الأولى و الأخيرة

بحثا عن الشبح

تشكيل وحدة أمريكية إسرائيلية خاصة للتنقيب عن السنوار تحت أرض غزة

موقع الصفحة الأولى

تحت أرض غزة.. من المعروف أن الدول والأفراد ينقبون في باطن الأرض بحثاً عن البترول، والذهب، والمعادن، والآثار.. لكن التنقيب عن البشر في باطن الأرض هذا هو الجديد..
الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل قاما بتشكيل وحدة خاصة مشتركة استخباراتية وعسكرية للبحث عن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار تحت الأرض في قطاع غزة.


ووفقا لذلك قام جهاز المخابرات الإسرائيلية "الموساد" وجهاز الأمن الداخلي "الشاباك" بتشكيل وحدة خاصة مهمتها العثور على السنوار، بمشاركة أمريكا التي أرسلت وحدة قتالية خاصة تابعة لوزارة الدفاع " البنتاجون " ومجموعة استخباراتية تم تشكيلها من الوكالات التابعة لجهاز الاستخبارات الأمريكية"CIA".  
وهو ما أكده مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض "جيك سوليفان" بقوله «لقد كرسنا جهوداً وموارد كبيرة للإسرائيليين للبحث عن قادة حماس، خصوصاً السنوار.. وأضاف: لدينا أشخاص في إسرائيل يعملون على حل هذه المشكلة".. وهو ما اعترفت به تل أبيب إذ قال مسؤول إسرائيلي كبير " إن الدعم الاستخباراتي الأمريكي لا يقدر بثمن  ".
وذلك ما كشفت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، والتي أفادت أن واشنطن قدمت لإسرائيل رادارا تخترق موجاته الأرض للمساعدة في ملاحقة رئيس المكتب السياسي لحماس يحيى السنوار، ورسم خرائط لمئات الأميال من الأنفاق التي يعتقدون أنها موجودة في قطاع غزة. 
مصادر عسكرية ومخابراتية أمريكية كشفت لصحيفة " نيويورك تايمز " قيام المخابرات الأمريكية بتقديم معلومات لنظيرتها الإسرائيلية عن بعض الأنفاق وقادة حماس أملاً في عثور الإسرائيليين على الرهائن الأميركيين، لكن إسرائيل لا تهتم بهذا الأمر بالشكل المفترض، وذلك من خلال رادارا يخترق الأرض نشره الأمريكان للمساعدة في رسم خرائط لشبكة الأنفاق الواسعة، مع صور جديدة مقترنة بمعلومات استخباراتية إسرائيلية تم جمعها من مسلحي حماس الذين تم اعتقالهم.

تعددت المحاولات والفشل واحد 

محاولات البحث عن السنوار الذي بات شبحاً تطارده أجهزة التجسس المتقدمة والعملاء لم تتوقف منذ إندلاع حرب الإبادة الجماعية رداً على طوفان الأقصى الذي أحرج أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية المتقدمة الأمريكية الصنع..
تعددت محاولات الوصول للسنوار الملقب بـ"الرجل الحي الميت" والتي كان أخرها في بدايات شهر أغسطس الجاري، حيث كشف قائد الفرقة 98 بالجيش الإسرائيلي اللواء جولدفوس عن فشل محاولة لاعتقال السنوار وفقا لمعلومات استخباراتية أفادت بوجوده داخل مجمع أنفاق معقد بمدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، وتم اقتحام مجمع الأنفاق المعقد، وكان الجو حاراً للغاية وعند وصولنا _ والكلام لجولدفوس _وجدنا قهوة ساخنة والكثير من المال والأسلحة ووثائق، مما يعني أنه غادر قبل دقائق من وصولنا.. وذلك وفقا لمقابلة أجرتها القناة الـ 12 الإسرائيلية وتصريحات لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أدلى بها جولدفوس.
ولم تكن هذه هي المحاولة الأولى للوصول للسنوار، ففي الشهر الخامس من بدء حرب الإبادة الجماعية وتحديدا شهر فبراير 2024 ، رصدت أجهزة التجسس الأمريكية الصنع الموجودة في قطاع غزة تواجده في نفق بمدينة غزة، وبعد اقتحامه اكتشف جنود الاحتلال مقطع فيديو تم التقاطه في شهر أكتوبر 2023، يظهر فيه السنوار وعائلته وهم ينتقلون إلى مخبأ آخر ، وقد تناقلت وسائل الإعلام العربية والدولية ذلك المقطع الذي بثه جيش الاحتلال. 
وفي أواخر ديسمبر، تفاخر وزير الدفاع، يوآف جالانت، بأن السنوار يسمع جرافات جيش الدفاع الإسرائيلي فوقه، وسوف يواجه براميل بنادقنا قريبا، عندما بدأت الوحدات العسكرية الإسرائيلية بحفر الأنفاق في إحدى مناطق مدينة غزة،وفي نهاية الحفر لم يصلوا لشيء..وبات السنوار شبحا يؤرق مضاجع نتنياهو،والعسكريين، والسياسيين الإسرائيليين، والأمريكان.
وفي ذلك السياق قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن إسرائيل فشلت في الوصول إلى العديد من قيادات الصفّين الأول والثاني على المستويين السياسي والعسكري من حماس، لكنها حاولت اغتيال بعضهم، ومنهم من أصيب، ومنهم من نجا وخرج سالما من عمليات قصف في مناطق وأهداف مختلفة، لكن السنوار ليس من بينهم. 

