لمواجهة التحديات الاقتصادية
وزير المالية بمؤتمر حابى : أهم الاولويات تطبيق المقاصة وخفض المديونيات الحكومية
من المؤكد أن مصر تواجه تحديات اقتصادية كبيرة، في ظل ما يشهده العالم، من صراعات سياسية، أبرزها الحرب الروسية الأوكرانية، وحرب غزة وتداعيتها على منطقة الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي دفع الحكومة المصرية، للتفكير في اتخاذ تدابير ووضع خطط، لمواجهة تلك التحديات، والخروج من الأزمات، وفتح آفاق استثمارية جديدة.
ومن الواضح أن الحكومة تسعى إلى إدخال القطاع الخاص، كشريك أساسي في مختلف المشروعات، التي تقوم بها، ومنحه صلاحيات أكبر، في مختلف القطاعات والمشروعات الحكومة، طبقًا لبرنامج الطروحات الحكومية، بطرح شركات تابعة للدولة للبيع والاكتتاب في البورصة.
تشغيل نظام المقاصة
من جانبه قال أحمد كجوك، وزير المالية، إن أولويات المجموعة الاقتصادية الوزارية تتمثل في تمكين القطاع الخاص وتحسين إدارة الاقتصاد المصري وحوكمة الكثير من الأمور بوضع أطر منظمة لها.
وأضاف «كجوك»، في الجلسة الافتتاحية بمؤتمر حابي السنوي السادس «الإصلاح المرن.. عبور هادئ لتحديات الاقتصاد» والذي ينعقد اليوم الإثنين، أن وزارة المالية لديها 3 أولويات تركز عليها الفترة المقبلة، الأولى هى خلق ثقة وشراكة بين مجتمع الأعمال والممولين والمصالح التي تتبع وزارة المالية مثل الضرائب والجمارك، مشيرًا إلى أن الحكومة تسعى إلى خلق هذه الشراكة بناء على الثقة، فضلا عن أن تكون مرتبطة بخدمات أفضل وأسهل، ولذلك بدأنا بحزمة أولى للتسهيلات الضريبية والتي تم البدء في تطبيق جزء كبير منها بقرارات وزارية مؤخرًا.
ولفت وزير المالية، إلى أن من ضمن القرارات التي تم اتخاذها تشغيل نظام المقاصة المركزي بشكل تجريبي، وموافقة مجلس الوزراء على نظام ضريبي مبسط لرواد الأعمال حتى 15 مليون جنيه، ووضع سقف للغرامات وفوائد التأخير بحيث لا تتجاوز أصل الضريبة، مشيرا إلى أننا سنتبع ذلك بحزمة إجراءات ومنظومة تسهيلات للضريبية العقارية سيتم الإعلان عنها قريبا.
خفض المديونية الحكومية
وتابع: «الأولوية الثانية هى أن تكون السياسة المالية أكثر انفتاحا وتوازنا بشكل أوسع ووضع مبادرات تؤثر على النشاط الاقتصادي مثل مبادرات الصناعة والسياحة واستراتيجية صناعة السيارات، كما تعمل الحكومة بقوة على مبادرات المستقبل وسيكون هناك مبادرة للمصدرين العام المقبل».
وأكد وزير المالية، أن الحكومة تستهدف مستهدفات واضحة قابلة للقياس وربط الحوافز بها، وخير مثال على ذلك مبادرة السياحة التي كانت متميزة في هذا الأمر وخاصة الغرف السياحية، ووضعنا حوافز جعلت الجميع يستفيد منها سواء المستثمر أو الدولة.
وأشار إلى أن الأولوية الثالثة تتمثل في خفض المديونية الحكومية المحلية والخارجية، وقطعت الدولة شوطا جيدا فيها السنة الماضية من خلال توقيع بعض الصفقات الاستثمارية الكبرى، كاشفا عن أن الوزراة بصدد الانتهاء من استراتيجية خفض المديونية الحكومية المحلية والخارجية والإعلان عنها في الربع الأول من 2025، مؤكدا أن تحقيق هذه الأولويات الثلاثة لن يتم إلا بوجود قطاع خاص ونشاط اقتصادي جيد.
وفي ذات السياق، أكدت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي أن الحكومة المصرية شرعت في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي وهيكلي متعدد الأبعاد، يشمل مختلف أوجه النشاط الاقتصادي، حيث وضعت نصب أعينها تمكين القطاع الخاص كهدف رئيسي لا غنى عنه، من أجل تقليل التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، وزيادة معدلات التنمية الشاملة والمستدامة.
