يصادف تاريخ الإحتفال بـ اليوم العالمى للغة العربية في يوم الثامن عشر من شهر ديسمبر من كل عام، وذلك في إطار دعم وتعزيز تعدّد اللغات والثقافات في الأمم المتّحدة، وتعدّ اللغة الرسمية في كل دول الوطن العربيّ ، مما تميزت به اللغة العربية عن باقي لغات العالم أنّها تنطوي على العديد من الأساليب اللغوية ، كالفصحى، والعامية، والأساليب الشفهية، والمكتوبة بالإضافة للتنوع الفني في الخطوط الكتابية، والنثرية، والشعرية، والعلمية ، وعلاوة على ما تقدم ذكره فإنّ مما يميز اللغة العربية، هو قدرتها على نقل العلوم ، والمعارف من مختلف اللغات، والحضارات .
وحيث أن العناية بـ اللغة العربية هو أحد ركائز القضاء في أداء رسالته السامية ، ولما كانت الأحكام القضائية عنواناً للحقيقة ، ولأن اللغة هي وسيلة الإيصال والإتصال ، فإن العناية باللغة العربية في الأحكام القضائية تعد مهمة أهمية الحقيقة نفسها، لأن الحقيقة في الأحكام يُعبَّر عنها باللغة، إذ تأتي الأحكام القضائية مفسرة للنصوص القانونية بمناسبة تطبيقها على الوقائع، وإن إعمال قواعد الإقناع والاقتناع هو الذي يضفي المصداقية الحقيقية إلى الأحكــام القضائيــة، وهـذه تقــوم بشكــل أسـاسي على توظيف الأسلـم والأصح في صياغة الأحكام .
اللغة أساس العمل القضائي
من هنا كان إتقانُ اللغة العربية أهم المهارات الأساسية المطلوبَ توفرُها في من يمارس القضاء والتشريع، ولعل لغتنا العربية من أقوى اللغــات في التعبيــر، والإقنـاع ولمـا كـانـت عمليـة تسبيب الأحكام القضائية وتعليلِها تهدف إلي الإقناع، فإن تحقيق هذا الهدف لا يكون إلا باستعمال مستوى اللغة وقوتها فالمشرع يحتاج إلى اللغة في صياغة القانون، ووكيل النيابة يحتاج إليها في المرافعة وكتابة المذكرات، والقاضي يحتاج إلى اللغة في كتابة الأحكام، وليس مبالغةً القولُ أن اللغة تمثل نصف العمل القانوني أو العمل القضائي، فالعمل القضائي نصفه لغة ونصفه قانون ذلك أن الأفكار القانونية تظل حبيسة في الذهن إلى أن تنتقل إلى السامع أو إلى القارئ عن طريق اللغة كما يمكن القول أن رجال القضاء لا يتمايزون فيما بينهم بالعلم بالقانون بقدر ما يكون هذا التمايز بالثقافة اللغوية، فالعلم بقواعد اللغة ليس المقصود به التألق في أسلوب الكاتب أو المتحدث بل التمكن أيضاً من قواعد النحو نظراً لان اللغة العربية تختلف عن غيرها من اللغات في أن قواعد النحو تمثل جزءاً من معنى العبارة وأي خلل فيها يؤدي إلى اختلال المعنى، بل أن الخطأ في علامات الإعراب تقلب المعنى تماماً مما يتطلب معه ضرورة العلم بهذه القواعد التي من شأن العلم بها أن تؤدي العبارة المعنى المطلوب أو المعنى المقصود منها، دراسة علمية أدبية قضائيه إستطاع عرضها وتعليمها للأجيال المتتالية في كتابه الأدب القضائي المستشارأحمد فتحي مرسي نائب رئيس محكمة النقض ، وعضو مجلس الشوري وعضو المجلس الأعلي للصحافة المتوفي عام 1996 .
القضاء واللغة فى التاريخ
يشار الى أن ما بين القاضي واللغة علاقة أبدية سحرية ولهذه العلاقة في التاريخ أصبح له مكانة مرموقة منذ أن عرف هذا المنصب ، ومن ثم فقد أُنيطت بهم الأعمال والمهام الخطيرة ، وفُوِّضت إليهم الأعمال الجليلة ، فقد نقل ابن كثير في (البداية والنهاية) في ترجمة قاضي قُضاة الشافعية تاج الدين ابن بنت الأعز أنه "كان بيده سبعة عشر منصبًا؛ منها: القضاء، والخطابة، ونظر الأحباس، ومشيخة الشيوخ، ونظر الخزانة نستخلص أن من الطبيعي أن يتميز القاضي في بلاغته وثقافته في تشريعه وأحكامه ومرافعتة وكتاباته باختيار العبارة اللغوية المرنة التي تتسع لكل الصور ، سواء بصورة موجودة او محتملة مستقبلاً ، تخاطب الجميع بمختلف إدراكهم وثقافتهم وأفهامهم من خلال عبارة بسيطة سهلة واضحة يمكن يفهمها كل الناس بإيحاز ووضوح.