شهادات حية من المدينة المقدسة..
رمضان في القدس.. روحانيات وصمود و"مقلوبة" في باحات الأقصى

رمضان في القدس يظل له قدسية خاصة عن بقية اي رمضان في اي مدينة عربية أخرى، لما تحوي هذة المدينة العتيقة من مزيج خاص بين روحانية المكان المقدس وصمود شعب الجبارين أمام الاحتلال الاسرائيلي.
وبالرغم من حالة الحزن والحداد التي تسيطر على كافة الشعب الفلسطيني بسبب حرب غزة الاخيرة الا ان رمضان في القدس لايزال يحمل طابعة الخاص ، حيث تكتسي المدينة المقدسة بحلة رمضانية خاصة، تبرز فيها ملامح التراث والتقاليد التي تتحدى تقلبات الزمن.
ورغم الإجراءات الأمنية المشددة، يتوافد بشكل يومي عشرات آلاف من المصلين إلى باحات المسجد الأقصى لأداء صلاة التراويح، في مشهد يعكس مدى التعلق بالمكان وقدسيته. فالمسجد الأقصى ليس مجرد مكان للصلاة، بل هو رمز راسخ في هوية المقدسيين الذين يحرصون على إعمار ساحاته رغم كل التحديات.

الوضع الأمني في القدس الشرقية اهم تحدي يواجه المقدسيين يوميا خلال رمضان، فلا تخلُ الطرق المؤدية إلى الأقصى من العراقيل المعتادة، حيث تقوم القوات الإسرائيلية بتوقيف الشبان عند المداخل، والتدقيق في هوياتهم، وتسليم بعضهم استدعاءات لمركز أمني في البلدة القديمة، ومع ذلك فإن هذه الإجراءات لم تمنع الآلاف من التوافد، بل زادتهم عزيمة على إحياء ليالي رمضان في رحاب المسجد العريق في كنف الهدوء والسكينة.

في ظلّ هذه الأوضاع، تلعب أوقاف القدس دورا محوريا في تنظيم حركة المصلين داخل المسجد الأقصى، بالتنسيق مع لجان الكشافة ولجان الأحياء في البلدة القديمة، حيث توفر المئات من المتطوعين والمتطوعات الشباب لمساندة حراس وحارسات المسجد الأقصى المبارك في تسهيل دخول وخروج المصلين، وتنظيم توزيعهم داخل باحات المسجد، ما يسهم في خلق أجواء أكثر انسيابية وسط الازدحام الكبير الذي يشهده المسجد خلال ليالي رمضان المباركة.
صمود وتمسك بالأرض
وبالانتقال إلى مشهد الحواري العتيقة للقدس القديمة والمتاجر التاريخية التي يعتبرها المقدسيين انها رواسخ بقائهم في المدينة، فيقول الشيخ صهيب رائد، صاحب محل لتجارة الجلود، عن مشاهد رمضان في القدس في تصريح لـ الصفحة الأولى : لقد ورثت هذا المحل عن أبي الذي ورثه عن جدي، وسنظل نتمسك ببقائنا في هذا المكان وهذة الأرض المقدسة مهما اوغل الاحتلال في عدوانيه ضدنا.
وأضاف صهيب انه تلاقى عروضات بملايين الدولارات لشراء المحل الخاص به، لكنه رفض لأن التمسك به ليس سببا في كونه مصدرا للرزق ولكنه يعلم انه تركه للمحل معناه سيطرة جديدة للاحتلال على السوق العربي في القدس - على حد قوله -

وأشار الى أن رمضان في القدس تشهد فيه حركة الأسواق رواجا خلال شهر رمضان المبارك فقد شهدت حركة نشطة مع دخول الشهر الكريم، مضيفا تزينت شوارع البلدة القديمة بالأضواء والفوانيس الرمضانية، واكتظت الأسواق بالمتسوقين الذين يبحثون عن حاجيات الإفطار والسحور. خاصة سوق خان الزيت، سوق العطارين، وحارات باب العمود، مشيرا إلى أن الغلاء كان الحاضر الأبرز هذا العام، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل ملحوظ، مما زاد من معاناة العائلات المقدسية التي تواجه أوضاعاً اقتصادية صعبة.
المقلوبة في الأقصى
وعلى صعيد أخر، يرى محمود أبو ضياء، مواطن مقدسي يعمل في دائرة أوقاف القدس، أنه رغم حالة الغلاء التي أثقلت كاهل العديد من عوائل المقدسيين لكنهم لم يتخلوا عن طقوسهم الرمضانية، مشيرا إلى أن الموائد الرمضانية مازالت تمتد في الأزقة والبيوت لتجمع الأهل والأصدقاء
وأكد لـ الصفحة الأولى أن الاهالي يحرصون دائما يوم الجمعة بالزحف نو المسجد الأقصى وقبة الصخرة للمكوث به طوال اليوم واقامة موائد الرحمان في باحاته وأن الأكلة الرئيسية التي تقوم نساء القدس بطهيها في هذا اليوم هي "المقلوبة الفلسطينية" في مشهد مهيد يكشف حجم الصمود والتمسك بالعادات ، فضلا عن القطايف التي تظل سيدة الحلويات في هذا الشهر الفضيل – على حد قولة-

وأضاف أبو ضياء : المقدسيون حريصون على الزحف يوميا الى باحات الأقصى لإقامة صلاة التروايح في جو روحاني مهيب ينسي منغصات الحياة اليومية، ويتحول المسجد الأقصى إلى واحة من السكينة، حيث تصدح جنباته بتلاوة القرآن، في مشهد يجعل من رمضان في القدس تجربة لا تشبه أي مكان آخر