صياغة سياسات مرنة
استطرت د. رانيا المشاط في الجلسة الافتتاحية بمؤتمر حابي السنوي السادس «الإصلاح المرن - عبور هادئ لتحديات الاقتصاد» والذي ينعقد اليوم الإثنين، «لقد ساهم استمرار الصراعات والتطورات في العديد من مناطق العالم، بالإضافة إلى تباطؤ التجارة العالمية وتشديد الأوضاع المالية، والأثار السلبية والتغيرات المناخية، في زيادة المخاطر المحيطة بالاقتصاد العالمي، هو ما أسفر عن تباطؤ التوقعات للنمو في عام 2024 إلى 2.4 %، للعام الثالث على التوالي، مقابل 2.6 % في عام الماضي، وذلك إلى جانب تأثر الدول النامية والأقل نموا بتلك التطورات، الأمر الذي يحد من قدرتها على المضي قدما في تحقيق أجندتها التنموية.
وأشارت إلى اتساع فجوات التنمية لدى تلك الدول، الأمر الذي يتطلب صياغة سياسات مرنة، واتخاذ إجراءات شاملة ومبتكرة، من أجل الحفاظ على مكتسبات التنمية وضمان استقرار الاقتصاد الكلي، لدى تلك الدول وحتى عام 203، وما بعد ذلك.
وأكدت الوزيرة، إلى أن الدولة تعمل بشكل منهجي على تعزيز دور القطاع الخاص من خلال سياسات تتسم بالمرونة والديناميكية، مؤكدة أن قانون التخطيط الجديد يمثل نقلة نوعية في هذا الاتجاه، حيث يتيح فرصًا واسعة للقطاع الخاص للمشاركة الفعالة في تنفيذ برامج التنمية المختلفة.
وأوضحت المشاط أن سقف الاستثمارات العامة قد وُضع لضمان استدامة الانضباط المالي وتقليل الاعتماد على الموازنة العامة، مع إفساح المجال أمام القطاع الخاص لتولي دور ريادي في استكمال المشروعات الكبرى.
رفع مستويات التنافسية
وأكدت أن الحكومة تُلزم القطاعات المختلفة بتحديد أولوياتها ضمن حدود إنفاق محددة، لتتيح المزيد من الفرص أمام الاستثمارات الخاصة، بما يعزز التناغم بين الجهود الحكومية والخاصة لتحقيق الأهداف التنموية.
وأضافت أن الوزارة تتبنى خطة شاملة للإصلاح الهيكلي، تقوم على ثلاثة محاور رئيسية. أولاً، تعزيز صمود الاقتصاد الوطني في مواجهة الأزمات.
ثانيًا، رفع مستويات التنافسية في القطاعات الاقتصادية المختلفة من خلال تطوير التشريعات وتحديث اللوائح التنظيمية.
وثالثًا، تسريع التحول نحو الاقتصاد الأخضر مع إيلاء اهتمام خاص بدعم القطاع الخاص، سواء المحلي أو الأجنبي، ليكون رافعة أساسية لهذا التحول.
وفيما يتعلق بمحور التمويل التنموي، شددت المشاط على أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب منظومة تمويلية شاملة تتجاوز حدود التمويل الحكومي التقليدي، لتشمل القطاع الخاص بصفته شريكًا محوريًا.
مشروعات الطاقة الخضراء
وأشارت إلى أن مشروعات الطاقة الخضراء باتت نموذجًا ناجحًا لهذا النهج، حيث تمكنت مصر من تخصيص تمويلات بقيمة 12 مليار دولار للقطاع الخاص لهذه المشروعات خلال السنوات الأربع الماضية، مع التركيز على زيادة مساهمة القطاع الخاص في تصميم وتنفيذ هذه المشروعات الحيوية.
وأكدت الوزيرة أن علاقات مصر القوية مع مؤسسات التمويل الدولية تتيح فرصة غير مسبوقة لتوفير التمويلات الميسرة التي تدعم القطاع الخاص وتساعد على تنفيذ السياسات التنموية بشكل فعّال.
وأضافت أن الوزارة تعمل على تعزيز التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية لضمان عدم تكرار المشروعات، بما يحقق كفاءة الإنفاق ويسهم في توجيه الموارد المتاحة نحو أولويات التنمية الحقيقية.
وأوضحت المشاط أن الوزارة تركز على إعداد إطار محلي لتمويل سياسات التنمية، يقوم على المزج بين الموارد المحلية والتمويل الميسر، بما يتيح بيئة تمويلية مستدامة تعزز من قدرة القطاع الخاص على قيادة عجلة التنمية.
