و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

لا تخشي طعنة العدو

أشهر قصص الخيانة في التاريخ من المعلم يعقوب إلي محمد عويس

موقع الصفحة الأولى

شهد التاريخ العديد من قصص الخيانة ، والتى كان أشهرها خيانة المعلم يعقوب للشعب المصري في زمن الحملة الفرنسية، ومن قبله الوزير الفاطمي شاور الذى تحالف مع الحملات الصليبية ضد الجيوش الإسلامية.
ويمتد حبل الخيانة من بدران الذى وشي بصديقه أدهم الشرقاوي، إلي خونة أحمد عرابي الذين تحالفوا مع الجيش الإنجليزي، حتي يصل إلي محمد عويس الذى باع ضميره للإرهابيين، وغدر بالشهيد محمد مبروك.

 

لا تخشي طعنة العدو

بعد مرور ساعات على اغتيال الرائد محمد مبروك في 17 نوفمبر من عام 2013، بدأ الأمن الوطني عمليات البحث والتحري وجمع المعلومات حول المشتبه فيهم، حتى أعلن تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي مسؤوليته عن حادث الاغتيال وقتها، وهو الإعلان الذي رجح أحد احتمالات فريق البحث.
بدأ الجهاز ضرباته الأمنية الناجحة، وتمكن من ضبط عدد من الإرهابيين شديدي الخطورة المنتمين للتنظيم ، بعدما أكدت المعلومات تورطهم في عمليات اغتيال الرائد محمد مبروك، فضلا عن عمليات أخرى.

وأدلى الارهابيون المقبوض عليهم باعترافات تفصيلية عن بداية اعتناقهم الفكر التكفيري ومشاركتهم في اعتصام رابعة العدوية المسلح، ثم الانخراط في التنظميات لتنفيذ عمليات مدروسة ومخطط لها سلفا، ومن بينها عملية اغتيال مبروك.
وكانت ملامح قصة الخيانة قد بدات في الظهور، حيث ذكر الارهابيون أسم الضابط الخائن محمد عويس في جلسات التحقيق التي جرت معهم بمعرفة ضباط يعلمون كيفية استثمار المعلومة وفرزها لبيان صحتها من عدمه.
وفي جلسات تحقيق منفصله، أكد عدد من منفذي عملية اغتيال مبروك، دور "الخائن عويس" والذى تلخص في تسريب بياناته للتنظيم وعنوان منزله فضلا عن منحهم برنامج على الهاتف للوصول إلى أرقام الهواتف الأرضية، وبيانات وأرقام عدد من ضباط الشرطة، تمهيدا لاستهدافهم، مقابل شيك قيمته 2 مليون جنيه حصل عليه من قيادي في التنظيم الإرهابي.
عززت المعلومات التي حصل عليها فريق البحث حول تحركات محمد عويس، ما قاله الارهابيون عنه خلال جلسات التحقيق، وجرى القبض عليه.
لم ينكر عويس حرفا واحدا مما ادلي به شركائه، واعترف تفصيليا بخيانة صديقه عبر إمداد العناصر الإرهابية بمعلومات عنه، وأحيل إلى محكمة جنايات أمن الدولة، التي عاقبته بالإعدام شنقا.
لم يكن الخائن عويس يحتاج إلي المال، فقد ولد في أسرة غنية حيث كان والده يمتلك مصنعا للرخام بجسر السويس، وكان زميلا للشهيد مبروك بكلية الشرطة، واستمر التواصل فيما بينهما بعد التخرج، وكان مبروك حريصا على زيارة أسرة عويس خلال إجازته، لكنه باع صديقه مقابل المال.


