بعد عام وثلاثة أيام قضاها الإخوان في الحكم
30 يونيو .. ثورة الدفاع عن الهوية الوطنية وإنطلاق الجمهورية الجديدة
غيرت ثورة 30 يونيو مجرى التاريخ المصري المعاصر، وكتبت ميلاد مسار جديد من مسارات العمل الوطني الخالص، لتنطلق مسيرة الجمهورية الجديدة مرتكزة على دعائم التلاحم الشعبي لمجابهة التحديات التي خلفتها جماعة الإخوان، والتي كادت أن تحول مصر إلى إمارة تابعة لمخططات خارجية تحت وهم فكرة الخلافة.
البداية لم تكن في توقيت انطلاق الثورة، وإنما مهدت لها موجة ثورية سابقة في 25 يناير خرجت لمواجة حالة التردي التى صنعها الرئيس الأسبق حسني مبارك بعد مايقرب من 30 عاما في الحكم.
كانت مصر قبل 25 يناير 2011 قد تكلست وتجمد الدم في عروقها، وتوقفت عن مسايرة العالم في أبسط الامور، بينما وصلت حالة السخط الشعبي مداها بفعل تدخل أسرته في شئون الحكم، استعدادا لتوريث نجله الأصغر جمال مبارك.
كانت هذه الحقائق حاضرة مام قادة الجيش المصري، وأكدها تقرير سلمه اللواء عبدالفتاح السيسي مدير المخابرات الحربية في ذلك الوقت، للقائد العام للقوات المسلحة المشير طنطاوى فى أبريل 2010 تتضمن تقدير موقف يخلص فيه إلى توقع خروج الجماهير فى انتفاضة ثورية فى غضون عام، وشدد فيه علي ضرورة نزول الجيش دون إطلاق رصاصة واحدة على المصريين.
وهو ما جرى فعلا فى أحداث 25 يناير 2011، حيث حمي الجيش ثورة الشعب، التى أنتجت رئيسا جديدا للبلاد اختطفها لصالح جماعته فكان تهديدا عليها يفوق تهديد مبارك وبطانته.
بعد عام وثلاثة أيام
في 30 يونيو أنهي الشعب المصري حكم محمد مرسي وجماعته، بعد عام وثلاثة أيام فقط قضاها في الحكم، ارتكب خلالها أخطاء فادحة أنهت العلاقة بينه وبين الشعب في خلال هذه المدة الزمنية الضائعة من عمر مصر التي كانت البلاد فيها أحوج ما تكون لاستثمار كل يوم للبناء والتقدم والنمو والاستقرار.
احتشد المصريون لأول مرة في التاريخ بالملايين في الميادين، مطالبين بعزل محمد مرسي، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
كانت حركة تمرد الشبابية، قد مهدت الطريق لثورة 30 يونيو بجمع اكثر من 23 مليون توكيل شعبي لسحب الثقة من مرسي.
لعبت الحركة دورا مؤثرا وفاعلا في تحريك الرأي العام والشارع المصري باتجاه رفض حكم جماعة الإخوان وممثلها داخل القصر الرئاسي.
وفي الأول من يوليو 2013، كانت عيون المصريين وآمالهم معلقة علي وزير الدفاع آنذاك الفريق أول عبدالفتاح السيسى، فلم يخذلهم وخرج بيان القوات المسلحة يؤكد علي الظروف الخطيرة المحيطة بالوطن، وأن الشعب المصرى، لم يجد من يحنو عليه، وأمهلت القوات المسلحة في هذا البيان مهلة ٤٨ ساعة للجميع، وعلت حينها صيحات "الجيش والشعب إيد واحدة".
فواتير الدم والإرهاب
ومع تعنت أنصار الإخوان واندلاع عمليات إرهاب الشعب المصري عن مواصلة احتجاجاته، أعلن أعلن المتحدث العسكرى فى 3 يوليو أن قيادة القوات المسلحة تجتمع بقيادات سياسية ودينية شبابية، وبعد الاجتماع أذاع التليفزيون الرسمى بيانًا ألقاه وزير الدفاع عبدالفتاح السيسى، أنهى فيه رئاسة مرسى للبلاد، وتم تسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية العليا لإدارة شؤون البلاد لحين إجراء انتخابات رئاسية.
لم تكن ثورة 30 يونيو ، كاشفة فقط للزيف والأباطيل التي روج لها الإخوان خلال الفترة القصيرة التي أمضوها في حكم مصر، وإنما كانت ثورة مفصلية في تاريخ الوطن، صوبت مسارات الدولة المصرية الحديثة.
كانت ثورة 30 يونيو وما تلاها من فواتير الدم التى دفعها جنود القوات المسلحة والشرطة البواسل، ضرورة حتمية انقذت مصر من التفتيت والانهيار بسبب مخططات جماعة الإخوان.
كما كانت مؤذنا لبدء مرحلة تثبيت أركان الدولة، وتعزيز تماسك مؤسساتها واستعادة الاستقرار، وتمهيدا لمرحلة بناء الدولة الحديثة والمشروعات القومية العملاقة.
لقد كانت 30 يونيو بحق هي ثورة الدفاع عن الهوية الوطنية المصرية وإنطلاق الجمهورية الجديدة بكل آمالها وطموحاتها.