شاء من شاء ويرفض من يرفض فإن حزب الله يخوض معركة دفاعاً عن الشرف اللبناني، وتحرير أراضيه المحتلة وهي مزارع شبعا، التي احتلتها إسرائيل عام 1967، ضمن احتلال هضبة الجولان السورية، وتواطئ مجلس الأمن والأمم المتحدة بتمكين إسرائيل من احتلالها باعتبارها أرض سورية محتلة لكونها كانت خاضعة للإشراف السوري وقت النكسة، علما بأن الخرائط الفرنسية كدولة احتلال لسوريا ولبنان، خاصة خريطة مارس 1932، توضح أن منطقة مزارع شبعا جزء من لبنان، وحتى مع ظهور خارطة فرنسية أخرى عام 1946 توضح أنها جزء من هضبة الجولان السورية لكنه في كلا الخريطتين كما يقول الأخوة اللبنانيين مزارع شبعا أرض عربية أعيدوها لنا ونحن والسوريين نتفاهم.
نعم.. ألم يكن قطاع غزة منذ العام 1948 واقعاً تحت الإدارة المصرية والضفة الغربية تحت الإدارة الأردنية، وتم احتلالهما عام 1967، وكان من حق مصر أن تعيد القطاع لها إبان معاهدة كامب ديفيد عام 1979، ولكن الرئيس السادات رفض، كما لم تسع الأردن في تطبيعها لاستعادة الضفة، بزعم أن ذلك يقضي على القضية ، علماً بأنه لو تم استعادة قطاع غزة والضفة لتمكنا من إقامة دولة فلسطين.
طوفان الأقصى وأولى البأس
طوفان الأقصى ومعركة أولى البأس في لبنان كما أطلق عليها الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، هما معركة شرف تخوضها المقاومة العربية في وحدة ما يعرف بوحدة الساحات، وحدة فشل أو أمتنعت الأنظمة العربية عن تحقيقها.. ففي لبنان تشارك الفصائل الفلسطينية التي ولدت وترعرعت ونبتت على أرض لبنان العربية الشقيقة، في معركة التصدى للاحتلال الإسرائيلي، فقد زفت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى (الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) استشهاد عدد من مقاتليها على الحدود اللبنانية الفلسطينية خلال التصدي لمحاولة الاحتلال الإسرائيلي التسلل للأراضي اللبنانية، أذكر منهم "محمد محمود علي وعبد الهادي نزيه بريش وسليمان عماد حسن" ومثل هذه الأمور لا يهتم بها الإعلام كثيراً، خاصة الإعلام العربي العبري، الذي يصف المقاوم المدافع عن شرفه بالإرهابي.
الوحدة الفلسطينية
وفي ذات الوقت تخوض المقاومة الفلسطينية مجتمعة فيما عرف بغرفة العلميات المشتركة، معركة شرف أخرى مقدمة نموذج للوحدة الفلسطينية بعيداً عن السلطة المنبطحة، مع العلم بأن كتائب شهداء الأقصى وكتائب الشهيد عبد القادر الحسيني (وهي أذرع مسلحة لحركة فتح المستحوذة على السلطة) تشارك في المعركة السامية لتحرير فلسطين وفك الحصار المفروض على قطاع غزة لأكثر من 16 عاما والعمل على قيام دولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو / حزيران 1967.. وإن كانت المقاومة تتنازل في ذلك عن الحق الفلسطيني في كامل الأرض من البحر المتوسط غرباً وحتى الضفة الغربية لنهر الأردن شرقا أي من النهر للبحر.