لا أحد يعرف مكان الشبح    

السنوار الذي يصفه الإعلام الإسرائيلي والأمريكي والأوروبي الموالي للسياسة الصهيونية بالشبح لقدرته على التخفي، وعدم ظهوره في الأماكن العامة ، وندرة رسائله لأتباعه، ولا يعرف مكان تواجده سوى القليل من المقربين منه ويقدر عددهم بثلاثة أشخاص فقط ، يقومون بتأمين احتياجاته وتواصله مع قيادات الحركة بالداخل والخارج منذ انطلاق طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023.
ونقلت النيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، أن السنوار تخلى عن الاتصالات الإلكترونية منذ فترة طويلة مما جعله يتجنب شبكة استخباراتية متطورة ويُعتقد أنه يتواصل مع الحركة من خلال شبكة من "الرسل البشريين".. وهو ما يمثل لغزاً محيراً لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية بشأن كيفية عمل هذا النظام.
كما يحرص السنوار على عدم استخدام الهواتف المحمولة، خاصة بعد اغتيال إسماعيل هنية، مما شكل صعوبة في التواصل معه كما قال مسؤولون إسرائيليون، وقطريون ومصريون وأمريكيون لنيويورك تايمز، مشيرين إلى أنه كان يرد على الرسائل في غضون أيام، لكن حاليا يستغرق وقتا طويلاً للرد على الرسائل.
وتأكيداً لذلك كشف عضو جهاز الشاباك السابق الذي سبق له التحقيق مع يحيى السنوار في المعتقلات الإسرائيلية ميخا كوبي، أن السنوار كان يستخدم هاتف محمول يعمل بواسطة الأقمار الصناعية من داخل الأنفاق وأن وكالات التجسس الأمريكية والإسرائيلية رصدت محادثات بينه وبين قادة حماس في الدوحة ولكنها لم تتمكن من تحديد موقعه بدقة.. وهو ما أكدته صحيفة "نيويورك تايمز" نقلاً عن مسؤولين أمريكيين بأن إسرائيل تمكنت من رصد مكالمات ليحيى السنوار من داخل الأنفاق بمساعدة أجهزة تنصت أمريكية ولكنها لم تنجح في تحديد موقعه.

