الأولى و الأخيرة

موقع الصفحة الأولى

ونحن صغار، كنا عندما نسمع عن حادث جلل، أو كارثة ما أصابت شعبا عربيا شقيقا، أو خلافا أو حتى صراعا نشب بين دولتين عربيتين، أول ما نتوقعه أو نبحث عنه هو موعد انعقاد القمة العربية، وبرغم أن القليل من القمم والاجتماعات، وخاصة الاستثنائية والطارئة منها، خرج بنتائج وقرارات حقيقية يمكن تطبيقها على الأرض، وتعبر عن أمة حقيقية لها هيبتها وإرادتها وحقوقها التي تدافع عنها وتردع كل من ينتهكها.

وربما كانت تلك الأحلام، التي وصلت إلى درجة الأوهام، ناتجة عن إحساس طبيعي وواقعي بالانتماء إلى أمة وشعب واحد فرقته الحدود التي رسمها الاستعمار، وأنظمة الحكم التي لا هم لها إلا الحفاظ على وجودها ومصالحها فقط، وتعيش في واد، وشعوبها في واد آخر.

ويتوازى مع ذلك الإحساس، شعور آخر فطري وعفوي بالبحث عمن يحمينا ويدافع عنا، وعمن يفكر نيابة عنا في مستقبلنا مستلهما العبر من ماضينا وواقعنا، وربما تسرب إلينا هذا الشعور عبر عصور شهدت مرور زعامات وقامات، التحمت مع شعوبها في مواجهة أعدائها، بل وحاربت وانتصرت وانكسرت، واجتهدت وأصابت وأخطأت، ولكن التاريخ خلدهم ولم ينساهم، لأنهم ساهموا في تحرير شعوبهم من المحتلين، وبدأوا بعدها معارك التحرر والبناء والتنمية، ومع قلتهم، إلا أننا نذكرهم جيدا، ومازال البعض منا ينتظر عودتهم من جديد في صور أخرى وأشكال جديدة.

ولكن، الواقع يحمل لنا صورا أخرى لزعامات تماهت مع أعداءنا، وأصبحت تعبر عن المصالح الأمريكية والغربية، بل و"الإسرائيلية"، لدرجة أن ملف التطبيع مازال مفتوحا ومطروحا بقوة، ومع كل زيارة لمسؤول أمريكي إلى بعض العواصم العربية، يكون ملف ما يسمى بالسلام والتطبيع والتعاون السياسي والاقتصادي مع الأعداء في تل أبيب، أحد بنود جدول الأعمال، وينتظرون فقط وقف إطلاق النار في غزة، للعودة بشغف ونهم إلى ركوب قطار التطبيع، وكأن دماء لم ترق في فلسطين، وكأن جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي لم ترتكب بحق شعبنا في غزة.  

لتخرج أغلب القمم العربية معبرة بجدارة عن الواقع العربي الحالي، أمة ممزقة وشعوب مقهورة أو مجهلة أو مغيبة أو "ملهية" في صراعات أخرى داخلية وخارجية.

واليوم، خرج البيان الختامي لـ القمة العربية "العادية" الـ 33 في المنامة، وهو يحمل في كل بدايات فقراته كلمات من عينة: "نعبر ونؤكد ونشدد ونرحب ونعرب ونكرر" وبالطبع لم تغب كلمتي "نطالب وندعو" عن البيان.

ومع إعادة قراءة بيان القمة العربية مرة أخرى، وفي أذهاننا كلمة واحدة نبحث عنها، لعلنا نجدها فتطفئ ظمأنا وتشبع حاجتنا، وهي كلمة "نقرر"، ولكننا لم نجدها كالعادة.

فماذا ننتظر من قمة غاب عنها كلمة "القرار"؟

وماذا ننتظر من قمة، مازالت رغم استمرار جرائم العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تتحدث عن عقد مؤتمر دولي للسلام، وعن تنفيذ مبادرة السلام العربية!

[email protected]

تم نسخ الرابط