لم يفوت رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن أن يؤكد على ضرورة الانقسام الفلسطيني بتوجيه الاتهام لحركة حماس لفعلتها في السابع من أكتوبر 2023.. في كل مناسبة، ناسيا أو متناسي أن ما يحدث وما حدث في غزة ليس من فعل حماس بمفردها ولكن بمشاركة جميع الفصائل بما فيها حركة فتح التي يشارك جناحها العسكري شهداء الأقصى بجانب كتائب الفصائل الفلسطينية الأخرى في المقاومة بقطاع غزة..
فضلا عن أن القطاع المحاصر منذ 18 عاما قد فاض به الهم والغلب فانتفض بضربة موجعة ومؤلمة للاحتلال.. ضربة ورطت الاحتلال في ارتكاب جرائم أظهرت للعالم الوجه الحقيقي للمحتل ومن الممكن لو أحسن العرب استخدام الموقف الدولي الرسمي والشعبي المساند للقضية والشعب الفلسطيني بعيدا عن عتبات العم سام وأعوانه في لندن وبرلين وباريس لحصل العرب والشعب الفلسطيني على مبتغاه. بقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس.
وكان على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بدلا من كيل الاتهامات لحماس أن يحرك قواته الأمنية الساكنة للتصدي للقوات الإسرائيلية والمستوطنين الذين يقتلون الفلسطينيين ويحرقون أملاكهم ويستولون عليها أمام مرأى عين سلطته بدلا من قتل المقاومين وإيقاف البعض منهم بسجون السلطة..
كان على أبو مازن أن يدعو القادة في حصة الإنشاء التي عقدت بالمنامة عاصمة البحرين، إلى اتخاذ موقف يليق بالتضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني لا أن يزيد من حدة الانقسام.
عباس رئيس السلطة الفلسطينية يخشى من اليوم التالي لغزة الذي من المؤكد أنه لن يكون له مكان فيه. لذلك هو ونتنياهو وجهين لعملة واحدة ويتشاركان ذات المصير، كلاهما سيذهب بلا عودة.
عباس يعلم ويدرك تماما أن قيام الدولة الفلسطينية، أو وقف حرب الإبادة يعني إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية سيكون عباس خارجها بنسبة أكثر من 100 في المئة.. لذلك هو مشغول بتحميل حماس وزر هذه الحرب وليس لديه مانعا بالجلوس على مقعد السلطة بفوهة مدافع إسرائيل وأمريكا.. ويحاول ويصر دائما في كل محفل دولي أو محلي أو إقليمي أن يفرغ طلقات الاتهام لحماس.
وفي الوقت ذاته يخرج رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية يحذر من أي تسوية تستبعد الحركة من غزة.. وتصدر الحركة بياناً تأسف فيه لكلمة أبو مازن، مؤكدة أن العدو الصهيوني الذي يُعْمِل في شعبنا الأعزل قتلاً وإرهاباً وتنكيلاً، منذ أكثر من ستة وسبعين عاماً، في غزة والضفة والقدس والداخل المحتل؛ لا ينتظر الذرائع لارتكاب جرائمه بحق شعبنا في جميع مراحل ومحطات النضال الوطني منذ العام 1948.. وأن عملية طوفان الأقصى أعادت وضع القضية من جديد، على رأس سلم الأولويات، وتُحَقِّق مكاسب استراتيجية تقرّبنا أكثر من الحرية وتقرير المصير.
من خلال متابعتي للقضية الفلسطينية والانقسام الفلسطيني أرى وأتوقع أنه في المرحلة التالية لحرب الإبادة لن يختار الشعب الفلسطيني لا حماس ولا فتح.. ربما شخصيات بعينها من الفصيلين.. وهناك فصائل تقف على مسافة واحدة من كافة الأطراف وهي عضو مؤسس لمنظمة التحرير الفلسطينية وتقاتل كتائبها في غزة مثل الجبهة الشعبية والديمقراطية والشعبية القيادة العامة، لذلك أدعو القاهرة والدوحة والكويت والأردن والجزائر باعتبارهم أكثر الدول العربية إخلاصا للقضية الفلسطينية إلى التدخل بقوة لإنهاء الانقسام.. خاصة وأن تجربة غزة الحالية تؤكد وجود قيادات تسعى لحل القضية دون النظر لمكاسب سياسية وإعلامية والدليل وحدة الفصائل وكتائبها في غرفة عمليات مشتركة لمقاومة الاحتلال، علما بأن أي قرار يتم اتخاذه بشأن استمرار القتال أو وقفه لا يتم إلا بعد التشاور داخل هذه الغرفة.. وربما ذلك ما يؤلم أبو مازن وبعضا من رفاقه.
رحم الله الشعب الفلسطيني من الانتهازية السياسية لدى حماس وفتح والانقسام.