4 خونة هزموا عرابي

في معركة التل الكبير بين الجيش المصري بقيادة أحمد عرابى والإنجليز، كانت الجريمة العظمي التى تورط فيها 4 شخصيات ذكرهم التاريخ في صفحة الخيانة.
كان ذلك فى سبتمبر عام 1882، حيث كانت آخر مواجهات العرابيين مع الإنجليز بمنطقة التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية وهزم فيها الجيش المصرى ودخل الإنجليز بعدها القاهرة واستقبلهم الخديوى واستعرض القوات البريطانية ووقع عرابى فى الأسر وحكم عليه بالإعدام ثم خفف الحكم للنفى خارج مص، وينتهى الأمر بوقوع مصر تحت الاحتلال الإنجليزى.
والبداية تعود عندما اندلعت الثورة العرابية بقيادة عرابى، ضد الظلم والاستبداد، بعد ما عرف تاريخا بـ"وقفة عرابي" أمام الخديوى توفيق فى ساحة قصر عابدين، يوم 9 سبتمبر، تلك المناسبة التى تحتفى بها محافظة الشرقية وتتخذها عيدا قوميا لكونه زعيما تاريخيا من أبنائها. 
وبحسب المراجع التاريخية الموثقة، فإن 4 خونة كانوا السبب الرئيسى فى الهزيمة التى تعرض لها العرابيين، وهم محمد باشا سلطان، الذى وزع الذهب على بدو الصحراء الشرقية، وعلى رأسهم الخائن الثانى، سعيد الطحاوى الذى كان مرشدا لعرابى وجاسوسا عليه، والثالث على يوسف الشهير "بخنفس" .
كان عرابى فى خيمته يقرأ الأوراد والأدعية، فجاءه الطحاوى يقسم له أن الإنجليز لن يهجموا قبل أسبوع ثم ذهب لقائد الإنجليز "ولسى" وطمأنه أن المصريين سينامون ليلتهم نوم الأبرار، وبالفعل زحف الإنجليز فى الظلام ووصلوا إلى الخط الأمامى للجيش العرابى. 
بينما كان عبد الرحمن حسن قائد فرقة السواري، هو الخائن الرابع، والذى كان يعلم بنبأ الهجوم، وكان يتعين على فرقته أن تكون فى المواجهة، لكنه حرك الجنود بعيدا عن أرض المعركة، ليمر الإنجليز بسهولة إلي المنطقة وبعدها أمطروا الجيش المصري بالقذائف، وكانت الهزيمة وسقوط مصر تحت الاحتلال البريطاني. 


المعلم يعقوب اللعين


لم تكن خيانة عرابي التى تسببت في احتلال مصر، هي الخيانة الاولي في التاريخ المصري بالتعاون مع المحتل، وإنما سبقتها بأقل من قرن من الزمان خيانة المعلم يعقوب لصالح الحملة الفرنسية.
عندما أعلن نابليون بونابرت غزو مصر، وجد المعلم يعقوب حنا فرصته، فقد كتب لقائد الحملة وهو في طريقه من مرسيليا إلى الإسكندرية لغزو مصر والشرق عام 1798، أنه يمكنه تجنيد عشرين ألفاً من أبناء الأقليات المسيحية ليكونوا أعواناً له على بناء إمبراطوريته الاستعمارية.
ووفقا لرواية الجبرتي الذي أطلق عليه "يعقوب اللعين"، ألَّف المعلم يعقوب حنا فيلقا ضم ألفين من شباب الأقباط، إرتدو لباس الجيش الفرنسي، وشاركوا جيش الاحتلال في غزو المدن والقرى.
وبحسب كتاب الجنرال يعقوب والفارس لاسكاريس ومشروع استقلال مصر في سنة 1801م، للمؤرخ شفيق غربال الصادر دار الشروق، ولد يعقوب حنا في ملوي بصعيد مصر سنة 1745 تقريبًا، وهو ينتمي إلى أسرة قبطية متوسطة الحال، وقد تلقى في طفولته مبادئ القراءة والكتابة والحساب وحفظ بعض النصوص الدينية المسيحية، وذلك في أحد الكتاتيب القبطية التي كانت منتشرة بصعيد مصر آنذاك. 
احترف يعقوب منذ صباه الباكر حرفة الكتابة وتحصيل الأموال وضبط الحسابات، ومن هنا اتصلت أسبابه بالأغنياء وأهل اليسار، وانتهى أمره إلى العمل مع واحد من كبار أثرياء المماليك، وهو سليمان بك أغا.

