و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع

بين أحضان القاهرة

أسرار اختيار الصحابة وآل البيت والمؤمنون جبل المقطم لدفن موتاهم

موقع الصفحة الأولى

يمتد جبل المقطم شرق القاهرة على مساحة تصل إلى أربعة عشر كيلومتراً مربعاً، على شكل حافة من الصخور الجيرية، تبدأ من الأسفل بخط كنتور يصل إلى 60 متراً فوق مستوى سطح البحر، ثم يأخذ في الارتفاع نحو الشرق، ويبلغ أقصى ارتفاع له 140 متراً.
ويعتبر جبل المقطم من الجبال التي لعبت دوراً هاما في أعمال التشييد والبناء خلال العصور المسيحية والاسلامية، لقربه من كافة عواصم مصر الإسلامية، القطائع والفسطاط والقاهرة.
وحول تسمية الجبل بالمقطم، أرجع المؤرخ تقي الدين المقريزى هذا الإسم إلى مصرايم بن حام، ابن النبي نوح عليه السلام، الذي أراد استخراج الذهب والزبرجد والفيروز وغير ذلك من المعادن الموجودة بمصر، بطريقة الصنعة، أي بواسطة الكيمياء، فجعل أمرها إلى رجل يقال له مقيطام الحكيم، كان يعمل في هذا الجبل الذي كان يحد مصر القديمة من ناحية الشرق فسمي الجبل باسمه، قبل أن يختصر الاسم مع مرور الزمان ويبقى ما يدل عليه، فقيل له جبل المقطم.

 

قداسة جبل المقطم


يحكي الإمام الليث بن سعد، أن المقوقس حاكم مصر، سأل الصحابي عمرو بن العاص أن يبيعه سفح جبل المقطم بسبعين ألف دينار، بعدما فتح المسلمون مصر، فكتب عمرو ذلك إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب  رضي الله عنه، الذي أرسل يسأل عمرو: ولما أعطاك ما أعطاك فيه وهو لا يزرع ولا يستنبط منه ماء؟، وحين توجه عمرو بالسؤال إلى المقوقس أجابه: إنا نجد سفحه في الكتب القديمة أنه يدفن فيه غراس الجنة.
فكتب عمرو بن العاص بذلك ثانية إلى الخليفة عمر بن الخطاب الذى كان رده: إنا لا نعرف غراس الجنة إلا للمؤمنين، فاجعلها مقبرة لمن مات قبلك من المسلمين.
نفس الواقعة يرويها أيضا سفيان بن وهب الخولاني، وهو من الصحابة المعمرين، حينما كان يسير في سفح المقطم في صحبة عمرو بن العاص والمقوقس، وسأله عمرو: ما بال جبلكم أقرع لا نبات به على نحو جبال الشام؟، فأجاب المقوقس: لا أدري، ولكن الله تعالى أغنى أهله بهذا النيل، وإنا نجد في الكتب ما هو خير من ذلك.
فسأله عمرو: وما هو؟، قال: يدفن تحته قوم يبعثهم الله يوم القيامة لا حساب عليهم، فدعا عمرو: اللهم اجعلني منهم.
حكايات المقطم لا تنتهي عند ذلك الحد، ولا يرتبط الأمر فقط بأن سفحه يضم رفات العديد من الصحابة والتابعين والصالحين، إذ جعلته طبيعته الانعزالية أيضا مكان تعبد للأقطاب والمتصوفة، ولعل أشهر من تعبد بين أودية المقطم ثم دفن في سفحه المتصوف الشهير عمر بن الفارض، فلا يزال ضريحه ومسجده بين أحضان الجبل حتى يومنا هذا. 
وفى سفح المقطم، توجد منطقة مقابر، تضم أضرحة لكثير من الشخصيات المهمة في التاريخ الإسلامي، أشهرها مقابر القائد عمرو بن العاص، وعقبة بن عامر الجهني.
ويعد عقبة بن عامر الجهيني، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحامل رايته، وكان من الصحابة الذين ركبوا دابة الرسول، وتولى حكم  مصر بعد عمرو بن العاص، ودفن إلى جواره فى المقطم.


آل البيت والمؤمنون


كما تضم المنطقة كذلك، قبر السيدة فاطمة بنت الحسن الأنور، من نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أخت السيدة نفيسة، فضلا عن مقبرة الإمام الليث بن سعد، الملقب بفقيه مصر، ومقبرة ذي النون المصري، أول مؤسس لمدرسة التصوف المصرية، ومقبرة عبد الرحمن بن خلدون مؤسس علم الاجتماع الشهير، وجلال الدين السيوطي أبرز علماء الحركة العلمية والدينية والأدبية في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري، وكذلك العالم المصرى شهاب الدين احمد بن على بن حجر العسقلانى، ومؤسس الدولة الطولونية أحمد بن طولون.
كما تضم المنطقة مقبرة الصحابى أبو بصرى الغفاري، أحد رواة الحديث الشريف، والصحابى عبد الله بن الحارس الزبیدی الذى أطلق عليه شيخ المصريين، زابن حذافة السهمى المكنى بأبي حذافة، وهو أحد صحابة النبي صلى الله علية وسلم الذين بعثوا إلى ملوك الأعاجم برسائل تدعوهم إلى الإسلام
وتضم المنطقة أيضا مقبرة الإمام الشافعی، ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه، وإمام علم التفسير وعلم الحديث، ومن أقطاب المتصوفة تضم مقابر  ابن عطاء الله السكندري، وابن الحسن الديبوري، والإمام ورش المدني، صاحب القراءة المعروفة.

تم نسخ الرابط