وأوضح كوبي في تصريحات لصحيفة "معاريف"الإسرائيلية أن وكالات الاستخبارات تمكنت من الحصول على لمحة عن حياته السرية، بما في ذلك إدمانه على الإستماع ومشاهدة وسائل الإعلام ونشرات الأخبار الإسرائيلية التي يحصل منها على المعلومات الاستخبارية، مشيراً إلى أن السنوار يحرك مقاتليه وفقا للتقارير الإعلامية التي تتناول أعداد القتلى في مختلف مناطق قطاع غزة، فضلاً عن متابعته للخلافات بالداخل الإسرائيلي ووفقاً لها يتحرك سياسياً..  
ويرى كوبي أن السنوار يتواصل حالياً مع مقاتليه ومسؤولي حماس في قطر من خلال مبعوثيه الذين يمرورون قراراته لذلك يستغرق الرد على الصفقة يومين أو ثلاثة أيام .. ويختتم كوبي حديثه لمعاريف بقوله " في نهاية الأمر يبقى السنوار منعزلاً جسدياً، ولكنه على اتصال بكل ما يحدث في الميدان".
وبالتزامن مع فشل إسرائيل في العثور عليه، أوضحت تصريحات لقادة حماس بأن السنوار لا يزال على تواصل مع قيادات الحركة بالداخل والخارج وأنه على إطلاع دائم ومستمر على كل ما يجري خصوصا ما يتعلق بالمفاوضات ، وكل مبادرة قدمت كان يدرسها بشكل جيد ويتمعن فيها ويبدي رأيه ويتشاور حولها مع قيادات الحركة من خلال التواصل معهم بطرق مختلفة لم يتم الإفصاح عنها.

السنوار يتبع أساليب الموساد 

فيما كشفت صحيفة "إكسبرس" البريطانية نقلاً عن أحد قادة جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) والمشارك في البحث عن السنوار "شالوم بن حنان" أنه من خلال عمليات اقتحام بعض الأنفاق للقبض على السنوار أكتشفنا أنه لا يجلس في أنفاق أو مناطق خاصة تحت الأرض لمدة تزيد عن 24 إلى 36 ساعة في المرة الواحدة .. ويرجح شالوم بن حنان أن يكون مختبئا في مكان واضح، ولا يستبعد تخليه عن الاختباء في أنفاق غزة والاختباء بين الفلسطينيين متنكرا بزي امرأة، خاصة وهو يعلم أننا نبحث عنه باستخدام التكنولوجيا المتقدمة والذكاء البشري ، أو نجد مصادر تخبرنا بمكانه، فسوف نصل إليه، لذلك يتحرك كثيراً لتجنب الوقوع في خطأ قاتل بالنسبة له.
إكسبرس نقلت عن مصادر استخباراتية إسرائيلية أن السنوار يشعر بقلق بالغ بشأن سلامته الشخصية بإصراره على إضافة شرط جديد خلال محادثات وقف إطلاق النار الهشة في القاهرة بوقف اغتيال قيادات المقاومة الفلسطينية لحماية نفسه من انتقام إسرائيل ..
ولا تستبعد المصادر أستخدام السنوار لأسلوب الموساد في التخفي والتنكر للحفاظ على حياته ، وهو الأسلوب الذي أستخدم لاغتيال محمد الضيف حيث كشفت صحيفة "جويش كرونيكل" البريطانية أن نجاح عملية اغتيال قائد كتائب عز الدين القسام محمد الضيف يعود إلى مخبر من قطاع غزة وتنكر فريق "دوفدفان" السري الذي نفذ العملية بأنهم موظفون في الأونروا قادمون لتقديم المساعدات، والبعض الآخر كشخصيات دينية إسلامية جاءت لرفع معنويات الأشخاص الذين تم إجلاؤهم. وتمركز عميلان سريان آخران في منطقة المخيم وكانت مسؤوليتهما هي تسجيل وقت وصول الضيف، أحدهما تنكر كبائع خضار وآخر تنكر في زي رجل عجوز يرتدي ملابس رثة، ويبدو أنه متسول.
ووفقا لصحيفة إكسبرس البريطانية فإن القادة العسكريين الإسرائيليين يعتقدون أن القبض على السنوار أو قتله من شأنه أن يوجه الضربة القاضية النهائية لحركة حماس، مما يؤدي إلى تفككها وحلها ككيان .. فيما يعتقد المسؤولون الأميركيون _ وفقا لنيويورك تايمز_ أن ذلك يوفر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حجة للادعاء بأنه حقق نصراً عسكرياً كبيراً في الحرب ، ولكن من غير الواضح التأثير الذي يخلفه قتل السنوار على المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن ، وقد يؤدي التخلص منه إلى جعل خلفائه أقل استعداداً لإبرام صفقة مع إسرائيل.

تم نسخ الرابط