الخروج علي المألوف

ومن خلال العمل في هذا المجال استطاع يعقوب أن يكتسب خبرة واسعة بالشئون المالية الإدارية، كما تمكن من جمع ثروة طائلة أورثته الغرور والكبرياء، فكان حريصًا على أن يبدو مختلفًا عن الآخرين من بني جلدته وأبناء طائفته، مولعًا بالخروج على مألوف عاداتهم وما درجوا عليه، فكان يخالفهم في الزي والهيئة وطريقة الحياة.
ويضيف أشرف غربال، كان "المعلم يعقوب" حين وصلت الحملة الفرنسية إلى مصر معدودًا من أثرياء القبط وزعمائهم المبرزين، وكان الفرنسيون منذ اللحظة الأولى التي وطئت فيها أقدامهم مصر بحاجة إلى مساعدة الأقباط؛ لأنهم كانوا على دراية كبيرة بشئون الإدارة المالية.
فبادر المعلم يعقوب إلى عرض خدماته على الفرنسيين، وكان مخلصًا في تعاونه معهم بقدر ما كان خائنًا للبلد الذي نشأ فيه، والناس البسطاء الذين شبَّ بينهم، سواء كانوا من المسلمين أم القبط المخلصين.
ووافق نابليون بونابرت على أن يرافق المعلم يعقوب الجنرال ديسيه في حملته على الصعيد؛ نظرًا لسابق معرفته بأقاليم الصعيد، واطلاعه على أوضاعها المالية والإدارية.
وبذل المعلم يعقوب جهودًا مضنية لإنجاح حملة ديسيه؛ فأشرف على تجهيز ما يلزم الحملة، وأمَّن لها طرق السير، وتوفر على ضبط الشئون المالية والإدارية للأقاليم المفتوحة، ولم يكتف بتوظيف خبرته المالية والإدارية لصالحهم، بل شارك في العمليات الحربية. 
كما كان للمعلم يعقوب دور قذر في قمع الثورة ضد الفرنسيين وتعقب الثوار والقضاء عليهم.
وامام هذه الخدمات منح الجنرال كليبر، المعلم "يعقوب" رتبة كولونيل، وجعله على رأس فرقة عسكرية من شباب القبط، كان أمر تدريبهم منوطًا بعدد من الضباط الفرنسيين. 
ويذكر بعض مؤرخي الأقباط أن المعلم يعقوب هو الذي جهَّز هذا الفيلق القبطي بالسلاح والميرة من ماله الخاص، ومع استمرار خدماته لصالح الفرنسيين، منحه "مينو" رتبة جنرال، وظل يرافق الجيش الفرنسي حتى خروجه من مصر معهم ووفاته في مارسيليا.

أشهر خائن شعبي

رغم تعدد أسماء الخونة في التاريخ المصري، إلا أن بدران صديق البطل أدهم الشرقاوي كان أشهرهم في الروايات الشعبية، وإن اختلفت حوله المراجع التاريخية.
كان بدران صديقا للبطل الشعبي أدهم الشرقاوي، حيث ينتمي الصديقان لقرية زبيدة التابعة لمركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة.

وتتفق الروايات على أن ادهم الشرقاوي ثار ضد الإنجليز، بعد الظلم الذي تعرض له هو واسرته، وبعد خروجه من السجن تزعم مجموعة من الثوار لتنفيذ عمليات ضد معسكرات الإنجليز.
وتؤكد الأسطورة الشعبية التى تغني بها المصريون لعقود طويلة، أن ادهم الشرقاوي كان يسرق من الأثرياء ويعطي الفقراء الذين خلدوا قصته.
وتضيف الرواية أن أدهم الشرقاوي الذي قتل عام 1921 عن ثلاثة وعشرين عاماً فقط، كان صداعا مزمنا في رأس الإنجليز وعملائهم وأتباعهم داخل مصر، وأن التشويه المتعمد لصورته في بعض الصحف المصرية والأجنبية كان بتعليمات من المعتمد البريطاني ليقضي علي شعبيته الجارفة، وبالتالي يمكنه التخلص منه بوصفه مجرما وليس لكونه مناضلا ضد الاحتلال.
وتم وضع الخطة بالاستعانة بأقرب صديق له وهو بدران، الذى كان يرافقه في مغارته بالجبل، وتمكن بعد غوايته من قتله لصالح الاحتلال الانجليزي.

تم نسخ الرابط