المقاومة العربية
حزب الله خاض معركة الإسناد للمقاومة الفلسطينية منذ الثامن من أكتوبر 2023، والآن يخوض "معركة أولى البأس" لمنع الجيش الإسرائيلي مع احتلال جنوب لبنان مرة ثالثة، والفصائل العراقية التي ترسل يومياً منذ اندلاع طوفان الأقصى نحو 5 مسيرات للأراضي المحتلة، وجماعة أنصار الله باليمن لم تتوقف لحظة عن حماية الجنوب من خلال منع وصول المساعدات العسكرية واللوجستية والغذائية للاحتلال بغلق الطريق عبر مضيق باب المندب جنوب البحر الأحمر، تماما كما فعلت اليمن مع مصر عقب هزيمة يونيو 1967، إلى جانب المسيرات والصواريخ المجنحة المرسلة للأراضي رغم العوائق العربية كل هؤلاء نطلق عليهم المقاومة العربية المدافعة عن الشرف العربي، الذي باعته الأنظمة العربية بثمن بخس، بل إنهم باعوا شرفنا مقابل الانبطاح داخل البيض الأبيض للحصول على بركة وإحسان العم سام، دون الحصول على مكاسب سوى الخيانة.
الشعب له المقاومة ولكم النتن ياهو
الانقسام العربي بين أنظمته شيء معروف منذ قديم الأزل، وخيانتهم لبعضهم معلومة والأدلة موجودة، لكن الجديد في طوفان الأقصى وأولى البأس أنهما كشفا عن الانقسام بين الشعوب وأنظمتها.. فمثلا المغرب الإبراهيمية يتظاهر أهلها منذ السابع من أكتوبر 2023 دون انقطاع منددين بالتطبيع والصمت على الإبادة الإسرائيلية للشعبين الفلسطيني واللبناني، وأيضا موريتانيا إلى جانب التظاهر المحدود جمع أهلها قرابة الربع مليون دولار لشراء مساعدات للعشب الفلسطيني في قطاع غزة وتم تسليمها لمندوب حركة حماس في نواكشوط، والأردن لا تتوقف فيها المظاهرات اليومية الليلية المحاصرة للسفارتين الإسرائيلية والأمريكية والتي تقول " كل الأردن حمساوية/ لا سفارة إسرائيلية/ لا سفارة أمريكية/ لا قواعد أجنبية/ على الأرض الأردنية/ وتطالب بإلغاء التطبيع" أما اليمن والعراق فهم يرسلون طوال أيام الأسبوع المسيرات والصواريخ ويصطادون السفن وفي كل جمعة مسيرات شعبية لتأييد نضال الشعبين اللبناني والفلسطيني.. أما الشعب المصري الذي فرض عليه الخرس فهو يناضل ويؤازر عبر صفحات التواصل الاجتماعي ولم يتأخر عن التبرع والدعم للأخوة الفلسطينيين في قطاع غزة والمتواجدين على أراضيه، حتى يأتي الله لهم بالفرج.
الأنظمة العربية
خلاصة قولنا، أن الأنظمة العربية رأت في الانبطاح بالبيت الأبيض والصلاة على حائط المبكى، آيات منجيات توصلهم للبقاء على مقاعدهم.. والسمع والطاعة العمياء للعم سام ومدللته إسرائيل يضمن لهم جنة البقاء على مقاعدهم الوفيرة، دون النظر أن شاه إيران رضا بهلوي كان راكعا خاشعا في محراب الأمريكان الذين انقلبوا عليه بالثورة الإيرانية الإسلامية باستدعاء الخميني من فرنسا لتزعم الثورة على كلٍ الأنظمة العربية اختارت البيت الأبيض وحائط المبكى الإسرائيلي بديلا للأقصى والكعبة والمسجد النبوي وكنيسة القيامة، وينتظرون لحظة يتكلم فيها الحجر والشجر والشعوب اختارت المقاومة قبلة لها للوصول إلى الصلاة بالأقصى وكنيسة القيامة والمسجد النبوي والطواف حول الكعبة، لقناعتها بأن المقاومة هي الطريق لكي يتحدث الحجر والشجر، من منطلق "أسعى يا عبد والله يسعى معك".
عموماً، المقاومة أعلنت الوحدة التي ننشدها جميعاً مؤكدة أن الوحدة بالشعوب وليست بالأنظمة، ولذلك أنتم لكم البيت والمبكى وصفحة النسيان في التاريخ.. ونحن لنا المقاومة التي سيذكرها التاريخ.
وداعاً.