين عسكريتين على بلاد الشام.

خلال الحملة الأولى، بدأ التفوق واضحا للأسطول المصري، الذي سيطر على غزة ويافا وحيفا دون مقاومة، قبل أن يضرب حصارا شديدا على عكا استمر ستة أشهر، استسلمت بعده المدينة سنة 1832 ليقدم عقب ذلك رؤساء العشائر وأعيان سوريا ولاءهم لمحمد علي، بعيدا عن الحكم العثماني .
ومع بداية الحملة، اتخذ السلطان العثماني محمود الثاني موقف الحياد تجاه الأحداث، معتبرا إياها نزاعا بين ولايتين، لكن بعد وقوع عكا في قبضة المصريين، تيقن الأخير بأن الحرب موجهة ضده، فأصدر أوامره بعزل محمد علي باشا من ولاية مصر وعين مكانه حسين باشا وجهزه بجيش وكلفه بمنع تقدم الجيش المصري في الشام.


هزيمة مذلة للعثمانيين


غير أن ابراهيم باشا، ابن محمد علي، استطاع أن يسيطر على كل من دمشق وحلب وحمص وحماه، عقب معارك طاحنة هزم خلالها العثمانيون ليجتاز جبال طوروس ويتوغل في الأناضول.
وخلال معركة قونية في 21 ديسمبر عام 1832، التي استمرت لسبعة ساعات فقط، مني الجيش العثماني بهزيمة مذلة على يد الجيش المصري، الذى نجح في أسر الصدر الأعظم، رشيد محمد خوجة باشا رفقة 10 آلاف من جنوده، لتفتح بذلك أبواب الأستانة أمام الجيش المصري، الذي أصبح على مقربة من إنهاء وجود الحكم العثماني والدولة العثمانية كاملة.
وسارعت الدول الأوروبية، وعلى رأسها أنجلترا، إلى التدخل لوقف الحرب حيث تخوفت القوى الأوروبية من إمكانية سيطرة محمد علي، على المضائق وتهديده لمصالحهم مفضلين بذلك إنقاذ العثمانيين والمحافظة على دولتهم الملقبة بالرجل المريض لسهولة التفاوض معها.
وبناء على ذلك، ضغط الأوروبيون على محمد علي باشا والسلطان العثماني ليتم التوصل إلى اتفاقية كوتاهية الموقعة في مايو عام 1833 والتي اعترف من خلالها محمود الثاني بسيادة محمد علي باشا على كل من مصر والجزيرة العربية والسودان وكريت والشام وفلسطين مقابل انسحابه من الأناضول.

نهاية الحكم العثماني


لم تلب اتفاقية كوتاهية رغبات الطرفين، إذ لم يحصل محمد علي باشا على الاستقلال التام لضمان بقاء امبراطوريته العربية، كما استاء العثمانيون من هزيمة جيشهم المدرب على يد الجيش المصري والذي تكون أساسا من الفلاحين.
وبناء عليه، جهز العثمانيون جيشا من 100 ألف جندي دفعوا به نحو سوريا، حيث تلقوا هزيمة قاسية على يد ابراهيم باشا خلال معركة نصيبين في يونيو سنة 1839.
وهكذا انضم الأسطول العثماني لمحمد علي باشا، فأشرفت الدولة العثمانية على نهايتها خاصة مع موت السلطان محمود الثاني في يوليو سنة 1839، فانهار الجيش العثماني وشهدت العاصمة اسطنبول حالة فوضى غير مسبوقة.
ومرة أخرى استنجد العثمانيون بالإنجليز، الذين تدخلوا في سواحل سوريا، ليعجز محمد علي باشا عن صدهم، ويجبر عقب ذلك على قبول بنود معاهدة لندن، التي أمرته بسحب قواته من الجزيرة العربية وسوريا وكريت.
وبناء على ذلك أصدر السلطان العثماني فرمانا ضمن فيه لمحمد علي وذريته فيما بعد حكم مصر، على أن تكون تابعة للسلطنة فتدفع الجزية السنوية ويكون جيشها جزءا من الجيش العثماني وتمنع من بناء السفن الحربية، وهو ما تحررت منه مصر فيما بعد وتوقفت عن دفع الجزية.

تم نسخ الرابط