رئيس مصر لمدة 24 ساعة
زكريا محي الدين.. الصندوق الأسود لثورة 23 يوليو وأول ثعلب مخابرات
ولد زكريا محي الدين، في 7 مايو 1918، في كفر شكر بمحافظة القليوبية، لعائلة كبيرة ومعروفة، والتحق بمدرسة العباسية الابتدائية، ثم مدرسة فؤاد الأول الثانوية، ثم دخل الكلية الحربية في 6 أكتوبر 1936، وتخرج فيها في 6 فبراير 1938، برتبة ملازم ثان، ليخدم في سلاح الإشارة في منقباد بصعيد مصر، وبعدها التحق بكتيبة بنادق المشاة بالإسكندرية، ثم عاد إلى منقباد سنة 1939، ليلتقي مع جمال عبد الناصر هناك، ثم سافر إلى السودان عام 1940، ليخدم هناك مع عبد الناصر وعبد الحكيم عامر.
وتخرج من كلية أركان حرب عام 1948، ليشارك بعدها في حرب فلسطين عام 1948، وأثبت شجاعة كبيرة في المعارك بالمجدل وعراق سويدان والفالوجا ودير سنيد وبيت جبريل، ثم كلف بالاتصال بالقوة المحاصرة في الفالوجا بالاشتراك مع صلاح سالم، ليتجدد اللقاء مع جمال عبد الناصر، ومع نهاية الحرب عاد للقاهرة ليعمل مدرسا في الكلية الحربية ومدرسة المشاة وكلية أركان حرب، وذلك حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952.
وانضم زكريا محي الدين إلى تنظيم الضباط الأحرار، وكان عضوا في خلية عبد الناصر، ووضع خطة التحرك ليلة 23 يوليو، وترأس عمليات الضباط الأحرار، وأصبح المشرف العام على تحركات الوحدات في هذه الليلة، كما قاد عملية محاصرة القصور الملكية في الإسكندرية، وقاد أيضا عمليات القوات التي تحركت إلى الإسكندرية لعزل الملك فاروق.
مناصب زكريا محي الدين
بعد نجاح ثورة 23 يوليو كان من ضمن أعضاء مجلس قيادة الثورة، وأسس جهاز المخابرات العامة المصرية، وكان أول رئيس له بين عامي 1954 و1956، وكان رئيسا لمكتب الادعاء في محكمة الثورة، كما تولى وزارة الداخلية عام 1953، إضافة إلى توليه رئاسة اللجنة العليا للسد العالي.
وقرر الرئيس جمال عبد الناصر تعيينه نائبا لرئيس الجمهورية في 18 أكتوبر 1961، مع احتفاظه بمنصبه وزيرا للداخلية، وذلك حتى 27 سبتمبر 1962 ليترك وزارة الداخلية بعد تعيينه عضوا في مجلس الرئاسة، مع منصبه نائبا لرئيس الجمهورية، كما تولى رئاسة الجهاز المركزي للمحاسبات في 11 أبريل 1964.
كلفه عبد الناصر بتشكيل الحكومة في أول أكتوبر 1965، واحتفظ بوزارة الداخلية، وذلك حتى تقديم استقالته في 10 سبتمبر 1966.
زكريا محي الدين رئيسا للجمهورية
وبعد نكسة 5 يونيو 1967، قرر عبد الناصر ترشيحه لرئاسة الجمهورية خلفا له، بعد التنحي عن الرئاسة في 9 يونيو، وذلك حسب المادة 110 من الدستور، ولكن زكريا محي الدين رفض ذلك بشدة وقدم استقالته في بيان ألقاه يوم 10 يونيو، وتمسك بعودة عبد الناصر للسلطة للحكم. قدم استقالته.
وفي 19 يونيو 1967، عينه عبد الناصر نائبا لرئيس الوزراء في الحكومة التي شكلها بنفسه، إضافة لمناصب "محي الدين" الأخرى، وهي رئيسٍ لجنة السد العالي، وعضوٍ لجنة الدفاع الوطني، ورئيسٍ مجلس الدفاع، وعضوٍ اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكي العربي، كما تولى الإشراف على قطاع الزراعة والشباب وأمانة لجنة الاتحاد الاشتراكي لمحافظة القاهرة، ورئاسة الجنة العليا لأموال أسرة محمد علي المصادرة، وقائد المقاومة الشعبية.
الاعتزال والصمت
وقرر زكريا محي الدين اعتزال الحياة العامة والابتعاد عن الأضواء تماما، حتى وفاته في 15 مايو 2012، عن عمر يناهز 94 عاما، وشيع جثمانه في جنازة عسكرية تقدمها المشير حسين طنطاوى القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وكمال الجنزورىن رئيس الوزراء، والفريق سامى عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة، واللواء مراد موافى، رئيس جهاز المخابرات العامة، ودفن في مقابر العائلة بكفر شكر.
ويعتبر زكريا محي الدين الصندوق الأسود لثورة 23 يوليو، حيث التزم بكتم الأسرار بسبب توليه للعديد من المناصب الحساسة مثل رئيس المخابرات العامة ووزارة الداخلية، ويقول عنه ابنه "محمد": "كان يكره الثرثرة، ورأيته كثيرا يشاهد من يتحدث عن ذكرياته أو مواقفه، فيقول: ما هذه التفاهة؟ أين الموضوع؟".
ولكن محمد يؤكد أيضا ان زكريا محي الدين لم يصمت تماما، حيث أجرى مقابلات صحفية قليلة رغم كرهه لها، وأبرزها لقاءاته مع محمد حسنين هيكل ليعطيه معلومات في كتابه "الانفجار".