القطاع الخاص محرك الأساسي
وأضافت أن الهدف الرئيسي لهذه الجهود يتمثل في تحويل القطاع الخاص إلى المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي، بعيدًا عن الاعتماد المفرط على الإنفاق الحكومي، مع ضمان استمرارية الجهود التنموية بما يتماشى مع رؤية مصر 2030.
وأكدت على أهمية تبني مقاربة شاملة للإصلاحات الهيكلية، ترتكز على التعاون الوثيق بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك القطاع الخاص المحلي والدولي، ومؤسسات التمويل الدولية، لضمان تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة تواكب طموحات الدولة وتطلعات أبنائها.
وأوضحت أن مصر تسعى إلى تحقيق نمو اقتصادي متسارع كسبيل للخروج من تحديات الدول متوسطة الدخل، وهو ما يتطلب تطبيق سياسات مبتكرة تركز على تعزيز ريادة الأعمال وتفعيل دور القطاع الخاص.
زيادة في الناتج المحلي
وكشفت أن النمو الاقتصادي المتسارع لا يتطلب فقط تحقيق زيادة في الناتج المحلي الإجمالي، وإنما ضمان استدامة تسارع هذا النمو، وهو ما يتحقق من خلال سياسات داعمة لريادة الأعمال وتطبيقات التكنولوجيا الحديثة.
وأشارت الوزيرة إلى أن مصر تتمتع بمقومات تجعلها مركزًا إقليميًا لريادة الأعمال في أفريقيا، معربة عن تطلعها لجذب المزيد من الشركات الناشئة الأفريقية للعمل في مصر، خاصة في ظل الجهود المبذولة لتحسين بيئة الأعمال وإجراء إصلاحات تشريعية وتنظيمية.
وأضافت أن مصر يمكن أن تكون نقطة انطلاق لتوسعات هذه الشركات في الأسواق الإقليمية والدولية.
وأكدت على التزام الحكومة بدعم رواد الأعمال، ليس فقط عبر السياسات، بل من خلال تعزيز التعاون مع القطاع الخاص والشركاء الدوليين، بما يضمن تحويل مصر إلى منصة رئيسية لريادة الأعمال والتنمية الاقتصادية في أفريقيا والمنطقة
وأوضحت «المشاط»، أن هذا الميثاق يأتي كجزء من جهود الدولة لتهيئة بيئة داعمة لريادة الأعمال، مشيرة إلى أنه يتم صياغته بالتعاون مع ممثلي القطاع الخاص وعدد من الجهات الحكومية ذات الصلة، منها وزارة المالية، وهيئة الرقابة المالية، ووزارة الاتصالات، ووزارة التعليم العالي.
ريادة الأعمال
وأشارت الوزيرة إلى أن الميثاق يهدف إلى وضع إطار تنظيمي شامل يتضمن توصيات القطاع الخاص بشأن التشريعات، واللوائح، والحوافز التي تساهم في تحسين بيئة العمل للشركات الناشئة.
كما يعمل على تعزيز الابتكار وربط ريادة الأعمال بالأهداف التنموية للدولة، خاصة في القطاعات ذات الأولوية مثل التكنولوجيا والطاقة المستدامة.
وأكدت المشاط أن الحكومة تركز من خلال الميثاق على وضع آليات للحفاظ على الكفاءات الوطنية وسط المنافسة الدولية والإقليمية الشديدة، مشيرة إلى أهمية تعزيز الموارد البشرية وريادة الأعمال كركائز أساسية لتحقيق التنمية المستدامة.
وأوضحت المشاط أن مصر تطمح لأن تكون مركزًا إقليميًا لريادة الأعمال في أفريقيا، مستفيدة من موقعها الجغرافي وتطور بيئة الأعمال فيها، مؤكدة أن هذا الميثاق سيسهم في جذب الشركات الناشئة الأفريقية للعمل من مصر، مع توفير حوافز وإصلاحات تدعم توسع هذه الشركات في الأسواق الإقليمية والدولية.
وثيقة ملكية الدولة
وأكدت أن الوزارة تسعى من خلال أنشطتها وبرامجها إلى تطبيق فلسفة مختلفة من أجل تحسين فاعلية خطط التنمية، والتكامل بين الموارد المحلية والدولية، ودعم مستهدفات برنامج الحكومة.
ونوهت إلى الجهود التي تقوم بها الحكومة لتنفيذ وثيقة ملكية الدولة، وإفساح المجال للقطاع الخاص، مؤكده أن تلك المنهجية تعكس التوجه الأساسي خلال المرحلة المقبلة، من أجل المثول إلى منظومة تخطيط تتسم بالكفاءة والفاعلية، ودفع التنمية الشاملة في الدولة، باستخدام كافة الأدوات المتاحة.