و الأخيرة

رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

هل أهملته أم هو الذي أهملني ؟.. هكذا تساءلت أسماء ،وهي تجلس علي سريرها في المستشفى بعد ان سقطت مغشياً عليها بعد خلافها الأخير مع زوجها، كان الخلاف اليوم علي اشده شعرت ان عالمها ينهار فجأة امام عينيها، رجلها الذي تزوجها، وعاش معها عشر سنوات كانت له فيهم نعم الزوجة، والأم الحنون لأبنتيها، ولكنه لم يكن راضيا كان دائما يبحث عن أمر ما غير موجود، عن مشاعر لم يلمسها معها، هي حولت علاقتها به من مجرد زوج الي عشيق، تحبه بكل ذرة من كيانها ، تغار عليه ممن حوله. لكن لماذا كل هذا لرجل أهمل كل ما تفعله؟ يا ليتها أهملته ..

زواجهم التقليدي ،وتعارفهم في صالون بيتها لم يثنيها عن الجنون به، ولما لا تعشقه وهو أول رجل يقتحم انوثتها، و اول من تعطيه قلبها، هو حبها الأول، ورغم انها لم تكن الاولي في حياته، ولكنها لم تبالي، ولا أهملته.

 فللرجال مغامرات تستطيع تقبلها من أجل بقاء الود بينهما، تتذكر علي سرير مرضها ان الحياة معه لم تكن  وردية، ولكنها كانت تتقبلها بجميع المنعطفات، والسقطات تقبلت نزواته، وأطلقت عليها غفوة يجب ان يمر بها الرجل، ومادام  يعود إليها في النهاية، وتفتح له ذراعيها مرحبة، وكأن شيئاً لم يكن، وكانت تبرر لنفسها انها أهملته .

كانت تعلم عن جميع النساء اللاتي اقتحمن حياته اثناء سنوات زواجهم، ولكنها أبدا لم تواجهه ولم تلومه، كانت بعد كل اكتشاف لنزوة تذهب إلي الصالون تغير من لون شعرها، وتضع طلاء مميز لأظافرها وتضع الألوان فوق وجهها لتصبح عروس جديدة، كانت تجاهد لكي تحافظ عليه، وهو الرجل الثري الوسيم الذي تتهافت عليه الجميلات، كانت في صراع دائم مع نزواته، تعلم وتبكي، وتنتحب علي وسادتها وحدها وتتحدث مع نفسها وتقول انها أهملته ، ثم تمسح دموعها وتبدأ في رحلة سعيها لكي تستعيد أبو بناتها الغالي، اما هو فكان دائم البحث عن دقة قلب مفقودة، كان يري في أسماء زوجة تقليدية اختارتها له أمه وفرضتها عليه ،حاول جاهدا ان يحبها وباءت محاولاته بالفشل، كان خالد يحب ريم زميلته في الجامعة وبسبب رسوبه في العام الثالث، وتأخره عن التخرج تمت خطبتها لآخر، ولكن طيفها اصبح ملازماً له حتي بعد زواجه من أسماء وزواجها من آخر وسفرها للخارج معه، حاول التواصل معها كثيرا كثيرا ولكنه فشل في الوصول لها، فانطلق في سلسلة من الارتباطات والعلاقات خارج اطار الزواج لعله يملأ فراغ قلبه التي لم يستطيع حضور أسماء ملئه، ومرت الأيام وعلم خالد من أصدقاء الجامعة ان ريم عادت الي ارض مصر بعد سفر دام لمدة ثلاثة عشرة عاما ، جلس ساعات تحت منزل أبيها لكي يلمحها فقط وهي تنظر من النافذة ، تمني ان يوصل الود الذي انقطع حباله ، ارسل لها مع صديقتها المقربة وطلب منها ان تسمح له بمحادثها، وكللت محاولاته بالنجاح خصوصا انها قد حصلت علي الطلاق من زوجها بعد زواج دام ثلاثة عشر عاماً في الغربة معه.. عادت الي مصر ومعها طفلها الوحيد، اقترب خالد منها كان عطشه الي ريم يدفعه دفعات قوية لها، لم يعد يري في الكون غيرها، حلمه السابق عاد فكيف يتركه يبتعد من جديد، كانت اسماء تتابع الاحداث، وقد تحول جسدها الي كتلة نار تأكلها حية، وضعت جميع نزواته في كفة وحبه لريم في كفة أخري فثقلت كفة ريم.. وشعرت أسماء ان نهاية حياتها مع خالد تكاد تنهار وتأكدت من كلمة النهاية في اليوم الذي طلب منها خالد ان يتحدث معها، جلس امامها في حزم واخبرها ان الطلاق أمر لا مفر منه لأنه لن يستطيع ان يجعل مع ريم في قلبه شريك ، لان حبه لها يجب الجميع، يومها لم تشعر أسماء بنفسها الا وهي تقبل قدميه وتحايله لكي لا يطلقها وان يتركها خادمة لأبنتيها، فهي لم تحب غيره ولن ترضي بغيره بديلا، كان قاسيا واخبرها ان طلاقهما امر حتمي وهنا انهارت أسماء ووقعت علي الأرض حاول خالد ان يجعلها تستفيق ولكن جميع محاولاته فشلت ،كان اغمائها خطير، حملها ووضعها في سيارته، وانطلق بها الي المستشفى وهناك طلب الطبيب بعض الفحوصات لأن حالتها كانت يرثي لها، طلب خالد في اليوم التالي من امه ان تصطحب أسماء الي المستشفى وتساعدها لأنه مشغول في امر ما .

الحب الأعمى

 وكان هذا الأمر هو زواجه من ريم ، خالد يتزوج وأسماء في دوامة الفحوصات ، خالد يقضي شهر العسل في المالديف مع ريم، وأسماء تعلم من طبيبها عن اصابتها بسرطان في مرحلة متقدمة ينبئ بنهايتها قريباً، وتسال نفسها هل أخطأت  حين تزوجت من خالد، لو كنت أعرف انه لن يحبني مهما فعلت ومهما تزينت، ولكن كان السؤال الأكثر ترددا في قلبها هل سيعيش خالد هانئ البال وقد قضي علي أم البنات ،وجعلها فريسة لمرض ينهشها، هل سيظل في غفوته حتي يستيقظ يوما وهو يتلقى العزاء فيها، كانت تظن ان ضميره سيؤنبه ولكن ان بعض الظن اثم...

تم نسخ الرابط