بدون رئيس أو حكومة
ذكرى انفجار مرفأ بيروت.. كيف تحول لبنان إلى ساحة للحروب الداخلية والخارجية؟
تمر اليوم الذكرى الرابعة لـ انفجار مرفأ بيروت، والذي وقع في 4 أغسطس 2020، وتسبب في تدمير العاصمة اللبنانية، بعد انفجار عنبر كان يحتوي، على 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم شديدة الانفجار، والتي كانت مخزنة بدون اتخاذ اجراءات واحتياطات الوقاية والسلامة اللازمة، منذ مصادرتها من سفينة في عام 2014.
وحسب البيانات الرسمية اللبنانية، تسبب انفجار مرفأ بيروت في مقتل 220 شخصا، وإصابة حوالي 6500 آخرين، وترك أضرارا مادية كبيرة في الأحياء السكنية والتجارية بالعاصمة اللبنانية، مع تدمير 50 ألف وحدة سكنية وتشريد 300 ألف شخص، وقدرت وقتها الخسائر المادية للانفجار بحوالي 15 مليار دولار، في بلد يعاني اصلا من أزمات اقتصادية وسياسية طاحنة.
خسائر انفجار بيروت
ورغم فداحة الخسائر البشرية والمادية الناتجة عن انفجار مرفأ بيروت، إلا ان الحقيقة مازالت غائبة حول المسؤولين عنه، بعد عرقلة التحقيق في الحادث عن توجيه لوائح اتهام نهائية، بسبب الخلافات المستمرة بين القوى السياسية والطائفية اللبنانية، حول مرجعية متفق عليها لاستجواب وزراء ومسؤولين ووقادة أمنيين سابقين تدور شبهات حول اتهامهم بالتقصير في الانفجار الكبير.
وبعد انفجار مرفأ بيروت، استمرت، بل وتعمقت، الأزمة السياسية والاقتصادية التي يعيشها لبنان، والتي تفاقمت من قبل الانفجار، ففي مارس 2020، تم الإعلان عن تخلف لبنان عن سداد قروضه والتزاماته الدولية، للمرة الأولى في تاريخه، وذلك بعدما وصلت احتياطات البلاد من العملة الصعبة مستويات حرجة وخطيرة، وبعدها وقع الانفجار الكبير في مرفأ بيروت في أغسطس.
أزمات لبنان
وفي يونيو 2021، شهد لبنان أزمة كبيرة في توفير الوقود للمواطنين، وفي نفس الشهر اقتحم المواطنون من أصحاب الودائع البنوك اللبنانية، بعد منعهم من سحب أموالهم، وفي فبراير 2023 انهارت العملة اللبنانية حيث وصل سعر الدولار إلى 80 الف ليرة لبنانية، لتضطر الحكومة بعدها إلى تسعير السلع والخدمات بالدولار، ثم وصل احتياطي العملات الأجنبية في يونيو 2023 إلى أقل من 9.5 مليار دولار.
ويعيش لبنان حالة من الفراغ السياسي، مع شغور منصب رئيس الجمهورية، بعد انتهاء فترة الرئيس السابق ميشيل عون في آخر أكتوبر 2022، وفشل مجلس النواب في انتخاب الرئيس الجديد، وما زاد من حالة الفراغ السياسي، أن الحكومة اللبنانية نفسها برئاسة نجيب ميقاتي اعتبرت مستقيلة مع توقيع الرئيس عون مرسوما رئاسيا بذلك مع نهاية فترته.
وتحول لبنان إلى ساحة للصراع و الحروب قبل وبعد انفجار مرفأ بيروت، بين القوى السياسية والطائفية في البلاد، والتي تحولت إلى ما يشبه الميلشيا السياسية والعائلية، ومع اندلاع حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، قررت جماعة حزب الله، المهيمنة سياسيا وعسكريا في البلاد، دعم المقاومة الفلسطينية في غزة، من خلال فتح ما أسماه بجبهة إسناد ضد الجبهة الشمالية للكيان الإسرائيلي، لتندلع حرب "عض الأصابع" بين الاحتلال وحزب الله، وهو ما أثر بالطبع على الأوضاع في جنوب لبنان خصوصا.
سياسة الاغتيالات
وبعد عودة الاحتلال الإسرائيلي غلى سياسة الاغتيالات، ونجاحه في اغتيال قادة كبار في حزب الله، واغتيال القائد السياسي لحركة حماس في العاصمة الإيرانية طهران، أصبحت الحرب الشاملة في المنطقة أقرب من أي وقت مضى، مع تهديد طهران بالانتقام من تل أبيب، بنفسها، أو عبر حلفائها في المنطقة وفي مقدمتهم حزب الله، لينتظر اللبنانيون حربا أخرى ربما لن تجد ما تدمره في بلد خربه أبناؤه قبل أعداؤه.